الأربعاء 26/يونيو/2024

أبو شنب في ذكرى استشهاده: مسيرة قيادي فلسطيني من النشأة حتى الاغتيال

أبو شنب في ذكرى استشهاده: مسيرة قيادي فلسطيني من النشأة حتى الاغتيال

يوافق الثلاثاء (21/8) ذكرى استشهاد القيادي الفلسطيني المهندس إسماعيل أبو شنب، ذاك الرجل ذي السيرة النضالية الطويلة، والقائد السياسي في “حماس”، والشخصية الوطنية والمصلح الاجتماعي، الذي اغتاله جيش الاحتلال الصهيوني في جريمة بشعة في مثل هذا اليوم من سنة 2003.

المهندس إسماعيل حسن محمد أبو شنب، الملقب بـ “أبي حسن”، وُلد في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة عام 1950، وذلك بعد عامين من تهجير عائلته خلال النكبة من قرية “الجيّة”، والتي تقع جنوب شرق المجدل وعسقلان، حيث استقرت أسرته في المخيم نفسه.

مثل السواد الأعظم من أبناء فلسطين الذي هُجّروا من ديارهم في نكبة عام 1948، عاش أبو شنب في المخيم وترعرع فيه، فالمخيم هو عالمهم، والفقر هو القاسم المشترك الذي يجمعهم.

في أسرته المحافظة، تشرب “الفتى أبو شنب” حب القرآن والدين، فوالده كان أمّياً لكنه كان يستطيع قراءة القرآن الكريم، وكان حريصاً على تعليم أبنائه، فما إن فتحت بعض مراكز تعليم القرآن الكريم أبوابها حتى سارع بإشراك إسماعيل وهو طفل صغير فيها، وقد قدّر له أن يحفظ حوالي نصف القرآن الكريم وهو ما يزال في المرحلة الابتدائية من تعليمه.

وفي مدارس اللاجئين، قضى إسماعيل مثل أقرانه معظم مراحل دراسته، حيث تأثّر كثيراً في بداية حياته بتوجّهات الأستاذ حماد الحسنات ورعايته، وهو أحد الدعاة في منطقة النصيرات، وهو من رجالات “حماس” أيضاً.

وقُدِّر للفتى إسماعيل أن يكبر قبل أوانه ويحمل على كاهله مسؤولية ورعاية عائلته بمساعدته أقاربه، بعد أن توفيّ والده بينما أشقاؤه أطفال هو أكبرهم، حيث كان ما يزال في المدرسة الابتدائية، وتولي رعاية العائلة بعض الأقارب، الذين رأوا أن تنتقل عائلة إسماعيل إلى مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، حيث يقطن العديد من أقاربهم هناك.

مسيرة الشرف

وضعت حرب عام 1967 أوزارها، وقد أنهى إسماعيل الصف الثاني الثانوي، وفي أول سني الاحتلال تقدّم إسماعيل مع من تقدّم من الطلاب لامتحان الثانوية العامة وحصل على شهادة “التوجيهية”، والتي لم تعترِف بها أيٍ من الدول العربية في ذلك الوقت، فالتحق بمعهد المعلمين برام الله ليدرس اللغة الإنجليزية.

ومن ثم تقدّم أبو شنب إلى امتحان الثانوية العامة مرة أخرى برعاية الحكومة المصرية، ليتم الاعتراف بشهادته، إلى جانب دراسته بمعهد المعلمين ونجح فيه، ثم تقدّم بطلب لمكتب تنسيق القبول للجامعات المصرية وتم قبوله فعلاً.

ترك إسماعيل الدراسة في المعهد رغم أنه لم يبقَ على تخرجه منه إلا أشهر معدودات، فقد كان طموحاً أكثر مما يمكن أن تقدّمه له الدراسة في المعهد العالي ذاك.

وبعد أن تقدم أبو شنب لامتحان الثانوية العامة للمرة الثالثة في مصر؛ حصل على فرصة أفضل تمكّنه من دخول كلية الهندسة، وقُبل في المعهد العالي الفني بشبين الكوم، وانتقل في السنة التالية إلى المعهد العالي الفني بالمنصورة والذي تحوّل فيما بعد إلى جامعة المنصورة، وتخرّج من كلية الهندسة بجامعة المنصورة عام 1975 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته.

وبعد أن رفض أبو شنب عرضاً بتعينه معيداً في الكلية، عاد إلى قطاع غزة، واشتغل مهندساً للمشاريع في بلدية غزة لمدة خمس سنوات، ومن ثم أرُسل ببعثة عن طريق جامعة النجاح بنابلس، وسافر إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الماجستير في هندسة الإنشاءات من جامعة كولورادو عام 1982.

ومع تواصل مسيرته التعليمية؛ عاد أبو شنب إلى جامعة النجاح ليدرّس فيها، ثم سنحت له فرصة إكمال دراسته مرة أخرى، فرجع إلى أمريكا للحصول على شهادة الدكتوراه، لكنّ جامعته الفلسطينية استدعته لحاجتها الماسة إليه، فقطع دراسته وعاد إلى الجامعة وعُيِّن قائماً بأعمال رئيس قسم الهندسة المدنية.

أبو شنب .. نقيباً للمهندسين

أما في مجال العمل النقابي؛ فيعتبر أبو شنب رائداً في هذا المجال، فهو من مؤسسي جمعية المهندسين الفلسطينيين في قطاع غزة عام 1976، وشغل عضوية مجلس إدارتها، ثم انتخب رئيساً لمجلس إدارتها ونقيباً للمهندسين في العام نفسه.

وأثناء عمله في التدريس بجامعة النجاح؛ كان له دور بارز في توجيه الحركة الطلابية والنقابية في الجامعة لتكون في موقع الريادة للمجتمع الفلسطيني في مواجهة المحتلين، وبعد عامٍ تقريباً من إغلاق الجامعة مع بداية الانتفاضة الشعبية السابقة استقال من منصبه الأكاديمي في أواخر عام 1988 وعمل مهندساً في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، حيث مارس عمله النقابي هناك حتى اعتقاله في أيار (مايو) لعام 1989، وعمل حتى استشهاده محاضراً في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية بغزة، ورئيس كلية العلوم التطبيقية بالجامعة.

وأبو شنب هو عضو مؤسس للجمعية الإسلامية بغزة عام 1976، والتي واكبت قيام المجمع الإسلامي، والذي كان له دور رئيس في استقطاب الشباب الفلسطيني وإنقاذهم من وحل الاحتلال الذي كان يحاول أن يستهدف هويتهم ويدمِّر أخلاقهم.

الانتفاضة

تأثّر أبو شنب بالشيخ الشهيد أحمد ياسين، مؤسس حركة “حماس”، منذ صغره، حيث كان يسكن في مخيم الشاطئ نفسه الذي يقطن فيه الشيخ ياسين آنذاك، حيث تعرّف في نهاية الستينيات على العمل الإسلامي من خلال الشيخ ياسين، وقويت هذه الروابط حينما ساهم أبو شنب في تأسيس الجمعية الإسلامية التي كانت امتداداً للمجمع الإسلامي الذي كان يرأس إدارته الشيخ أحمد ياسين في ذلك الوقت.

واضطلع أبو شنب خلال الانتفاضة الشعبية السابقة (1987 – 1993) بدور مميّز في قيادتها منذ الشرارة الأولى لاشتعالها، فمنذ اليوم الأول الذي اندلعت فيه الانتفاضة كلّفه الشيخ أحمد ياسين بمسؤولية قطاع غزة في تفعيل أحداث الانتفاضة، وكان نائباً للشيخ ياسين.

وعمل أبو شنب على متابعة كافة الأحداث التي تقوم بها “حماس” ومضى في تقوية هذه الثورة من خلال عوامل كثيرة وتطوير أساليبها حتى لا تقتصر على الحجر فحسب، كما عمل على تنظيم الأجهزة المتعددة للحركة وترتيبها، وتفرّد كلّ جهاز بعمله الخاص، حتى اعتقل في إطار الضربة التي وجهتها المخابرات الصهيونية لحركة “حماس”، وكان ذلك بتاريخ الثلاثين من أيار (مايو) 1989، ومكث في الأسر حتى أفرج عنه في الثاني من نيسان (أبريل) 1997.

لم يتوقّف نشاط أبو شنب خلال أسره، فمنذ اللحظة الأولى لاعتقاله أدرك أنه انتقل إلى مرحلة جديدة في العمل الجهادي، وهيّأ نفسه جيداً لهذه المرحلة، فكان مدركاً تماماً أنّ البداية ستكون صعبة جداً، وانتقل من التحقيق إلى التعذيب، ومن ثم إلى العزل الانفرادي، ليبقى صامداً في وجه سجّانيه الصهاينة.

وشكّل القيادي إسماعيل أبو شنب، داخل المعتقل، قيادة حركة “حماس”، وذلك بعد اعتقاله من سجن الرملة إلى سجن عسقلان، حيث أمضى بعد ذلك باقي مدة محكوميته البالغة ثماني سنوات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات