الإثنين 12/مايو/2025

أعداء غزة الظلاميون!

رشيد ثابت

“ظلاميون” هي أسهل كلمة يستعملها كتبة و”ترزية” ومخبرو وناطقو حركة فتح في السياسة والإعلام لوصف حركة حماس. هناك أيضا مصدر “الطلبنة” وكافة مشتقاته التي تحظى بشعبية في أوساط خلف جلد الأجرب حين يتحدثون عن الحركة الإسلامية! وأنا حقيقة قد أفهم أن يقوم إسلامي وسطي بانتقاد حركة الطالبان عن مسيرة حكمها التي دامت أربعة أعوام في القرن الماضي؛ وقد أتفهم أن يأتي هذا الانتقاد من غربي من أقصى بلاد الغرب في سويسرا أو اسكندنافيا حيث الناس ذوو خلفية ثقافية لا دور فيها للدين أو العائلة. قد أتفهم أن يأتي أناس كهؤلاء وينتقدوا حركة الطالبان؛ بالنظر لما كان يشاع ضدها من كذب؛ وبالنظر أيضا إلى حجم التحريض الإعلامي الذي مورس ضدها وضد الإسلام عموما في الغرب؛ وأخيرا لأن القوم فيهم كسائر بني البشر معايبهم؛ ولهم أخطاؤهم وقصر نظرهم أيضا. لكن أن يأتي هذا النقد كما تقدم من إسلامي يرى الأرض تحت أقدامه؛ أو من غريب ينتمي لثقافة أخرى حققت نجاحا في تأمين الحياة الدنيا لأتباعها – في مساحات محددة من هذه الدنيا – فهذا شيء؛ وأن يأتي النقد من أولاد دايتون في فلسطين وأشياعهم في العالم العربي شيء آخر! فهل من يوقع شعبه رهينة للمحتل؛ ويتآمر على إنفاذ مؤامرات عدوه بين أبناء شعبه مؤهل لتوجيه هكذا انتقاد؟ وهل من يستخدم الإسقاط الجنسي المخابراتي والتصوير في الأوضاع المخلة مادة لإرهاب السياسيين الكبار والأفراد الصغار مؤهل للسفر بعقله خارج الحدود للبدء في انتقاد الآخرين؟

وهل من يشرع حرق المؤسسات الخيرية والقتل على اللحية والهوية ويقتل الصحافيين ويصادر الصحف ويقتحم رابطة أدباء بيت المقدس عدة مرات ويصادر ما فيها ويدمر متاعها – هل هو مؤهل للحديث عن المدنية والنورانية؟ وهل من هوى بفساده الإداري بفلسطين إلى ما خلف الجماهيرية الليبية العظمى في مقياس الشفافية؛ قادر على أن يقول للناس أنهم أحسنوا أو أخطأوا؟ وهل من يعيش السياسة بالمراسيم الخرقاء وغير القانونية؛ ويرفض قرارات الجمهور وتصويتهم؛ ويرعى الجريمة المنظمة في أوكار أجهزته؛ ويجعل قوت شعبه “أمانة” في يد عدوه مؤهل لتقديم تجربة محترمة تصنف العالم بين ظلامي وغير ظلامي؟

لكن هذه هي فتح. “كبرة على خازوق” كما يقول المثل الفلسطيني المعروف؛ وفي فتح فقط وفي منهج فتح يمكن لمدع عام حدثت في عهده كل الجرائم الكبرى؛ ونشأت على عينيه لوبيات المخدرات والانفلات الأمني؛ وربت لحوم المجرمين من لوردات الأجهزة الأمنية – فقط في منهج فتح يمكن لشخص كهذا أن لا يجد أن من الوقاحة أن يخرج على الجمهور ليتحدث عن تجاوزات القوة التنفيذية لأنها منعته من تهريب ملفات الفساد! يا هذا؛ كيف يحق لك أن تتحدث عن الفساد وأنت واسطة العقد فيه؟ أم هل تظن أن حديثك وقت الانتخابات عن تحريك ملفات فساد بقيمة سبعمائة مليون دولار وعلى سبيل الدعاية الانتخابية لجثة فتح؛ ثم صمتك عن هذه الملفات صمتا مطبقا بعد أن انفض السامر قد غاب عنا وعن بالنا؟ وكيف يمكن لمحظي أمريكا – اسمه ورد حرفيا في قائمة استثناءات بوش من الحصار المفروض على حكومة حماس الأولى – أن يدل الشعب الفلسطيني على ما يكون وما لا يكون؟

وما يجري على الأمير ينسحب في فتح على الغفير. فكل صحافيي فتح وناطقيها يرون حماس “ظلامية” مع أنهم ينشطون في كنف إجرام مافيوي استحت الحركات المتمردة في أمريكا اللاتينية من رعاية ربع ربعه! وأخيرا ها هي فتح تنتقل من الظلامية البلاغية إلى ظلامية مادية ملموسة بالحواس؛ فيقوم سعدي الكرنز – أمين عام حكومة الطارئين – ورياض المالكي وحفنة أخرى من المأجورين بالإيحاء كذبا للاتحاد الأوروبي أن حماس سيطرت على شركة الكهرباء في غزة؛ فيتوقف الاتحاد الأوروبي عن دفع أثمان الوقود لتغرق غزة في ظلام دامس. غزة الآن تسبح في الظلام – ثلثها على الأقل – بسبب وساخة هذا الفرع الميت من فلسطين؛ فلا حماس يحق لها أن تحول المال لتدفع ثمن وقود الكهرباء؛ ولا الشركة تتلقى دعم الاتحاد الأوروبي كما جرت العادة. وفوق هذا كله لم يتوقف كذب المالكي عن أن حكومته أسهمت في التخفيف عن غزة وأسهمت في إعادة الوقود لكهربائها؛ فما دخل غزة اليوم كان وقود السيارات الخفيف؛ وأما محطة الكهرباء فهي لم تحصل على ما تريد لأن الأوروبيين مضوا خلف مزاعم سقط متاع فلسطين ولم يدفعوا ما عليهم؛ بالرغم من أن الشركة مستقلة إداريا وفنيا عن حماس ولا صلة لها بأي تشكيل حكومي في غزة كما أكدت حماس؛ وكما أكدت الشركة نفسها عبر مديرها المالي هاني سلمان الذي نفى ذلك على فضائية الأقصى؛ ونفاه أيضا مدير التشغيل والصيانة ضرار أبو سيسي.

أولاد دايتون يقيسون الفلسطينيين على نفوسهم الواطئة؛ ولذلك وهمهم وقلة فهمهم بكبرياء شعبهم يدفعهم للظن أن أهل غزة سيبيعون شرفهم بالكهرباء. صحيح أن الكهرباء ضرورية ولا غنى للناس عنها؛ لكن أهلنا في غزة وشعبنا عامة ليس بالذي يبيع مواقفه من أجل أي من متاع الدنيا. ولا يعني هذا ان الناس لن تغضب من أجل نقص الكهرباء؛ بل هي ستغضب؛ ويجب أن تغضب؛ وهي إن شاء الله ستنفجر فيمن يطاردها في معاشها ويتآمر عليها ويتعمد إغراق غزة بالنقص والحصار والظلام؛ مصيبا بالأذى حتى أتباعه المفترضين من جمهور فتح المخدوع بقادته العملاء. لذلك فإن من الوهم وقلة الحيلة وانحطاط الهمة أن يظن الكرنز والمالكي وباقي عصابة المقاطعة أن شعبنا فقد القدرة على الإدراك ومعرفة المخطئ من غير المخطئ فيما يجري؛ ومعرفة الظلامي من النوراني في معادلة الحرب بين الحق والباطل!

أما أوروبا فرغم إدراكي لكون النفاق والانتهازية خصلة حاضرة في العقل السياسي الأوروبي؛ فإنني أشك أن القوم سيضعون رهانهم على كهرباء غزة واستقرار غزة في كفة المراهنة على وسخ أولاد دايتون. هم نعم مع أولاد دايتون لأنهم أقرب لخياراتهم السياسية في استعمار فلسطين وتأمين دولة الكيان الصهيوني؛ لكنهم ليسوا بحمق استعداء غزة والجمهور كله في فلسطين من أجل عيني كَذَبَة لن يمر وقت طويل قبل أن تدول دولتهم! ومن يعش يرَ.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....