هل وحّدت حماس السلفيين والإخوان؟

صحيفة الشرق القطرية
منذ انطلاقتها في ديسمبر 1987 وحماس تصعد في شعبيتها على مستوى الرأي العام في الوطن العربي وعلى مستوى التيار الإسلامي والقومي الأكثر تعاطياً مع القضية الفلسطينية إضافة للحركة الوطنية الشاملة في البلدان العربية والإسلامية، حيث كانت حماس عند كل أزمة ومحنة جديدة تخرج منتصرة وتكسب المزيد من الأنصار والمدافعين رغم الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنّها عليها الوسائل الإعلامية المتعددة التابعة والمرتبطة بواشنطن أو بالحالة الرسمية العربية المعادية أصلاً لحماس فكراً وثقافة وعملاً نضالياً ميدانياً.
وكنت قد أشرت في مقالات سابقة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تعد منذ انطلاقتها فصيلاً كأحد فصائل التنظيمات الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين بغض النظر عن تفوق تلك التنظيمات أو إخفاقها وبغض النظر أيضاً عن حالة التفاعل الحقيقي التي يعيشها ذلك التنظيم في أقطار الوطن العربي مع حماس أو حالة التخلي عنها لأسباب أمنية أو فكرية أو اجتهادات قد يتصادم بعضها مع أصل فكرة المقاومة وتبعاتها في فلسطين ويدعون دائماً إلى التريث الأزلي.
لكن فكر الحركة انطلق مباشرة من مبادئ الدعوة الكبرى للأستاذ حسن البنّا رحمه الله وما رافقها وعاصرها في عملية الصعود الفكري الإسلامي تأصيلاً شرعياً أو وعياً حقوقياً وفكراً نضالياً مقاومة صلبة وتجديداً مطرداً اعجز الأعداء وحيّر الأصدقاء كيف تجمع حماس بين التجديد الفكري ومفهوم الشراكة السياسية والخطاب الوطني وإدارة المجتمع المدني المكثفة وبين كفاح عنيف و«ضاري» مع أقوى معسكر عرفته الدنيا والأحداث المعاصرة للعالم منذ ولادته من جديد بعد الحرب العالمية الثانية.
فكانت حماس عند كل مدار وفكر وثقافة تتخذ الموقف الوسطي الصلب في حراكه وعلاقته مع الآخرين الصادق في خطابه للأمة كل الأمة المختلف والمتفق معه بغض النظر عن دائرة الاتفاق والاختلاف هذا النزع الوسطي لم يكن أبدا انتقائية لإمساك العصا من الوسط حسب التعبير الدارج لكنه كان اختياراً معتبراً حسب الرؤية الفكرية والسياسية القائمة على فهم مبادئ التشريع الإسلامي فتنطلق حماس بكل وضوح لمباشرة هذا الموقف أو هذا الخط.
هذا الحسم في ميدان العمل المزدحم كان نتيجة لقوة البناء الفكري السياسي لدى الحركة بقيادة الشيخ أحمد ياسين رحمه الله المجدد التاريخي البارز للحركة الإسلامية المعاصرة عبر إطلاقه مشروع حماس التحرري الأممي.
ومن ذلك أن حماس معروفة بقاعدتها الشرعية الصلبة التي تجمع أساسيات ومفاهيم الفكر السلفي الأول وتؤمن باجتهادات ومسيرة فقه الخلف الصالح المتحدين في تاريخ التشريع الإسلامي.
ولقد تجاوزت حماس مداراً هو من أخطر المدارات إذ عمل العدو على تحقيق اختراق في حالة الالتحام الإسلامي بين القواعد الشعبية للتيار الإسلامي في الوطن العربي وبين حماس هذا المدار كانت خطة مدبرة ومعدة عمل عليها محور واشنطن بالاشتراك مع أجهزة مخابرات عربية ودعم فاعل من بعض الحكومات وتكثيف إعلامي وهو ربط حماس بالمحور الإيراني بل وبالدعاية الفكرية لهذا المحور والهدف تحقيق العزلة التي ذكرنا تمهيداً لقطع أي وسيلة دعم شعبية للعمل الإغاثي الشعبي لإنقاذ غزة المحاصرة والضفة الممتحنة.
أي أن التوقيت كان دقيقاً للغاية في إشاعة هذا الخطاب والتركيز على مدارك الوعي السلفي فضلاً عن باقي الرأي العام في الأمة الذي ومنذ احتلال العراق وأفغانستان وما تلاها من حالة اضطراب فضلاً عن حركة جدل متطرفة استهدفت التاريخ الإسلامي في صدره الأول أصبح الناس حساسين للغاية من أي علاقة مع هذه السياسة الإيرانية وعقيدتها الفكرية وبالتالي يبدأ الطابور الخامس بمهمته القذرة.
لكن المفاجأة الكبيرة لهذه الأطراف كانت صفعةً حقيقية عمَّا خططوا له فلقـــد اتَّحد مجمل الخطاب السلفي والإخواني في الدفاع عن قضية حماس بل تفوَّق أبناء التيار السلفي في ذلك وخاضوا معركةً إعلامية قوية للدفاع عن حماس وقطع الطريق على هذه الخطة ومن أبرز المواقع التي شاركت في هذه المعركة الإعلامية الحاسمة مجلة العصر الإلكترونية وموقع المختصر وموقع الإسلام اليوم الذي يُشرف عليه سماحة الشيخ سلمان العودة وإن كان موقع الإسلام اليوم يتجاوز التصنيف السلفي كموقع أممي فكري شامل واتحد معه في أحداث غزة التيار القومي العربي الحر ومن أهم الأقلام التي شاركت في هذا الموقف المبدئي الأصيل أحد أبرز واجهات هذا التيار في المنطقة وهو الدكتور محمد المسفر وإخوة آخرون من الخليج.
والحقيقة التي يعرفها الجميع أن حماس تتعامل معَ ما تعلنه إيران من دعمٍ إعلامي بمنهج الحكمة السياسية لحركة يُطبق عليها أكبر حصار على حركة مقاومة من بعض الحكومات العربية فضلاً عن الهجوم القائم من تل أبيب وواشنطن وشراكتهما في الإشراف على حملة الحصار التي تُنفذها أوساطٌ عربية أو تيار فتح أوسلو.
وإن عقيدة وإيمان وموقف حركة حماس كانَ دائماً مشرقاً وواضحاً جلياً خاصة أن أبو ريان رئيس الهيئة الشرعية لحماس هو أحد أبناء الوعي السلفي المعتدل.
لقد كان إدراك قيادة حماس ورجالاتها بأن مد الجسور مع مشايخ وقيادات التيار السلفي فريضةٌ شرعية وضرورة عقلية لإخوة متحدين في مسارات المواجهة الأممية وإن اختلفت الاجتهادات في رؤى التجديد والمعاصرة للفقه الإسلامي ولكن الاتفاق على الثوابت ديدن الجميع وهدفه ووسيلته.
ولذا كانت استجابة وزيارة أبي الوليد خالد مشعل خلال وجوده في الرياض قبلَ أكثر من عام بناءً على دعوة الشيخ ناصر العمر الرمز السلفي الكبير تصب في هذا الاتجاه الوحدوي المهم والذي حضره لفيفٌٌ كبير من علماء ودعاة التيار السلفي في المملكة.
هذه الزيارة في حينها أثارتْ موقف الحركات الثقافية التابعة لإيران في الخليج وكتبَ أحدهم مقالاً بعنوان “طز في حماس” يُعلق على الزيارة ومستغلا بيان حماس عن مقتل الزرقاوي على يد كتيبة أمريكية في العراق كيل فيه من الشتائم وتأييدها في التعليقات مالا تسمح به مروءة ألدّ الخصام.
ومعَ تفاعل حماس القوي والحيوي مع مبادرة مكة وتقديرها لموقف الملك عبد الله الذي تبنى هذه المبادرة ورعاها في سياق خرج عن صراع المحاور مما جعلها تتعرض لحملة من واشنطن وأطراف من النظام الرسمي العربي وسخر منه محور طهران ثم هاجمته فتح أوسلو فيما أكدت حماس موقفها المتفاعل مع المبادرة والمُقدّر لرعاتها هذا الاتحاد الواضح والجلي في انتمائها العربي الخالص يتجدد دائماً وليس من المعقول لأحد ودمشق تستضيف قيادة حركة حماس بأن تُلغي وتكسر جسور تواصلها أمنياً وسياسياً المسخّرة لمصلحة المقاومة الإسلامية العليا لخواطر علوج العرب المتصهينين في الإعلام أو اجتهادات بعض المخلصين السذج.
من هنا نعود إلى المحور الخطير في هذه القضية وهو شحذ تل أبيب وواشنطن ومحيطها العربي الساحة لتجويع غزة وحصارها وهزيمة المشروع الإسلامي العربي الوطني للـتحرير الذي تقوده حماس وإن إبطال كل حيل من يشوه الصورة مع العمل الدافق والمباشر من التيارين بإيصال وجمع المعونات الإنسانية لأهلنا المحاصرين في غزة أصبح فريضة عين على أولئك الفضلاء من قادة التيارين الإسلاميين لكي تنتصر المقاومة ويتحرر الشعب ولن يتحقق ذلك إلا بدعم هذه الحركة المباركة فهل وصلت الرسالة؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الثاني خلال ساعات .. أمن السلطة يقتل مسنًّا في جنين
جنين - المركز الفلسطيني للإعلامقتلت أجهزة أمن السلطة -اليوم الثلاثاء - مسنًّا، وأصابت آخرين بإطلاق نار مباشر في الحي الشرقي بمدينة جنين، بعد ساعات...

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....