الاستخدام الأمثل للمساعدات للسلطة الفلسطينية

صحيفة الوطن القطرية

يبذل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير جهوداً كبيرة من أجل إعادة إحياء الاقتصاد الفلسطيني وتحسين ممارسات الحكم الرشيد من خلال جلب المساعدات من الدول المانحة للاقتصاد الفلسطيني المحطم مع الحرص على أن يتم توزيع واستغلال هذه الأموال بصورة جيدة. بدأ بلير عمله في 23 يوليو كمبعوث خاص للرباعية بزيارة كل من “إسرائيل” والضفة الغربية والأردن. ويدرك بلير جيداً مدى حجم وتنوع المصاعب التي يواجهها.

إن ما أعلنه الرئيس بوش مؤخراً من أن الولايات المتحدة ستقدم لحكومة رئيس السلطة محمود عباس 190 مليون دولار على شكل مساعدات إنسانية إضافة إلى 80 مليون دولار كمساعدات أمنية، هو شيء مهم بالتأكيد، وسيعمل على تقوية عباس وجماعة فتح المعتدلة في صراعها المرير مع حماس الذي انتهى بسيطرة حماس على قطاع غزة بالكامل وإنهاء تواجد عناصر وقيادات فتح هناك.

قبل البدء بتقديم المساعدات لابد من أن تجلس الأطراف المعنية من الدول المانحة مع عباس ورئيس وزرائه سلام فياض من أجل وضع الخطط الكفيلة بتعزيز الاقتصاد الفلسطيني على المدى البعيد وتحسين حياة الفلسطينيين ما أمكن.

هناك الكثير من الأعمال المطلوب انجازها وإذا ما نظرنا لتحليل صادر عن البنك الدولي للقطاعات الاقتصادية المختلفة مثل الزراعة والطاقة والمياه، نجد أن هذه القطاعات وغيرها بحاجة إلى إصلاحات شاملة من أجل إقامة دولة فلسطينية ناجحة.

الأوضاع الفلسطينية الحالية لا تسر. فعلى سبيل المثال تتراوح نسبة البطالة ما بين 40 و60%، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي مما وضع الاقتصاد الفلسطيني مع الاقتصادات الأكثر تدنياً في العالم، وبالتالي فإن التحرك على الجبهة الاقتصادية لا يقل أهمية عن التحرك على الجبهة السياسية. إن مشاريع البنية التحتية هي شيء مهم وأساسي للنمو الاقتصادي على المدى البعيد.

هناك أشياء لو تم فعلها فلن تكلف أي نقود ولكن سيكون لها مفعول السحر على الاقتصادي الفلسطيني مثل إزالة بعض نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية.

إذا ما أرادت الدول المانحة مساعدة عباس اقتصادياً فإنه يتوجب عليها التركيز على ثلاثة مواضيع لها أهمية خاصة لكل فلسطيني وهي الصحة والتعليم والقانون.

الأطفال الفلسطينيون يعانون من سوء التغذية ومن الأمراض العقلية الناتجة عن الاجتياحات وإطلاق النار والقصف. إن مثل هذا الشيء سيمس حياة الفلسطينيين بشكل مباشر، كما أنه سيحرم حماس من مصدر دعاية كبير لها.

فيما يتعلق بالتعليم، يكن الفلسطينيون الكثير من الاحترام للتعليم بكافة أنواعه ولا يخفي على أحد أن المستوى التعليمي للطلاب الفلسطينيين قد تدهور خلال فترة الانتفاضة وما تبعها من فوضى وتدمير. يمكن استخدام المساعدات الأميركية وغيرها لإصلاح المدارس وتقديم كتب جديدة وكمبيوترات والمواد التعليمية الأخرى مع التركيز في العملية التعليمية على التسامح والقيم الديمقراطية والمهارات المهنية بالرغم من المساعدات التي قدمتها الأسرة الدولية، إلا أن القضاء الفلسطيني لا يزال ضعيفاً وهو على الأغلب غائب ليس له وجود. وكانت المحاكم والسجون ومراكز الشرطة قد دمرت خلال الانتفاضة الأخيرة ولم يعد هناك أمكنة لإيداع المجرمين فيها ولا يوجد قضاة أو مدعون عامون أو مدعو دفاع.

ليس بالإمكان تحسين الوضع الأمني بين يوم وليلة بل يجب وضع البرامج الخاصة لتدريب الشرطة الفلسطينية والقضاة أيضاً مع إعادة بناء السجون والمحاكم على وجه السرعة.

وأخيراً على الجميع أن يتأكد أن أموال المساعدات لا تذهب إلى الحفر السوداء الموجودة نتيجة لتفشي الفساد في صفوف مسؤولي السلطة ولن يكون بوسع عباس إعادة كسب الشعبية له ولسلطته إذا لم يضع حداً لهذا الفساد.