عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

المقاومة و حماس و الخيارات المستحيلة ..!

وائل كريم
مما لا شك فيه أن المتابع للتطورات التي تشهدها الضفة الغربية الآن أصبح يدرك و بيقين مطلق أن هذا الحراك السياسي و العسكري الذي يدور الآن في الضفة الغربية قد تخطى حدود ردات الفعل التي يحاول البعض الترويج لها و تصوير الأمر على أن ما يجري في الضفة الغربية من أعمال بربرية تجاه كل من ينتمي لحماس أو غيرها من الفصائل و الأجنحة العسكرية التي رفضت التماهي مع مشروع بيع الأسلحة إنما يشكل أعمالاً فردية بعيدة كل البعد عن الخط السياسي و الأمني لأمراء الحرب في مقاطعة رام الله .. و تصوير الحراك السياسي المتمثل في اجتماعات عباس _ أولمرت و اجتماعات اللجان المنبثقة عن قمم عباس _ أولمرت المتتالية على أنها تمثل تحضيراً لمؤتمر أيلول القادم و الذي انعقدت عليه آمال البعض على أنه سيشهد أفقاً سياسياً يخرج المنطقة من دوامة العنف و يهيئ الأجواء لإقامة الدولة الفلسطينية التي طال انتظارها ..

فمن يتابع الأحداث المتعاقبة التي شهدتها الضفة الغربية من اعتقال و تعذيب و قتل و انتهاك لحرمات الجامعات و المساجد و المؤسسات الخيرية و الدعوية سيدرك أن هناك خطة مبرمجة يرعاها المستوى السياسي و يقدم لها الدعم و التأييد تنفيذاً للتفاهمات و الالتزامات التي يلتزم بها الطرف الفلسطيني تجاه الصهاينة في اجتماعات اللجان المنبثقة عن قمم عباس _ أولمرت ..

و هنا لن نذهب بعيداً و نحلل ما يدور وراء الكواليس لإثبات ذلك و إنما سنكتفي بمطالعة صحيفة القدس العربي التي نقلت عن صحف صهيونية بعض تسريبات اجتماع ” عبد الرزاق اليحيى _ كابلينسكي ” و التي جاء فيها أن ” اليحيى ” قدم للجنرال ” كابلينسكي ” وعداً ببسط سيطرة الأجهزة الأمنية على الضفة الغربية و مكافحة ما أسماه ” التطرف ” في سياق هذا الخبر ذكرت الصحيفة أن ” كابلينسكي ” كان قد تقدم بطلب من ” اليحيى ” في اجتماع سابق يعطيه بموجبه ” اليحيى ” وعداً ببسط السيطرة الأمنية المطلقة على الضفة الغربية كي تستمر تلك الاجتماعات و التحضيرات و إلا سيكون درباً من الوهم الاستمرار في التحضير و التجهيز لمؤتمر للسلام تُقام على إثره دولة فلسطينية و قوى الأمن عاجزة عن السيطرة على زمام الأمر .. و بالفعل أخذ ” اليحيى ” على عاتقه مكافحة ” المتطرفين ” بعد تفاهم ومناقشة مع ” سلام فياض ” في هذا الأمر .. !!

إذن نحن أمام خطة مبرمجة يرعاها المستوى السياسي بكل قوته و ما تلك التسهيلات المالية التي تتلقاها ” المقاطعة ” من الكيان الصهيوني عبر التحويلات المالية المتتالية لأموال الضرائب الفلسطينية المحجوزة لدى الصهاينة إلا لضمان استمرار تنفيذ تلك الخطة الأمنية في الضفة الغربية للقضاء على ” المتطرفين ” كما أسماهم ” اليحيى ” و من قبله ” فياض ” في مقابلة مع الفضائية المصرية قبل أيام !!

و لعله من المفيد هنا طالما أننا نتحدث عن عملية أمنية واسعة في الضفة الغربية أن نذكر أن الأداء السياسي و الإعلامي للحكومة الشرعية الفلسطينية المسيطرة على قطاع غزة حالياً كان أداءً راقياً و فعالاً إلا حد كبير و ليس أدل على ذلك من حادثة جامعة النجاح و كيف أن معظم الصحف العربية تحدثت عن الخبر بل إن كثيراً من الأقلام الحرة تناولت المجزرة بمقالات تحليلية تكشف و تدلل على خسة و قذارة من نفذها .. هذا الأمر أي الأداء السياسي و الإعلامي المميز كان لا بد من مواجهته بشكل يسمح لأمراء الحرب في الضفة الغربية تنفيذ خطتهم وبرنامجهم بعيداً عن الأضواء الإعلامية التي تكشف كل صغيرة و كبيرة ..

فما كان من خيار أمامهم بعد أن تمكنوا من بسط سيطرتهم على وسائل الإعلام العالمية و طواقمها العاملة في الضفة الغربية سوى التشكيك في إعلام حركة حماس و التشكيك في أقول قادة حماس أو وزراء الحكومة الشرعية المسيطرة على قطاع غزة .. فجاءت القصة المفبركة و المضحكة ” لمؤيد بني عودة ” للتشكيك في كل روايات حماس ووزراء الحكومة الشرعية تجاه ما يجري في الضفة الغربية من حملة مسعورة تستهدف النيل من كل الأجنحة العسكرية التي رفضت بيع السلاح !

بالتوازي مع ما تشهده الضفة الغربية من أحداث و من خطط دنيئة للقضاء على المقاومة و أجنحتها العسكرية العاملة في الضفة الغربية بات من الواضح أن قطاع غزة هو الآخر يحظى بترتيبات و خطط يقوم على تنفيذها بعض فلول تيار دايتون في قطاع غزة .. عبر افتعال المشاكل و الأزمات بين القوة التنفيذية و بعض الفصائل و الأجنحة العسكرية أو مع بعض العائلات المحسوبة على تيار دايتون في قطاع غزة ..

و الهدف من وراء كل ذلك هو خلق بؤر توتر في القطاع لزعزعة الأمن و الاستقرار الذي لا يروق لأمراء الحرب في المقاطعة إضافة لذلك استغلال بعض المواد الإعلامية التي تُصور تلك الأحداث و بثها عبر وسائل الإعلام المحسوبة على تيار دايتون لتشويه الصورة المشرفة و الناصعة للأداء الأمني و السياسي في قطاع غزة .. أضف لكل ذلك الحصار و الخنق الاقتصادي المضروب على قطاع غزة و اللعب على عامل الزمن لإجهاض المشروع الذي تبنته حماس والحكومة الشرعية في قطاع غزة .

أمام كل هذه الخطط و الترتيبات لعل السؤال المحوري الذي يفرض نفسه هنا بعد أن أصبح من الواضح بل من المؤكد يقيناً أن كل ما يجري إنما يتجاوز ما يسميه البعض ردة فعل و أنه يمثل خطط و برامج يتبناها أمراء الحرب في المقاطعة تماشياً و تنفيذاً للالتزامات التي قطعها ” فياض ” و وزراء حكومته غير الشرعية تجاه الصهاينة .. هل هناك أفق سياسي حقيقي يمكن من خلاله إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف مع عودة اللاجئين و نيل كل حقوقنا السليبة .. مع العلم أنني هنا أقصد بدولة فلسطينية مستقلة هي الدولة التي عبر عنها ” عباس ” في كل مواقفه و في برنامجه الانتخابي أي دولة في حدود العام 1967 فليس من المنطق أن نطالب الرجل بما لم يؤمن يوماً بأنها أرض فلسطينية و لم يُُضمن برنامجه الانتخابي أي حديث عنها !!

أعتقد أن قراءة حقيقية للموقف الذي عبر عنه ” إيهود باراك ” وزير الحرب الصهيوني مؤخراً في صحيفة ” معاريف ” الصهيونية و الذي جاء رداً على سؤال حول الخطر الذي يهدد الكيان الصهيوني في حالة أن سيطرت حماس على رام الله كما سيطرت على غزة و أن تشهد كل من _ نتانيا وكفار سابا ومطار بن غوريون ايضا _ مصيراً كمصير سيديروت .. حيث قال حرفياً ( لن نسمح لأنفسنا بسيناريو كهذا مطلقاً ) ..

هذا الموقف يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه ما من أفق سياسي حقيقي يمكن التعويل عليه .. و أن الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة إلى آخر تلك الأطروحات العبثية إنما يدخل في دائرة كسب الوقت ليس إلا ضمن لعبة أولويات المواجهة التي يتعرض لها الكيان الصهيوني سواء على جبهته الشمالية أو من خلال أزمة إقليمية يمكن أن تنشب خلال دقائق فيما لو فكرت الولايات المتحدة الأمريكية خوض المواجهة مع إيران و هذا الأمر ليس ببعيد و ليس بمستحيل وفق أغلب المحللين !!

تجدر الإشارة هنا أيضاً لمقال كتبه ” توني ليبيد ” رئيس حزب شينوي سابقاً في صحيفة معاريف تحدث فيه عما يسمى ” إعادة الانتشار ” و هل من الممكن إخلاء المستوطنات في الضفة الغربية سيما تلك التي تحتل مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية حيث جاء في مقال ” لبيد ” _ العائق الثاني الذي لا يُمكّن من تسوية نهائية هو أنه لا توجد في إسرائيل حكومة، ولن توجد في المستقبل المنظور أيضا حكومة قادرة على إجلاء ربع مليون أو مئة ألف بل خمسين ألفا من المستوطنين. سيوجد مثل أولئك الذين سيوافقون على الجلاء من اجل السلام، وسيوجد من يجلون مقابل تعويضات، لكن الكثرة الكثيرة من المستوطنين، وعددها عشرات الآلاف من واضعي القبعات المنسوجة ومكشوفي الرؤوس أيضا، لن تنتقل ولن تتخلي ولو كان ذلك بثمن حرب أهلية.ليست الخليل غوش قطيف. يبكون علي غوش قطيف لكنهم يحاربون عن الخليل. رأينا في الأسبوع الماضي أنه كان يُحتاج إلى مئات من أفراد الشرطة وآلاف من الجنود لإجلاء قلة قليلة من المستوطنين من عدة بيوت. من وكيف سيُجلى جميع المستوطنين عن جميع البيوت؟
لا تستطيع أية حكومة أن تلتزم بذلك، وإذا التزمت فإنها لن تفي أيضا. إن تنازل الحكومة للمستوطنين خضوع قبيح لقوة الذراع، وإلغاء لسلطة القانون وبكاء لأجيال. لكن هذا هو الواقع الذي نعيش فيه. انه واقع مُدمر، وواقع مجنون، لكنه واقع. يستطيع اولمرت وأبو مازن أن يتحدثا حديثا لا نهاية له. يقولون الكلاب تنبح والقافلة تسير. في هذه الحالة لن تمر قافلة السلام _ انتهى الإقتباس ..

إذن نحن أمام خطط و برامج و تنفيذ حرفي للأجندة الأمنية الصهيونية تجاه أذرع المقاومة في الضفة الغربية بالتوازي مع استنزاف قطاع غزة عسكرياً و سياسياً و اقتصادياً و التعويل على عنصر الزمن الذي سيخدم تنفيذ الأجندة التي يتبناها أمراء الحرب في المقاطعة دون وجود أي أفق سياسي يمكن التعويل عليه و أمام المواقف الواضحة التي يتبناها المستوى السياسي الصهيوني ممثلاً بوزير دفاعه الذي يجيد قراءة الرأي العام الصهيوني بشكل واضح و حقيقي سيما بعد انتخاب اليميني المتطرف ” بنيامين نتانياهو ” و ما لذلك من دلالات واضحة على اتجاه الرأي العام في الشارع الصهيوني .. يثور التساؤل المصيري حول خيارات حركة حماس أمام كل ذلك و إلى متى سيبقى الصمت و الصبر سيد الموقف ؟!

القادم خطير جداً و خيارات أمراء الحرب في المقاطعة باتت واضحة و لا تحتاج لتفسير أو تأويل و عليه لا بد من مواجهة هذه المؤامرة حتى و إن كان الخيار ينحصر في مقاومة على النسق العراقي تعصف بالصهاينة و أذنابهم و كل تلك الأجندات الخبيثة و إلا فسيكون الوطن و المقاومة و كل الحقوق و الثوابت في مهب الريح ..!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...