اعذروا أبناء فتح فليس ذنبهم !!!

ليس غريباً أن تتفجر الاعتداءات بين لحظة وانتباهتها ، وكأن الصديق أو القريب الذي رافقك يوماً من الأيام كان يكمن لك بداخله كل معاني الغل والحسد والبغضاء ، وكأن شيئاً لم يكن من العلاقة أو القرابة ليحمل لك حيناً السخط والعذاب وتمني الموت وكل المعاني التي من شأنها إراقة دمك أو إتلاف بضاعتك أو حرق منزلك أو محلك التجاري أو حتى النيل منك داخل سجنه والتلذذ بتعذيبك الشديد أو منعك من أداء الصلوات في المساجد والذهاب إلى الجامعات والمدارس ، وبالحد الأدنى يمنعك من العيش كباقي البشر بلا ملاحقة أو اصطياد لم يعهد عن الصهاينة أنفسهم.
لكننا نريد الوقوف عند مسألة حقيقية وواقعية ، وهي استفهام كبير ، كثيراً ما يتبادر للذهن حين نقف على كل اعتداء يحدث من حيث النوع و الكيفية أو الكم أو الاثنين معا ؛ فنتساءل لماذا يفرض الواقع الداخلي لحركة فتح أن يقبل أبناؤها الاعتداء بهذه الهمجية على أبناء الشعب الفلسطيني ؟؟ ما هو العمق التربوي الداخلي في فتح الذي يدعو إلى ذلك أو يغرس حب الاعتداء أو الرغبة وقبول ذلك بالحد الأدنى في أبناء فتح ؟؟
لو وقفنا قليلاً عند الأسباب الحقيقة للانتماء لحركة فتح ، وقبل ذلك ، دعوني أقول أن ما سأذكره يدركه أبناء فتح أكثر من غيرهم ، لأن ما يحدث على أرض الواقع وبأيدي أبناء حركة فتح أمرٌ خطير في حق القضية الفلسطينية ومستقبلها القريب والبعيد، وغير ذلك من الآثار المترتبة على إثر إفرازات الواقع الفتحاوي الداخلي ، الذي تأسس منذ أواسط القرن الماضي ، ولا زالت الحركة غير قادرة على احتواء أفرادها أو ضمهم حول خيار واحد! ودعوني أيضاً من خلال هذا المقال أُشهِد الله على كل حرف كتب ، وإني اعني ما أقول ، فسيجد معظم أبناء فتح مكانهم بين الأسطر القادمة ، إلا من سبق القول وانتفض فكان له ما كان.
ما سنتحدث به في هذه المقالة المختصرة ، سيعرض صورة حقيقية لنفهم طبيعة ما يجري على الأرض في الضفة الغربية وما جرى في غزة بالتحديد على ضوء فهم الواقع الداخلي لحركة فتح الحديث أي منذ بداية التسعينات تقريباً وحتى الآن.
فتح وفئة الاستهداف الأولى !!
حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، أم الثورة كما يصفها أبناؤها ومناصروها ، تستهدف عدة فئات في المجتمع من أجل احتوائها داخل إطار فتح ، ومن أهم تلك المراحل طلبة المدارس والجامعات باعتبارها الرافد الأكبر لحركة فتح للتنظير وباعتبار تلك المرحلة ابتدائية بالنسبة لمن اقتحم مجالات الحياة وازدادت همومه الكبيرة فابتعد عن السياسة والمغامرة والإثارة لطبيعة المرحلة العمرية ، ولا شك في أن العديد من الفصائل الفلسطينية تركز على تلك المراحل ، ويبقى إذاً التمايز في أسلوب الاستيعاب وعلى أي أساس يتم تأطير الأفراد ؟؟ وما هي المعاني التربوية التي تغرس بداخل العضو الجديد ؟ ولأن سلامة الابتداء هامة في الوصول إلى الهدف وتعتمد عليه سلامة الانتهاء والختام ، فبالتأكيد سنبحث في هذا الإطار.
لا أحد من أبناء الشعب الفلسطيني ينكر الواقع الذي تعيشه الحركة منذ أوائل التسعينات من خلال المجالات المفتوحة أمامها وعدم ملاحقتها من قبل الاحتلال والمناصب والكراسي التي تغدق عليها والأموال التي تفتح لها من جل أبواب الدنيا –بالتأكيد غير الذين لا زالوا يتمسكون بالنضال وبتاريخهم القديم- ، الأمر الذي جعل الحركة تنطلق في استيعابها للأفراد في صفوفها على مبدأ الجاه والوظيفة والمنصب والمال المتوازي مع أمرين هامين أحدهما عدم وجود أي رابط ديني إسلامي أو مسيحي أو غيره وكذلك وفي المجمل العام عدم دفع ضريبة الانتماء، بذلك يبقى استهداف طلبة المدارس والجامعات له أولوية من خلال الأمرين الأخيرين الذين ذكرناهما ، وهناك مسألة إضافية ولها أهميتها أيضاً وهي تعزيز حب الظهور من خلال توزيع أدوار ومسميات وظيفية –مسؤول بلا حقيبة- بحيث يشعر هذا المنتمي بسرعة الانجاز والارتباط الوثيق بالحركة من خلال وجوده في موقع للمسؤولية وإن كان لا يعني شيئاً على أرض الواقع.
إن الشواهد على ما ذكر كثيرة كثيرة منها أفواه أبناء فتح أنفسهم ، وأقول للقارئ الكريم أنك لو خلوت قليلاً بأحد المنتمين لحركة فتح -ولو كان محمود عباس نفسه- لهجا لك الحركة وأبناءها ولأطلعك على كافة المعادلات الداخلية الشخصية التي تحكم الحركة، ولأظهر لك نفسه أنه صاحب الفكر اللامع والهمّ الكبير وأنه صاحب المنهج الصحيح أمام كل أبناء فتح وهو لا يستطيع تغييره في ظل ما يجري حوله. أو لانتقد الواقع الفلسطيني والعربي والإسلامي حتى من الممكن أن يصل في حديثه عن القطب المتجمد الجنوبي وهو رافع لرأسه ملتقطاً سيجارة موضوعة في فمه.
منطلقات الانتماء للحركة!!
إذاً ؛ فأسلوب الاستيعاب لأبناء المدارس والجامعات بمجمله يكون بالتلويح بالأموال من خلال المنح الدراسية أو غيرها أو الجاه وضمان الوظيفة الحكومية وغيرها أو الأولوية في ذلك ، بلا أي ضرورة لوجود أي صفة دينية موجودة وإن كان هناك من أبناء فتح ممن يداومون على الفرائض الخمسة في المسجد ، وصدق الراشد حفظه الله إذ يقول في رسالة “عودة الفجر”: (… فكم من حزبٍ علماني يسنده حاجٌ وراكع، وكم من داعيةٍ مؤمنٍ أول مَن يكذبه الساجدون، لقلة الفقه وانحراف القلب وانقلاب الموازين- والعياذ بالله – …) . ولا ننفي هنا التنظير في المعاني الفتحاوية القديمة التي اغتيلت منذ زمن ، والتغني بالمجد السابق لأبي جهاد أو أبي عمار أو …… من غير الوقوف عند طريقة استشهادهم أو اغتيالهم والمؤامرات العديدة التي حيكت لهم أو أي محاولة للوقوف عند الأمجاد السابقة وإسقاطاتها على الحالة القائمة للحركة.
في مثل تلك الحالة ، ينشأ الفتحاوي تحت أشعة تلك الأضواء البراقة التي تشع من مصلحة خاصة أو بريق مسمى “مسؤول” من غير محددات مطلوبة سوى شارة الانتماء، وهكذا تخيل معي مجموعة من الأفراد يعملون في إطار مدرسة واحدة ، أو كلية داخل جامعة ضمن هذه المواصفات وطبعاً لا يكاد يخلو الأمر من طالبات ينتمين لفتح يعززن المعاني تلك في النفوس فجو الاختلاط المشجع للبقاء وإبراز الذكورية من خلال سيجارة أو سماعة أو النيل من الحمساويين أو نشاط كبير أو الحديث عن النفس أو غير ذلك مما يضيق المجال لذكره وكله يندرج في سبيل شيء من المصلحة المعتبرة.
مقومات الاستمرار !!!!
تلك المجموعة التي تأسست تحت الظلال الوارفة لما ذكرناه سابقاً ، بالأفراد الذي تعرفنا على صفات مجملهم كونهم النواة الأساسية ، لا تستطيع أن تنمو من غير ريّها بما غرست عليه . فحتى يستمر النشاط يجب أن يتوفر لذلك رافدان اثنان ، احدهما مادي “سابق أو لاحق” الدفع، والآخر العداء لحركة حماس ، وهما المحركان الأساسيان الذي يقوم عليهما التحرك الفتحاوي في كل الميادين ، على غير عادة الكثير من الحركات التي تعمل من جيوب أبنائها أو دمائهم أو عرقهم و أرواحهم أو كلها معاً كل حسب تخصصه –ولا ننكر هنا التضحيات الكبيرة للعديد ممن لفظوا النهج الانهزامي لحركة فتح واستشهدوا في سبيل الوطن والمواطن وهم الذين لفظتهم ولاحقتهم فتح كأمثال أبو شرخ وغيره وكذلك مجموعات فرسان الليل في البلدة القديمة داخل مدينة نابلس ومن رفض تسليم سلاحه من كافة محافظات الوطن.
وذلك الفرد الذي تربى على تلك المعاني وتعززت لديه من خلال عدة عوامل أهمها: حركة فتح تسيطر على منظمة التحرير ؛ فتح تمتلك زمام السلطة منذ عشرة سنوات وبيدها التوظيفات وغيرها ؛ فازت في الانتخابات التشريعية والتنفيذية بلا منازع –بالتأكيد قبل دخول حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة- ؛ هذه العوامل التي بقيت مزروعة في النفس الفتحاوية لسنوات تعني أن ابن فتح أدرك -مسلّماً بالأمر- أن حركته كل شيء في الحياة من حيث مسؤولية الدوائر والبلديات والمناصب وصناعة القانون ، تحت قاعدة “من يملك القانون يملك حق عزفه ” ، فوصل الأمر بالعقلية الفتحاوية عدم استيعاب الآخر والتسليم بأن كل شيء يجب أن يكون لفتح وفقط لفتح ، لتربيتهم القائمة على أساس أن “لا أحد فوق المسؤول ” ظناً أن المسؤولية فوق القانون والشرعية ، فالمسؤول في فتح يعيّن نتيجة حسابات فتحاوية داخلية تعتمد على النفوذ وإلى الجهة المسنود إليها داخل الحركة أو الداعمة له، فكثيراً ما نسمع أن هذا مدعوم من الريف وهذا من جماعة فلان لذلك وضع لهذا المنصب وهكذا ….
التربية الفتحاوية والموروث السلوكي والاجتماعي !!!!
الآن ، إن اجتمع مع كل ما سبق وجود موروث عائلي أو سلوكي معين ، فمثلاً العائلة والنفوذ المالي أو الموروث الفاسد أخلاقياً ، تتجه الشخصية الفتحاوية إلى إحدى ثلاثة أوصاف ؛ سلبي للغاية “عربدة شوارع وفساد إلى أبعد الحدود” أو “إيجابي نسبياً مع الأول من حيث التمسك بالشعارات الرنانة” والثالث “معهم معهم عليهم عليهم – إذا الريح مالت مال حيث تميلُ- ” ، ومن هنا تبدأ الصراعات في الداخل الفتحاوي الأمر الذي يجعل الحفر تكثر في أي طريق تصل بين القطبين المتجاذبين فهناك جماعة الدحلان وجماعة الرجوب وقدورة فارس وعزام الأحمد والطيراوي وحلّس والريف الفتحاوي وغيرها والتي تنطلق منها صراعات البقاء ، وقد تمد جسور آنية بينها تحت عنوان “النيل من حماس” على قاعدة -عدو عدوي صديقي- .
مع كل ذلك ، تبقى المسألة الهامة التي ينضج بها العضو الفتحاوي وهي إما أن يفرز نفسه تلقائياً ضمن معادلة قوية داخل فتح أو تياراً بذاته في الحركة ، وهناك الكثير فإما الريف أو المدينة أو المخيم ، أو فلان “أبو كذا وأبو كذا ….” …….الخ ، أو يحرم نفسه من أي مكان تحت الشمس، وهذا الأمر واضح جلي ، ولا احد ينكره مطلقاً ، وسبق وأكد هذا الكلام عزام الأحمد أحد قادة فتح ذو النفوذ المشهور في جنين خلال مقابلة مع إحدى الفضائيات دالاً على حالات الانقسام الداخلي لحركة فتح .
فتح ما بعد ياسر عرفات !!
لا شك أن الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار ، مثّل حلقة الوصل بين العديد من تلك التناقضات الداخلية لحركة فتح ، وكان وجوده يمثل ستراً لهذا التنظيم ، مما جعل العديد من المحللين يؤكدون عدم وجود شخصية ستحكم فتح كما حكمها ياسر عرفات الذي كان “يمسك كل جهة في فتح من اليد التي تؤلمها” فلديه ما يجعل كل طرف يخضع له مباشرة ، وما حدث مع نبيل عمرو من إطلاق النار على أرجله يؤكد ذلك ، ووفاته مثلت بداية النهاية لحركة فتح ، وإن كان لا زال لدى الحركة مقوم -مع ضعفه الشديد- هو الالتفات إلى أولئك المقاومين من فتح الذين لا زالوا يتمسكون بالبندقية ويبتعدون عن القصور والسيارات الفاخرة والمناصب الرنانة ويضربون بعرض الحائط كل محاولات تحويلهم إلى مشاريع تسوية.
ليس ذنبكم يا أبناء فتح ، ولا داعي للمكابرة !!
بعد كل ما ذكر أكرر أن كل ما ذكر حرفياً يشهد له أبناء فتح في قرارة أنفسهم قبل غيرهم –وليس غريباً أن نجد من يكابر- ، وبذلك يستطيع الجميع فهم منطلق الاعتداءات التي مورست داخل الضفة الغربية وفي غزة أيضاً ، فهذا هو الواقع الفتحاوي ، والذنب ليس ذنب أبناء فتح ، بل هو من جعل فتح عبارة عن معادلات شخصية بحتة!!
شواهد على ما ذكر أعلاه:
• مراسيم أبو مازن التي تثبت أن “المسؤول فوق القانون”.
• حادثة 1/10/2006م في غزة الذي سموه بالأحد الأسود والتي (طنطن عليها تلفزيون فلسطين وبكى حتى انتحب) ، ابتدأت على إثر خلاف فتحاوي على مسألة رواتب وأموال لعائلة أمام منزل أحد المسؤولين، ومع مرور جيب عسكري للتنفيذية قام أحد “المتذاكين” الذي يدرك الواقع الداخلي لفتح بشكل دقيق ، وبهدف حل الخلاف
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....