عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

نابلس: صمود ومقاومة .. رغم مرارات الاحتلال ومتاعب الحالة الراهنة

نابلس: صمود ومقاومة .. رغم مرارات الاحتلال ومتاعب الحالة الراهنة

إنها المدينة التي تقع في شمال الضفة الغربية محتضنة ثلاثمائة ألف فلسطيني، محاصرين بحواجز الاحتلال الذي يواصل توغلاته ومداهماته فيها. هي نابلس التي تحدها مخيمات العين من الغرب وبلاطة من الشرق، ومن الجنوب والشمال نقاط وحواجز لجيش الاحتلال تراقب المدينة على مدار أربع وعشرين ساعة.

وتُعتبر مدينة نابلس المتنفس لأكثر من مائة بلدة وقرية محيطة بها، حيث تتركز فيها المستشفيات والمراكز الطبية والفروع الوزارية ومقارّ المؤسسات الرسمية، ويقضي المواطنون فيها حاجاتهم الرئيسة والمتعددة خلال النهار والليل على حد سواء.

اجتياحات مدمرة

إلاّ أنّ نابلس تستهدفها الاجتياحات المتكررة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، والتي تؤدي إلى شلل حياتها بشكل كامل في كافة المجالات، حيث تتعطل المدارس والجامعات والمحال التجارية. وقد استُهدفت نابلس المدينة بأكثر من مائة اجتياح منذ اندلاع انتفاضة الاقصى في خريف عام 2000، والتي أدت في مجملها إلى جعل المدينة محاصرة ومخنوقة في قبضة الاحتلال بشكل كامل. إذ تحاصر هذه القوات المدينة من شتى المداخل التي يعبر من خلالها المواطنون لقضاء أمورهم اليومية، ما يحوِّل حياة السكان إلى جحيم لا يُطاق.

وفي كل اجتياح للمدينة؛ فإنّ قوات الاحتلال الصهيوني تخلِّف الدمار والخراب الكبيرين قبل مغادرتها، أما عمليات الهدم والتدمير فغالباً ما تتركز في البلدة القديمة من المدينة، والتي يعود بناؤها إلى مئات السنين، في عدوان صارخ على التاريخ والتراث والهوية للمكان.

صامدة ومقاوِمة

في كل اجتياح تشنّه قوات الاحتلال؛ يُواجَه الجنود الصهاينة وآلياتهم العسكرية بضربات من المقاومين في هذه المدينة، وقد قُتل أكثر من عشرة من جنود الاحتلال خلال الاشتباكات التي كانت تدور بين القوات المحتلة والمقاومين في عدد من الاجتياحات، وفي إحدى التوغلات الأخيرة ذكرت مصادر عبرية أنّ ثمانية جنود صهاينة أصيبوا بجراح مختلفة، جراء تفجير عبوات ناسفة في آليتهم العسكرية.

وتتحدث مصادر جيش الاحتلال عن أنّ التوغلات ستستمر في نابلس بلا هوادة، وستتكرّر، حتى يتم اختطاف المقاومين المتمركزين فيها، والذين يوصفون بـ”المطلوبين”، وهو ما يعني أنّ السجال ما زال متواصلاً.

خسائر اقتصادية كبيرة

وفي ظل وقوعها في بؤرة هجمات الاحتلال وسياساته المعادية؛ سجّلت مدينة نابلس خسائر مباشرة لموازنتها الرسمية بلغت سنوياً خمسين مليون دولار، بحسب مصادر مطلعة في بلديتها.

وتعتبر نابلس كبرى محافظات الضفة الغربية، وهي من أكثر المحافظات تضرراً من سياسات الاحتلال من حيث الخسائر المادية والبشرية بالإضافة إلى الآثار غير المرئية.

وتحيط بنابلس سبع نقاط عسكرية ثابتة لجيش الاحتلال، تسيطر على المخارج والمداخل الرئيسة للمدينة، بالإضافة إلى عشرات النقاط العسكرية غير الثابتة، لمنع أي عملية دخول وخروج للمواطنين أو البضائع، سواء باستخدام الطرق الرئيسة أو الفرعية، الأمر الذي حوّل نابلس إلى سجن كبير.

وتسبّب هذا الإغلاق في تفاقم ظاهرة التهجير من نابلس، حيث شهدت المدينة فراراً لرؤوس الأموال ونزيفاً للكفاءات العلمية والمهنية إلى خارج الوطن، بحثاً عن فرص ضاق بها المكان، أو مواقع عمل غير متاحة في ظل الظرف الراهن، خاصة مع تفاقم البطالة والفقر وتردي المناخ الاستثماري في المدينة.

وأدى الحصار الصهيوني المفروض على مدينة نابلس إلى تأثيرات عميقة على كافة مناحي الحياة فيها، سواء من حيث الأداء الاقتصادي أو المؤشرات الاجتماعية والإنسانية والنفسية نتيجة للحصار، فقد حدثت تغيرات بنيوية في هيكلة الاقتصاد ومكوناته، وحجم الاستثمار في تلك المكونات، مع هجرة رؤوس الأموال والكفاءات، ما أدّى إلى تعميق الأزمة التي تقاسي المدينة مضاعفاتها.

انفلات أمني

وإذا أمكن احتمال ذلك كله؛ فإنّ ما هو أشدّ وطأة على ما يبدو هو الانفلات الأمني، الذي خيّم على نابلس، متسبباً بإحداث ضغوط شديدة على النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري فيها. جرى ذلك بحق نابلس ويجري يومياً؛ متساوقاً خطة احتلالية لضرب صمود الشعب الفلسطيني وحضارته وثقافته ومقاومته، عن طريق ضرب نابلس، جبل النار، التي كثيراً ما يُشار إليها باعتبارها الحاضنة الأولى للمقاومة.

وما زاد من فداحة الأمر؛ أنّ الاجتياحات المتكررة لنابلس قد أدت إلى إلحاق أضرار فادحة بالمشهد الثقافي والحضاري والمعماري، الذي طال ليس فقط السمة العامة للمكانة الحضارية للمدينة؛ بل ألحق الخراب والضرر بأماكن لها قيمة تاريخية فريدة، مثل الجوامع والكنائس والأقواس القديمة والأماكن الأثرية الأخرى.

نابلس .. سجل طويل من التضحية

وفي تقرير أصدره تجمع مؤسسات المجتمع المدني، الذي يضم أربعين مؤسسة مدنية في مدينة نابلس؛ يتضح أنّ نابلس تكبدت النصيب الأكبر من التضحيات على صعيد الضفة الغربية خلال أعوام انتفاضة الأقصى. فقد وصل عدد الشهداء إلى أكثر من ستمائة، بما يشكِّل 28 في المائة من إجمالي شهداء الضفة، وكذلك بالنسبة إلى الجرحى، حيث بلغت النسبة 29 في المائة من جرحى الضفة الغربية، بينهم 10 في المائة ذوو إعاقات دائمة أو إصابات طويلة الأمد. أما عدد أسرى نابلس في سجون الاحتلال الصهيوني فيبلغ حالياً 1505 أسرى، بين “محكوم” و”غير محكوم”، ما يشكل 17 في المائة من مجمل الأسرى الفلسطينيين.

إنها لغة البيانات العددية، التي تخفي وراءها الكثير الكثير من التفاصيل والمتاعب وقصص المعاناة، التي تختزنها نابلس وتفيض بها، لكنها تبقى كما كانت دوماً؛ صامدة ومقاوِمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...