عاجل

الأحد 04/مايو/2025

مطلوب متعاطف مع إسرائيل يتقن العربية لإدارة قناة الحرة!

مطلوب متعاطف مع إسرائيل يتقن العربية لإدارة قناة الحرة!

صحيفة القدس العربي اللندنية

في جلسة علنية للجنة الفرعية للشرق الأوسط التابعة لمجلس النواب الأمريكي صرح غاري ايكرمان رئيس اللجنة بأن الكونغرس لا يريد فشل قناة الحرة لأن فشلها يعني فشل أمريكا!

جاء هذا التصريح في إطار جلسة تحقيقية في الاتهامات التي انهالت بها المنظمات اليهودية الأمريكية والصحافيون الموالون ل”إسرائيل” في صحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز على مدير أخبار قناة الحرة السابق لاري ريجستر الذي كان يعمل في شبكة سي إن إن بأنه حول القناة إلى منبر للإرهابيين.

أما حيثيات القضية فهي أن السيد ريجستر الذي اختير لإدارة القناة بعد الاستغناء عن خدمات مديرها الأول موفق حرب في أعقاب سلسلة من الاتهامات، اخطأ السيد ريجستر الفهم حين تصور ان مهمته هي تقديم الرأي والرأي الآخر أملاً في توفير بعض المصداقية لقناة الحرة لتكون قادرة علي التنافس مع الفضائيات الإخبارية العربية التي تحتفظ الجزيرة فيها بالمركز الأول ومن المتوقع أن يلحق بها قريباً تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية باللغة العربية، فتجاسر على أن ينقل – على غرار تجربته مع سي إن إن- خطاباً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ثم سمح لمراسل الحرة في طهران بتغطية المؤتمر الذي نظمه الرئيس الإيراني أحمدي نجادي لمراجعة وقائع المحرقة النازية لليهود، كما سمح ببث تصريحات من مسؤولين في حكومة ترأسها حماس في نشرات أخبار الحرة، وسمح لبعض الفلسطينيين باستخدام التسمية الشائعة بينهم بأن ما حدث لهم في عام 1948 كان نكبة، وتبين أن السيد ريجستر لم يكن مقتنعاً بأن هدف قناة الحرة الوحيد هو أن تكون مجرد بوق الدعاية والترويج للسياسات الأمريكية ولا تختلف بذلك عن قنوات وزارات الإعلام الحكومية في بعض الدول العربية. وبذلك أضحي صيداً سهلاً للمتربصين، فقد استهدفه جويل ماوبري وهو صحافي يميني معروف بتأييده الأعمى ل”إسرائيل” يكتب في صحيفة وول ستريت جورنال بسلسلة من المقالات النارية للتشكيك في قدرته على إدارة القناة والتباكي على أموال دافعي الضرائب الأمريكية التي أهدرت في تسلل أعداء أمريكا و”إسرائيل” إلى شاشة قناة الحرة.

مطلوب عربي متصهين

وفي غمار تحقيق اللجنة الفرعية للشرق الأوسط التابعة لمجلس النواب الأمريكي حاول أعضاء مجلس الأمناء المشرف على الإذاعات الدولية الأمريكية تهدئة روع أعضاء اللجنة إزاء الحملة المتصاعدة لإقالة رئيسها ريجستر ولكن تكشفت أمام أعضاء اللجنة حقيقة أن عضو مجلس الأمناء المشرف على البث إلى الشرق الأوسط يواكيم بلايا ورئيس شبكة الشرق الأوسط التي تضم قناة الحرة وراديو سوا برايان كونيف ومدير قناة الحرة لاري ريجستر لا يتحدثون اللغة العربية، وأدركت اللجنة أن ما يتم بثه على شاشة الحرة لا يتابعه أو يفهمه المسؤولون عن إدارتها فتساءل رئيس اللجنة غاري ايكرمان: ولماذا لم يتم اختيار صحافي ملم باللغة العربية لإدارة القناة لكي يمكنه متابعة محتوي ما يقدم فيها من أخبار وبرامج، رد رئيس شبكة الشرق الأوسط قائلاً:

لقد أسندنا مهمة البحث لشركة أمريكية متخصصة في انتقاء المديرين التنفيذيين وكان ردها بعد البحث هو أنه لم تعثر على مدير له خبرة صحافية ويتقن اللغة العربية لأن من توفرت فيهم الشروط رفضوا العمل في قناة الحرة لأنهم يعتقدون أنها بوق دعاية للبروباغندا الأمريكية.

واقترح رئيس اللجنة أن تستعين قناة الحرة في ترجمة كل ما تبثه قناة الحرة من العربية إلى الإنكليزية بما يسمى معهد أبحاث وسائل إعلام الشرق الأوسط المعروف اختصاراً باسم ميمري والذي يديره إيغال كرمون عقيد المخابرات الإسرائيلية السابق! وهو مشهور بالتفنن في إثارة حفيظة المسؤولين والمشرعين الأمريكيين وحملهم على كراهية العرب والمسلمين من خلال الانتقاء المغرض والتحريف في ترجمة كل ما يمكن أن ينسبه إلى خطباء المساجد أو وسائل الإعلام العربية.

وكلفت اللجنة المسؤولين في قناة الحرة ومجلس أمناء الإذاعات الدولية بأن يوضحوا للعاملين في القناة أن مهمتهم ليست صحافية بل دبلوماسية وأن القناة هي لطرح الرؤية الأمريكية وأنها ليست قناة الرأي والرأي الآخر.

واتفق أعضاء اللجنة مبدئياً على رفض فكرة إقالة مدير القناة لاري ريجستر على أن يتعلم من أخطائه، وطالبوا بالبدء فوراً في إصلاح عيب هيكلي خلفه وراءه المدير السابق لأخبار الحرة موفق حرب وهو عدم وجود جهة مركزية داخل غرفة الأخبار لتكليف المراسلين بتغطية أهم الأحداث.

لكن بعض مسؤولي القناة والعاملين فيها انضم من وراء الكواليس لحملة المطالبة بإقصاء لاري ريجستر بتسريب مستندات ورسائل الكترونية تثبت أن ريجستر كان يعني ما فعل وأنه حاول تغيير سياسة البروباغندا ولم تكن مجرد أخطاء، بل وتسريب معلومات توحي بتعاطفه مع الفلسطينيين بدليل أنه يحتفظ في مكتبه بصورة تجمعه مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومرّرت هذه المعلومات إلى الصحافي اليميني المتطرف في صحيفة وول ستريت جورنال جويل ماوبري ولعضو من أنصار “إسرائيل” في لجنة تخصيص الاعتمادات في الكونغرس تمكن مع ثمانية أعضاء آخرين من تعليق الموافقة على زيادة ميزانية قناة الحرة بمبلغ 14 مليون دولار حتى يتم إجبار السيد ريجستر على الاستقالة.

تم العثور على الأداة المطواعة

واخيراً اضطر مدير قناة الحرة إلى تقديم استقالته بعد بضعة شهور من تعيينه وتنفس أنصار “إسرائيل” الصعداء وسارعوا إلى كيل المديح للشخص الذي وقع عليه الاختيار كثالث مدير لقناة الحرة خلال ثلاثة أعوام وهو دانيال ناصيف مدير أخبار راديو سوا، وقال الكاتب ماوبري وهو لا يكتم نشوة الانتصار:

إن أكثر ما يبعث على التشجيع هو أن من حل محل ريجستر هو دانيال ناصيف، فهو لن يحتاج إلى قدر كبير من التعلم للقيام بتلك المهمة حيث إنه قادم من راديو سوا وكان موفق حرب يعهد إليه بإدارة أخبار الحرة اثناء سفرياته المتكررة بعيداً عن واشنطن ثم أضاف يقول فيما يشبه المثل القائل وشهد شاهد من أهلها:

مع أن ناصيف لم يسبق له الاضطلاع بمهمة إدارة أخبار شبكة تليفزيون إلا بشكل مؤقت فإن استعراضاً سريعاً لما كان يكتبه قبل التحاقه براديو سوا في عام 2002 يشير إلى أنه سيتخذ مواقف صارمة في مواجهة الإرهابيين والمتطرفين الإسلاميين. ولعل من بين الكتابات التي أثلجت صدر الصحافي ماوبري ما عبر عنه دانيال ناصيف من عدائه للعرب والمسلمين في مقال نشره في عدد كانون الأول (ديسمبر) 1998 من مجلة ميدل ايست فورام لمساندة مزاعم المؤرخ برنارد لويس في نفس المجلة بأن المسلمين يكنون مشاعر معادية للسامية حين كتب دانيال ناصيف دفاعاً مستميتاً يبرئ فيه “إسرائيل” من تهمة غزو بلده يقول:

إن الوجود الفلسطيني في لبنان منذ عام 1968 هو الذي اضطر “إسرائيل” إلى غزو لبنان بسبب استراتيجيات فلسطينية لا تتسم بالمسؤولية في مواجهة “إسرائيل|!

ومضي دانيال ناصيف المؤهل لإدارة قناة الحرة من وجهة نظر إسرائيلية في غيه لتبرئة “إسرائيل” حتى من تهمة ارتكاب مذابح في مخيمي اللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا فقال:

لقد أشار برنارد لويس بدقة إلى أن “إسرائيل” أجرت عدة تحقيقات لمعرفة المسؤولين عن مذابح صبرا وشاتيلا بينما لم يقم الفلسطينيون ولا السوريون بالتحقيق لا في هذا الشأن ولا في المذابح العديدة التي قام بها الفلسطينيون والسوريون في لبنان.

ما طمأن أنصار “إسرائيل” في الإعلام الأمريكي وداخل الكونغرس بشأن اختيار متعامل مجرٍَب لإدارة قناة الحرة هو تقرير نشرته مجلة (أميركان كونسيرفاتيف) أكد الدور المحوري الذي قام به دانيال ناصيف في حشد التأييد بين أنصار “إسرائيل” في الكونغرس لتمرير قانون محاسبة سورية، وعلاقاته الوثيقة بغلاة المحافظين الجدد، وبصقور الحرب الأمريكية علي العراق من أمثال دوغلاس فايث المسؤول السابق عن السياسات في وزارة الدفاع بالإضافة إلى عمل دانيال ناصيف لسنوات مع دانيال بايبس أشد أعداء العرب والمسلمين ضراوة في الولايات المتحدة حيث شارك معه في إصدار دورية تسمى نشرة مخابرات الشرق الأوسط.

الطيور على أشكالها تقع

ولأن للمتعاملين في حب “إسرائيل” شؤوناً يجب ألا ننسى أن أقرب أصدقاء دانيال ناصيف متعامل آخر هو السوري الأمريكي فريد الغادري الذي يتوق منذ سنوات لتقليد دور أحمد الجلبي في التحريض على وطنه الأم وكانت آخر مجهوداته زيارة قام بها إلى الكنيست الإسرائيلي ليتوسل إلى أعضائه عدم التفاوض مع سورية وعدم إعادة الجولان المحتل لأن ذلك على حد وصفه سيقوي شوكة الرئيس الأسد ونظامه غير الديمقراطي!

أما الصديق المقرب الآخر فهو موفق حرب الذي أجبر على الاستقالة من إدارة قناة الحرة وراديو سوا بعد اتهامات من مكتب المحاسبة الأمريكي في شهر آب (أغسطس) الماضي بفشل سوا والحرة في الوفاء بمقتضيات التحكم الداخلي والتدقيق المحاسبي بل وحتى في تدريب العاملين فيهما على سلامة القرارات التحريرية. وكانت الاتهامات قد أوشكت على الإطاحة بموفق حرب في وقت أسبق ولكن قرار الاستغناء عن خدماته تأجل بعد أن طلب من روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز الأبحاث المستميت في الدفاع عن “إسرائيل” وواجهة اللوبي الإسرائيلي في واشنطن تقديم برنامج من قناة الحرة لشرح السياسة الأمريكية بعنوان داخل واشنطن.

ولعل خير تعليق على الإطاحة بلاري ريجستر، واختيار دانيال ناصيف لإدارة قناة الحرة التي تشير استطلاعات الرأي العام التي أجرتها مؤسسة زغبي لبحوث الرأي العام والدكتور شبلي تلحمي مدير مركز دراسات السلام بجامعة ميريلاند إلى أن نسبة مشاهدتها في العالم العربي تتراوح بين واحد إلى اثنين في المائة فقط، هو ما قاله الدكتور مارك لينش أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورجتاون:

إن المصير الذي آل اليه ريجستر يظهر أن أي محاولة لإعداد أخبار بطريقة مهنية لتبثها وسائل إعلام الحكومة الأمريكية ستكون بمثابة انتحار ينهي به صاحب المحاولة مستقبله العملي، لذلك فلن يجرؤ أحد على المحاولة من جديد في القريب العاجل، فسيشعر العاملون في قناة الحرة بضرورة أن ينظروا دائماً إلى الخلف خوفاً من طعنات واتهامات المحافظين. ونظراً لأنه كان من الصعوبة بمكان العثور بسرعة على بديل مهني لريجستر يتقن اللغة العربية، اختار مجلس الأمناء اللبناني داني ناصيف مدير أخبار راديو سوا ليتولي إدارة أخبار الحرة كذلك، وليعود بها إلى سابق عهدها لكي تتحول وبشكل كامل إلى النسخة العربية من مشروع راديو مارتي الفاشل الموجه إلى كوبا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صاروخ يمني يستهدف مطار بن غوريون

صاروخ يمني يستهدف مطار بن غوريون

المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الإسرائيليين بجروح - اليوم الأحد- بعد سقوط صاروخ يمني على مطار بن غوريون وفشل منظومات الاحتلال في اعتراضه....