الأحد 11/مايو/2025

ارفعوا أصواتكم من أجل إنهاء جريمة الحصار الشامل لقطاع غزة

ارفعوا أصواتكم من أجل إنهاء جريمة الحصار الشامل لقطاع غزة

صحيفة الشرق القطرية

مضى شهران على إحكام الحصار الشامل على قطاع غزة واستمرار إغلاق المعابر البرية المؤدية إليه والذي ينفذه الكيان الصهيوني، وسط تحذيرات منظمات تابعة للأمم المتحدة وجهات حقوقية واقتصادية فلسطينية من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان المدنيين من جراء سياسة العقوبة الجماعية المفروضة عليهم مما ينذر بكارثة إنسانية محققة وانهيار كامل للاقتصاد في هذه البقعة التي تعاني أصلا من أوضاع معيشية صعبة ومعدلات فقر مرتفعة.

ومن المؤلم أن تتواطأ على هذه الجريمة الإنسانية والتي يتوقع أن تستمر لفترات طويلة جهات دولية وإقليمية ومحلية، والمقصود هنا ـ كما لم يعد خافياً على أحد ـ الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، وبعض الدول المحيطة بفلسطين (حتى لو كان هذا التواطؤ العربي نتيجة الاستجابة للضغوط الأمريكية في أحسن الأحوال)، والسلطة الفلسطينية التي اتضح ـ بكل أسف ومرارة ـ أنها لا تجد حرجاً في تجويع شعبها وخنقه، دون التمييز بين الخلاف الفصائلي الحزبي الذي دفعها للاستقواء بالمحتل والخارج وبين المصالح الوطنية العليا التي يفترض أن تكون خطا أحمر.

وبعد أن وصل الأمر بالسلطة في سابقة لم تعرفها الساحة الفلسطينية على المستوى الدبلوماسي من قبل حد التنسيق مع الكيان الصهيوني لإلغاء قرار أممي كان من الممكن أن يخدم الفلسطينيين ويجعل موقف حكومة الاحتلال صعبا لم يعد مستغرباً ما تواتر من أخبار ومعلومات تؤكد أنها هي التي تطلب عدم فتح معبر رفح الحدودي الذي يربط القطاع بالعالم الخارجي.

لقد تعاون السفيران الفلسطيني والإسرائيلي في الأمم المتحدة ونسقا جهودهما في مسعى مشترك لعرقلة قرار مناهض للكيان الصهيوني تقدّمت به دولتان إحداهما عربية والأخرى إسلامية (قطر وأندونيسيا)، وكان مجلس الأمن الدولي على وشك إدراجه على جدول أعماله، وذلك للإعلان عن قطاع غزة منطقة منكوبة إنسانياً، وبما يقضي بالتخفيف من معاناة القطاع إنسانياً واقتصادياً.

وما تمّ فعلياً هو أنّ عباس ورئيس حكومته فياض؛ أمراً المراقب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور بإقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتجاهل الطلب القطري.

وفي هذا الصدد؛ نقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن عباس قوله “لن أسمح لحماس بموطئ قدم في العالم من خلال إنجازات في مجلس الأمن”، مضيفة أنّ محافل سياسية صهيونية استمعت في الآونة الأخيرة إلى تصريحات أشد من هذه من مقرّبيه.

أكثر من ذلك؛ تؤكد الصحيفة أنّ عباس يسعى إلى “حمل قطاع غزة إلى وضع من الأزمة الإنسانية الحقيقية، لإلقاء الذنب على حركة حماس التي تسيطر عليه”.

وبهذا يكون مفهوماً أن تأتي كافة الذرائع التي ساقها المندوب رياض منصور لتبرير سلوكه الدبلوماسي المفاجئ وغير اللائق باعتبارها “إجرائية”، وفقاً لتصريحاته الصحفية، فقد أوضح قائلاً “ليست لدينا مشكلة مع مسودة البيان من حيث المضمون، وما رفضناه هو مبدأ التصرّف من وراء ظهرنا حتى بدون المشاورات معنا”، على حد وصفه، معتبراً أنّ تحرّك دولة قطر الذي أملاه عليها واجبها القومي يمثل “تجاوزاً لدور بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة”، وأنه تدخل بالشؤون الداخلية الفلسطينية.

بالنسبة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة فموقفهما معروف في مسألة عزل حركة حماس (وعزل غزة والضفة الغربية عقاباً على تصويتهما لحماس وبرنامجها الانتخابي) قبل استيلائها على قطاع غزة قبل حوالي شهرين، أي منذ فوزها في الانتخابات التشريعية وحصولها على الأغلبية البرلمانية وإفشال الحكومتين اللتين شكلتهما بمفردها أو مع الفصائل الفلسطينية الأخرى وذلك بسبب رفضها الاعتراف بالكيان الصهيوني، ورفضها إسقاط حق المقاومة المسلحة (كما فعلت حكومة فياض غير الشرعية) لأنه حق كفلته القوانين والشرائع الأرضية والسماوية، وبالتالي فما يحصل الآن هو استمرار لهذا المخطط الذي بدأ منذ عام 2006.

الوضع المأساوي الراهن لقطاع غزة هو الذي دفع المنظمات الدولية والأممية والمؤسسات الحقوقية لوضع العالم أما مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية، وتوجيه نداءات استغاثة للتحرك سريعا من أجل إنهاء معاناة المدنيين هناك فعلى سبيل المثال لا الحصر:

– أوضح فيليبو جراندي نائب المفوض العام للاونروا في مؤتمر صحفي عقده بمدينة غزة أن حالة الحصار والإغلاق الإسرائيلي المفروضة على قطاع غزة ينذر بتحوله إلى “بؤرة منعزلة ومنغلقة تعتمد على المساعدات الإنسانية بشكل كامل في غضون أشهر أو حتى أسابيع”. وقال “إن الحصار الإسرائيلي المستمر للمعابر والمنافذ الخارجية لقطاع غزة يتسبب بانهيار كامل في قطاع الصناعة والزراعة التي يعيش عليها سكان غزة ما ينذر بتداعيات خطيرة”، مشدداً على وجوب التدخل العاجل لوقف هذه الحالة.

ـ وفي سياق متصل أفاد تقرير أعده مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة (اوتشا)، ونشر في الرابع من أغسطس الحالي أن اتحاد رجال الأعمال الفلسطينيين في غزة توقع أن “يصبح حوالي 120 ألف عامل في قطاع غزة عاطلين عن العمل في حال استمرار الإغلاق المفروض على القطاع”، مشيراً إلى أن مجمل الخسائر التراكميّة في قطاع غزة منذ بدء الإغلاق في منتصف حزيران يصل إلى 23 مليون دولار أميركي، أو ما يعادل نصف مليون دولار يومياً.

وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد في قطاع غزة يستمر في التدهور كنتيجة لعدم فتح المعابر بشكل منتظم، مشيراً إلى أن غالبيّة الصناعات المتعلق عملها باستيراد المواد، وتحديداً الخشب ومواد البناء والأقمشة، أغلقت أبوابها بشكل مؤقت، في حين يبقى 10% فقط من القطاع الصناعي في غزة يعمل بصورة جزئيّة، مضيفا “قدرة الإنتاج في قطاع تصنيع الأثاث هبطت إلى 20%”.

وقال التقرير “إن غالبيّة ورش العمل المتعلقة تحديداً باستيراد الخشب ومواد البناء وصناعة الألبسة أغلقت أبوابها، وتبقى حوالي 400 شاحنة من الأثاث عالقة في غزة بانتظار السماح لها بالتصدير إلى الأسواق الإسرائيلية وغيرها من الأسواق، وتصل قيمة هذا الأثاث إلى 8 ملايين دولار”.

وأشار إلى أن وزارة الصحة استمرّت في تقديم التقارير عن النقص في المواد الطبيّة، إذ إن هناك نقصاً بنسبة 25% في الأدويّة الموردة في قائمة مستودع الأدوية الرئيسي في مدينة غزة”.

ـ وحول التوقعات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية المستقبلية في قطاع غزة قال عامر حامد نائب الأمين العام للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية إن غزة ستتحول إلى سجن كبير يعيش فقط على المساعدات الإنسانية، مع اقتصاد منهار تماماً، أي أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من وراء خطواته الأخيرة بإغلاق المعابر إلى تحويل سكان غزة إلى أناس يبحثون فقط عن قوتهم اليومي ليس إلا.

– المطلوب تحرك سريع لكسر الحصار الظالم المضروب على أهلنا في قطاع غزة، فلا يعقل أن تتجاهل الزعامات العربية تصرفات محمود عباس ودول أخرى تحيط بفلسطين تحت أي مبرر يساق في هذا الصدد، أو أن ترضى في المشاركة بإثم معاقبة شعب بأكمله رضوخاً لسياسات البيت الأبيض وحكومة تل أبيب.

بشكل سريع ومختصر وعملي ـ وكحد أدنى ـ يمكن للزعامات العربية أن يستجيبوا لنداء وجهه نائب الأمين العام لاتحاد للصناعات الفلسطينية جاء فيه: إذا أقفلت “إسرائيل” أبواب الاقتصاد الفلسطيني، على هؤلاء الحكام أن يعملوا على فتح البوابة الجنوبية لفلسطين، وأقصد بذلك معبر رفح الحدودي، وهذا كفيل بحل الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة.

وشدد نائب الأمين العام على أن المواقف العربية والإسلامية حتى الآن لم ترتق إلى مستوى الحدث، لو فتح معبر رفح كبديل لمعبر المنطار (كارني) أمام منتجاتنا واستيراد المواد الخام لكانت المشكلة انحلت تماماً ولما كنا وصلنا إلى الوضع المأسوي الذي نعيشه اليوم ،مضيفاً: نحن لا نطالب الحكام العرب بأمور مستحيلة، نحن نطالبهم فقط بأن يعملوا على فتح معبر رفح ونحن نكفل أن نحل مشكلتنا الاقتصادية والإنسانية.

أما بشكل تفصيلي فالمطلوب من الدول العربية والإسلامية ومن المجتمع الدولي هو نفس ما أورده المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وعلى النحو التالي:

1- فتح معبر رفح الحدودي، لإبقاء صلة قطاع غزة بالعالم الخارجي موصولة، ولإتاحة الفرصة لسكانه في حرية الحركة.

2- الضغط المتواصل على السلطات الحربية الإسرائيلية المحتلة، لإجبارها على رفع الحصار الاقتصادي عن القطاع، وفتح المعابر التجارية، لإخراج وإدخال البضائع منه و إليه. والإقلاع عن استخدام سياسة العقوبات الجماعية.

3- التدخل الفوري والعاجل من أجل ضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان احترامها، وذلك من أجل وقف التدهور الخطير في حياة السكان المدنيين في قطاع غزة.

4- عدم معاقبة أهالي القطاع من خلال وقف الدعم والمساعدات المالية الدولية، بل زيادة وضمان توفير الدعم اللازم للمنظمات الإنسانية الدولية، وخصوصا وكالة غوث و تشغيل اللاجئين “الاونروا”، ودعوتها إلى توسيع وتكثيف مساعداتها الإغاثية، التعليمية، والصحية، وتوسيع نطاق خدماتها الإنسانية.

5- تذكير دولة “إسرائيل” بالالتزامات الواجبة عليها، باعتبارها القوة المحتلة لقطاع غزة، حيال السكان فيه، وفقاً للمادة 55 من اتفاقية جنيف للعام 1949، والذي تنص على أن “من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها إذا ما كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية. ولا يجوز لدولة الاحتلال أن تستولي على أغذية أو إمدادات أو مهمات طبية مما هو موجود في الأراضي المحتلة، وعليها أن تراعي احتياجات السكان المدنيين”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات