الأحد 11/مايو/2025

إسرائيل غير ناضجة

إسرائيل غير ناضجة
جريدة الدستور
ليس هناك أي دليل على أرض الواقع بأن إسرائيل تتجه نحو تسوية سياسية دائمة وقابلة للتطبيق ، والامتحان لذلك ليس كثرة الكلام عن السلام ولا المشاريع التي تنبت كالفطريات بعد المطر ، وإنما حصول نضوج سياسي كالذي سبق حل صراعات كانت مستعصية على الحل في مواقع كثيرة في العالم مثل جنوب أفريقيا وشمال إيرلندا. إسرائيل ، وفق كل الدلائل والمؤشرات ، غير ناضجة للاستجابة لشروط السلام العادل ولو بحدها الأدنى.
ليس المجتمع السياسي الإسرائيلي وحده غير ناضج للسلام بل هذه حالة المجتمع اليهودي في الدولة العبرية عموماُ. وأبعد من ذلك ، لا يمكن المراهنة على تطور جواني مستقبلي يؤدي إلى نضوج هذين المجتمعين لتسوية متوازنة تستند على تصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني ، وليس على توازن القوى وفرض الإملاءات بناءً على ذلك.
من نافل القول إن مجتمعاً سياسياً غير ناضج للتسوية يمكنه أن يطرح مشروعاً ناضجاً ومتوازناً للتسوية. شمعون بيرس تحديداً ، الذي يتربع في مركز الإجماع القومي الصهيوني ، وهو بلغتنا “مختار” المجتمع السياسي الإسرائيلي وشيخ القبيلة ، عرض على رئيس الوزراء ايهود أولمرت مشروعاً سياسياً للتسوية ، وهو عملياً تعبير عن حالة عدم النضج وخطوة إلى الوراء وعودة إلى ما طرحه إيهود براك في كامب ديفيد 2000 ، والذي رفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات. من هنا فإننا لا نستغرب فحسب ، بل نستهجن ترحيب المرحب الفلسطيني المناوب بهذا المشروع ، الذي يثبت الكتل الاستيطانية ويلغي حقوق اللاجئين وحق السيادة الفلسطينية في القدس.
إسرائيل لا تؤمن أصلاً بإمكانية التوصل إلى حل للصراع ، وقد تبنت منذ كامب ديفيد 2000 ، استراتيجية إدارة الصراع وليس حله. مشروع بيرس الجديد ، الذي نشرت تفاصيله صحيفة “هآرتس” ، لا يطرح أفقاً سياسياً ، بل يدخل في خانة الإفك السياسي الرامي إلى تسهيل إدارة الصراع وخلق الوهم بأن هناك حراكا حول التسوية الدائمة كورقة توت للترتييات المرحلية التي يجري الحديث عنها مع بعض القيادات الفلسطينية ، والتي تهدف إسرائيل من خلالها إلى تكريس الانقسام بين الضفة والقطاع وإلى خلق حالة من الاستقرار مع بقاء الاحتلال.
تذهب بعض القيادات العربية والفلسطينية إلى القول إن الموقف الإسرائيلي يتأثر بالموقف الأميركي ، وإنَّ الولايات المتحدة ، ولو أحجمت عن ذلك حتى الآن ، فهي ستضغط على إسرائيل في اللحظة الحاسمة ، خصوصاً وأن المصلحة الأميركية مهددة بسبب ما يجري في الصراع ، لكن الموقف الاميركي يتأسرل باستمرار ، حتى أصبح اليوم مجرد صدى للموقف الإسرائيلي. لم تبق هناك فروق تذكر في المواقف لتضغط بها أميركا على إسرائيل ، فحتى يكون هناك ضغط لا بد أن يكون هناك فرق في التوجهات. لذلك فإن الدور الأميركي يكرس حالة عدم نضوج إسرائيل للتسوية السياسية ، ويدفع باتجاهات إدارة الصراع التي هي أصلاً ماركة مسجلة على اسم اليمين الأميركي الجديد كاستراتيجية كونية للتعامل مع الصراعات السياسية.
دأبت القيادات العربية والفلسطينية ذاتها على زرع الوهم بأن طمأنة إسرائيل والتخفيف من مخاوفها والإحجام عن إغضابها تؤدي إلى حلحلة الموقف الإسرئيلي ، لكن الواقع يشير إلى غير ذلك.
كلما انخفض منسوب الخوف في الوعي الإسرائيلي يرتفع تلقائياً منسوب الغرور والاستهتار بالعرب والفلسطينيين ، ما يساهم أيضاً في تثبيت حالة عدم النضج للتسوية في المجتمع السياسي الإسرائيلي.
حالة عدم النضوج الإسرائيلي للحل السياسي هي حالة مستعصية ومزمنة ، ولا يصح الانتظار حتى تنضج إسرائيل أو حتى تقتنع قياداتها بشروط التسوية العادلة والمتوازنة. المطلوب من العرب والقيادة الفلسطينية اتباع استراتيجية مختلفة تماماً تستند على محاصرة الموقف الإسرائيلي إقليمياُ ودولياً ولم الشمل العربي والفلسطيني خلف موقف موحد وحازم في مواجهة الممارسات والسياسات الإسرائيلية لمحاصرتها وعزلها ، وليس المساهمة في تسويق الإفك السياسي الإسرائيلي على أنه أفق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....