الإثنين 12/مايو/2025

في حوار مع المركز الفلسطيني للإعلام عن فلسطين والعرب والثقافة

في حوار مع المركز الفلسطيني للإعلام عن فلسطين والعرب والثقافة

يرى المفكر العربي الدكتور علي عقلة عرسان أنّ “لعبة الديمقراطية التي نجحت فيها حركة حماس ودخلت من خلالها إلى المجلس التشريعي؛ قد تم الالتفاف عليها من خلال قيام الاحتلال الصهيوني باعتقال الكثير من نواب الحركة”، ويقول: “أكاد أجزم بأنه (اعتقال نواب حماس) أمرٌ متفق عليه بين أطراف فلسطينية وعربية من جهة؛ و”إسرائيل” والإدارة الأمريكية من جهة ثانية”.

ويؤكد الدكتور عرسان أنّ ما قامت به حركة “حماس” من حسم في قطاع غزة كان خطوة اضطرارية، موضحاً بالقول “كان هناك مخطط مكشوف يعمل على تنفيذه دايتون بالتنسيق مع الاحتلال الصهيوني ومع (المستشار الأمني السابق لرئيس السلطة الفلسطينية) محمد دحلان، وكانت الأموال والأسلحة تتدفق إلى قطاع غزة لدعم التيار الذي يقوده دحلان لاجتثاث المقاومة”.

ويضيف عرسان قوله “نحن كنّا أمام مشروعيْن؛ أحدهما ينتمي لنهج أوسلو ويبدي استعداداً للتفريط والتنازل ومتورط بمخططات لضرب المقاومة وإشعال فتنة داخلية؛ وبالمقابل هناك مشروع متمسك بالحقوق والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني ويرى بأنّ المقاومة والصمود هما السبيل لدحر الاحتلال واستعادة الحقوق، لذا كان لا بد أن يصل المشروعان إلى نقطة صدام، خاصة في ظل التجييش والتحضير الذي كان يجري على قدم وساق من قبل دحلان بهدف ضرب حركة حماس”.

ويخلص الكاتب والمثقف العربي البارز إلى القول “أعتقد أنّ حماس تمكنت من خلال حسمها العسكري في قطاع غزة من الحيلولة دون تنفيذ مخطط دايتون وإشعال نار الحرب الأهلية، يعني حماس “تغدت” بهم قبل أن “يتعشوا” بها”.

وعن زيارة وزيري الخارجية المصري والأردني للكيان الصهيوني يقول عرسان “إننا أمام هذه الزيارة نجد أنفسنا نروِّج خيبتنا”، محذّراً من كارثة تتهدد القضية الفلسطينية على ضوء التحركات التي تشهدها المنطقة.

وعن الرئيس الأمريكي جورج بوش وسياساته في المنطقة؛ يقول عرسان إنه “رجل بائس وشرير في أعماقه، فهو لم يخرج من برميل النبيذ الذي وُلد فيه، هذا الرجل هو الشرّ المصفّى وعلينا أن نحذره في السنة الأخيرة من رئاسته”.

جاء هذا في حوار أجراه “المركز الفلسطيني للإعلام” مع الدكتور علي عقلة عرسان، الرئيس السابق لاتحاد الكتاب العرب والكاتب الموسوعي المعروف بامتلاكه قدرة على الكتابة باتجاهات معرفية وإبداعية شتى. والدكتور عرسان كاتب ومحلل سياسي وشاعر وأديب وناقد يتكئ على فكر عميق وثري، ويستوحي وعيه من واقع وأزمات وهموم أمته.

وفيما يلي نص الحوار مع المثفف العربي السوري الدكتور علي عقلة عرسان، الذي تطرّق لتطورات السياسة وشؤون الثقافة وتوجهات الأمة.

 

المبادرة العربية و”اللطمة”

ـ زار وزيرا خارجية الأردن ومصر الكيان الصهيوني، وذلك تحت لافتة تسويق مبادرة السلام العربية. هل يتحرك هذا الاصطفاف الرسمي العربي في الاتجاه الصحيح في تقديرك؟

الدكتور علي عقلة عرسان: المبادرة السعودية التي تبنتها قمة بيروت في آذار (مارس) عام 2002، قدمت للعدو الصهيوني الاعتراف والتطبيع، وضمان أن تكفل الدول العربية أمن “إسرائيل”، وهي (أي المبادرة) قدمت اعترافاً بالكيان الصهيوني، ليس فقط من قبل 22 دولة عربية، وإنما فتحت الطريق أمام اعتراف 57 دولة إسلامية في العالم بالكيان الصهيوني. تلك المبادرة قدمت للعدو الصهيوني الكثير، واستحقت بعد ذلك “لطمة” من (رئيس وزراء الكيان الصهيوني حينذاك) آريئيل شارون، تُوِّجت بمذبحة مخيم جنين.

عندما صدر قرار القمة في بيروت بتبني المبادرة السعودية، أصدرنا نحن في اتحاد الكتّاب العرب بياناً أكدنا فيه أننا ضد هذه القرار، لأنه يعطي للمعتدي حقاً واعترافاً وحمايةً، وأيضاً يعطيه دولة آمنة تشارك في تقرير مصير المنطقة، وبيّنا أن هذا القرار لا يغير شيئاً من طبيعة الكيان الصهيوني على اعتبار أن هذا الكيان مشروع استيطاني عنصري يتناقض وجوده مع أي مشروع عربي تضامني ووحدوي ونهضوي.

لا بد من الإشارة إلى أنّ مسودة المبادرة عندما رُوِّجت، كان هناك اتفاق أمريكي ـ صهيوني مع الذين قدموا المبادرة على الصيغة التي كتبت في المسودة، ولم يكن مدرجاً فيها بند يتعلق بمعالجة ملف اللاجئين الفلسطينيين، ولكن وتحت إصرار دول عربية، لاسيما لبنان وسوريا، على وجوب الإشارة في فقرة صريحة مستقلة عن ضرورة معالجة موضوع اللاجئين الفلسطينيين والتأكيد على حق العودة، تم إدراج موضوع معالجة ملف اللاجئين وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194، غير أنه لم يتم إدراج حق العودة. وعندما أصبحت المبادرة قرار قمة ومتضمنة لهذا البند؛ ألغى شارون مؤتمراً أو لقاءً كان سيُعقد لصالح قناة الجزيرة يعلن فيه موافقة “إسرائيل” على المبادرة على أساس مسودتها الأولى.

وفي قمة الرياض عام 2007 تم التأكيد على تلك المبادرة، وشُكِّلت لجنة بهدف تسويق المبادرة وترويجها، وجاءت زيارة الوفد المشكل من وزيري الخارجية المصري (أحمد أبو الغيط) والأردني (عبد الإله الخطيب) للكيان الصهيوني في إطار عمل تلك اللجنة، إننا أمام هذه الزيارة نجد أنفسنا نروج خيبتنا.

فقمة الرياض كانت قمة الخسارة وقمة التآكل وقمة التضاؤل التي وصلت إليها العلاقات العربية ـ العربية، وأرى أنّ التوجهات العربية بعد أن أضحى مسيطراً عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت مشاركة في قتل إرادة الشعب العربي بشكل واضح، وباتت مساهمة في تفتيت الشعب الفلسطيني وقتل مبادراته الخلاقة والاستهانة بشهدائه ومقاومته.

 

كارثة حقيقة تهدد المنطقة

– في هذا السياق، كيف تصف المشهد العربي الراهن؟

عرسان: نحن أمام اصطفاف جديد تعمل الولايات المتحدة على إيجاده والترويج له، وإذا تذكرنا ثلاث نقاط من لقاء (العاهل الأردني) الملك عبد الله الثاني مع (رئيسة البرلمان الصهيوني داليا) إيتسيك وعشرة من نواب “الكنيست” المتطرفين، هذا اللقاء الذي تم في عمان مباشرةً بعد اتخاذ قرار بتخويل الأردن ومصر بتسويق بضاعة تنازلية، أي المبادرة العربية.

قال الملك عبد الله للوفد الصهيوني خلال اللقاء أموراً كثيرة، لكننا نركز على ثلاث نقاط: قال لهم: لماذا تخافون من حق العودة ومن ملف اللاجئين؟ لن تكون هناك عودة، سيكون هناك تعويضٌ ولن تدفعوا أنتم شيئاً من التعويض، ستدفعه الدول الغنية ومنها الدول العربية. وبهذا أخرج الملك عبد الله الصهاينة خارج دائرة المسؤولية المالية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية عن مأساة الشعب الفلسطيني، وعن جوهر قضية فلسطين وهي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجّروا منها عام 1948.

ثم قال (الملك عبد الله) لهم: نحن وإياكم لدينا أعداء مشتركون، من هم هؤلاء الأعداء المشتركون؟ إنهم سوريا وإيران والمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ومن يقف معهم.

ثم قال لهم النقطة الثالثة وهي: هل ترغبون في أن تكون إيران على حدود نهر الأردن، أي أنه يدعو إلى التجييش لحرب طائفية ومذهبية في إطار تحالف “المعتدلين” ومحور “المتطرفين”، هذا التجييش الذي تعمل عليه (وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا) رايس منذ أن انتصر “حزب الله” على كلب الحراسة المترهل الجيش الصهيوني في تموز (يوليو) العام الماضي، وبعد أن تبيّن للإدارة الأمريكية على ضوء الهزيمة الصهيونية في لبنان والفشل الأمريكي في العراق، أنه لابد من إيجاد معادلة جديدة في المنطقة.

نحن أمام إعدادٍ خطير لكارثة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية والمقاومة، وسنصل إلى درجات أوطأ في الدرك مما وصلنا إليه، إذا ما بقينا على هذا المنوال. لماذا أقول ذلك؛ لأنني أرى أنّ ترويج المبادرة ومسعى الوزيرين (أبو الغيط والخطيب) لإقناع جهات معينة، لن تصل إلى حدود وضع حلول للقضايا الجوهرية: حق العودة، القدس، الجدار، والدولة الفلسطينية، المياه..الخ. وأقول: إنّ النظام الرسمي العربي إذا توصل مع الكيان الصهيوني إلى انسحاب حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو)، فإنه يكون قد استسلم للمطالب الصهيونية التي رفعها (وزير الحرب الصهيوني أثناء عدوان 1967) موشيه دايان في الثامن من حزيران (يونيو) 1967 عندما احتل القدس، فديان حينها قال للعرب: اعترفوا بنا جميعاً طبعوا علاقاتكم معنا جميعاً ننسحب لحدود الرابع من حزيران (يونيو)، مع الإشارة إلى أنّ اقتراح ديان هذا كان في ذروة الانتصار الصهيوني على العرب.

 

لعبة خطيرة تتصل بتفتيت إرادة الشعب الفلسطيني

– القضية الفلسطينية تشهد منعطفات حادة ومخاضات عسيرة. كيف تنظر للمشهد الفلسطيني من زاوية المراقب لما يحدث؟

عرسان: الشعب الفلسطيني منذ أن بدأت المقاومة في العام 1964 وهو يقدم التضحيات، وعلى الرغم من جسامة تلك التضحيات لا يزال الشعب الفلسطيني متشبثاً بحقوقه الوطنية الثابتة كما وردت في ميثاق منظمة التحرير.

وخلال الانتفاضتين الأولى والثانية، برز واقع جديد، فقد دخل المقاومة تيار جديد، دخل بإيمان ورؤية مختلفة عن تيار سابق مال إلى التسويات والتنازلات بأشكالٍ مختلفة، ثم جاءت متواليات: اتفاق أوسلو، خريطة الطريق، ووثيقة جنيف، في ظل كل ذلك، قُسّم خلالها الشعب الفلسطيني إلى: مقاتل متشبث بالحق، وآخر مفاوض يرى طريقاً مختلفة للوصول إلى ثمة شيء، وقد دفع المقاومون ثمناً كبيراً، إلا أنهم كسبوا الشارع، وعندما خاضوا انتخابات ديمقراطية، انتخبهم الشارع، وفازوا بغالبية مقاعد المجلس التشريعي. وفور الإعلان عن فوزها، دعت حركة حماس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن فصائل المنظمة وعلى رأسها حركة فتح رفضت تلك الدعوة، وفرض حصارٌ مشدد على الضفة الغربية وقطاع غزة عقاباً للشعب الفلسطيني على ممارسة خياره الديمقراطي، واستمر هذا الحصار حتى بعد توقيع اتفاق مكة، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، مع الإشارة إلى أن اتفاق مكّة جاء نتيجة لتدخلات عربية.

ولكن، وعندما كان يجري التوقيع على اتفاق مكّة، كان الجنرال الأمريكي كيث دايتون يواصل عمليات التهيئة لحرب أهلية، وأو

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....