خطأ يتحدى الاجتزاء..!!

لقد شكل صرف رواتب بضع مئات من القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية في قطاع غزة مادة إعلامية غير مسبوقة لوكالات الأنباء الفلسطينية المختلفة، وقضية رأي عام خالطها مزيج من الفكاهة والغرابة والارتياح والاستهجان لما تشهده الساحة الفلسطينية من انقسام واضح بين أطياف الشعب الفلسطيني الواحد سيما حركتي فتح وحماس، فقد باشرت حكومة السيد سلام فياض قبل أيام بصرف رواتب جهاز امني تشكل في عهد الحكومة الفلسطينية العاشرة التي شكلتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إبان فوزها بالانتخابات التشريعية في 25 يناير من العام 2006 هذا الجهاز الأمني الذي شكل حلقة أمان لحكومة حماس التي كانت توشك على الانهيار نتيجة الحصار الاقتصادي والمالي التي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل على حركة حماس سيما انه الجهاز الذي استعملته حماس لحماية نفسها من حالة الفلتان الأمني التي عجزت عن التصدي لها عشرات الأجهزة الأمنية المنتشرة في قطاع غزة والتي كانت متهمة من قبل حماس بأنها وراء حالة الانفلات الأمني التي كانت تعتقد بأنه مقصود لأجل النيل من حكومتها وإسقاطها وإنهاء دورها السياسي والأمني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.
لذلك اعتقدت حماس بأن هذا الجهاز الجديد هو الجهاز الوحيد الذي تشكل بإرادة فلسطينية، ومنذ تشكيله قامت حركة فتح وهي القوة الفلسطينية المنافسة لحماس وهي التي قادت السلطة لعشرة أعوام متتالية ثم ما لبثت وان وجدت نفسها في المعارضة فقد قامت حينها بموجة إعلامية وسياسية وقانونية غير مسبوقة لأجل إخراج هذا الجهاز الأمني الجديد ” المسمى بالقوة التنفيذية “عن الشرعية واعتبار هذه القوة خارجة عن القانون الأمر الذي ما انفكت تنفيه حماس جملة وتفصيلا واعتبار تشكيل الجهاز موافقاً تماما للقانون.
حينها تصاعدت الخلافات السياسية والأمنية بين الحركتين إلى أن تطورت إلى اقتتال داخلي فلسطيني فلسطيني تشكل حماس والقوة التنفيذية وكتائب القسام الجهاز العسكري المقاوم والتابع لها طرفاً، وحركة فتح ومعها الأجهزة الأمنية المختلفة وكتائب الأقصى بكافة تشكيلاتها طرف آخر في الصراع الفلسطيني الفلسطيني وذهب ضحية هذا الخلاف العشرات من الشهداء الفلسطينيين إلى أن جاء اتفاق مكة والذي تم برعاية سعودية لرأب الصدع بين الحركتين ونجحت الرياض نسبيا في تجاوز الخلاف في حينه وجمع الطرفين على طاولة الحوار التي أثمرت عن وقف الاقتتال وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية هي أول حكومة حدة وطنية فلسطينية منذ تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993م وترأستها حركة حماس.
تنفس حينها الشعب الفلسطيني الصعداء واستبشر الخير نتيجة هذا الاتفاق معتقدا بأن الأمور قد اتجهت إلى الحل إلى أن اصدم الاتفاق بعد اشهر قليلة في استمرار الحصار حيث لم تنجح المحاولات الفلسطينية والعربية لكسره واتجهت الأمور إلى التشنج من جديد واتهام كل طرف للآخر بالفشل والسبب وراء الإخفاق، ففتح تتهم حماس بالتشنج السياسي والتطرف الفكري وعدم التناغم مع المجتمع الدولي وهو الذي سبب استمرار الحصار الأمر الذي ترفضه حماس معتبرة أن المجتمع الدولي وأمريكا ليسوا قدراً على الشعب الفلسطيني وان الشعب الفلسطيني قادر على تجاوز الأزمة لولا تخاذل حركة فتح التي اتهمتها حماس باستمرار تلقي الدعم المالي والعسكري لأجهزة السلطة لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية بالقوة بعد أن فشلت بذلك بالطرق الاقتصادية والسياسية معتبرة أن المطلوب هو الدعم الاقتصادي وليس العسكري للسلطة وأنه لا حاجة لتقوية سلطة عسكريا هي غير قادرة على توفير الحاجات الأساسية للشعب ولا سيما الرواتب لأفرادها بمعنى أن الأولوية للاقتصاد متهمة حركة فتح بخذلانها واستمرار تلقي الإسناد السياسي محتكرة العمل منفردة بقضايا الشعب الفلسطيني التي تشكل حماس جزءا مهما منه ، الأمر الذي تطور إلى اقتتال اشد بوتيرته من تلك الأيام التي سبقت اتفاق مكة وهو الاقتتال الذي مهد لسيطرة حماس بالقوة على قطاع غزة مما أدى إلى خروج الرئيس الفلسطيني عن صمته الذي استمر طوال فترات الاقتتال معتبراً ما قامت به حماس هو انقلاب على الشرعية وأمر غير ممكن السكوت عليه فقد قام بإصدار عشرات المراسيم التي تحجم سلطة حماس في غزة وتزيد من عزلتها.
المهم في هذه المراسيم هو اعتبار القوة التنفيذية التي شكلتها حركة حماس في قطاع غزة غير شرعية وخارجة عن القانون وإعلان حالة الطوارئ بل وتشكيل حكومة طوارئ، ولن ندخل في جدلية مدى قانونية هذه المراسيم المهم أن حكومة الطوارئ التي شكلها السيد الرئيس وكلف السيد فياض بالقيام بمهامها قد انقضت مدتها القانونية وأصبحت حكومة تسيير أعمال برئاسة السيد سلام فياض والتي تعمل فقط في الضفة الغربية نتيجة سيطرة حماس على غزة هذه الحكومة هي التي أقدمت على صرف رواتب القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية والتي تشرف عليها حماس في غزة .
هذا الإجراء التي قامت به حكومة فياض أعلنت انه خطأ فني تداركته بسرعة وعملت على تجميد المبلغ المودع خطأً في حسابات أعضاء القوة التنفيذية لدى البنوك الفلسطينية لكنه خطأ قد تم تداركه بعد أن فات أكثر من نصف الوقت وأقدم معظم أعضاء هذه القوة العاملة في غزة على استلام رواتبهم مما يضعنا أمام حقيقة مفادها أن الأصل الوحدة وأن الروح تطلب الآخر وبأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون في حل عن بعضه وان كل المحاولات التي تعمل من اجل فصله هي محاولات مؤقتة وان الأصل في فلسطين لا سيما بين الإخوة في فتح وفي حماس مآلهم إلى الحوار ، الحوار الذي يقود إلى اعتبار الآخر جزءاً مهما لا يمكن إقصاؤه وان القضية الفلسطينية بحاجة إلى الجميع على أساس أن الوطن للجميع ويتسع للجميع وان الاقتتال الذي يحدث هو الطارئ على الشعب الفلسطيني وان هذا الشعب قد درس الوحدة منذ نعومة أظافره وعمل بها بل وقد سار على وصايا دماء الشهداء كأبي عمار وياسين وأبي علي مصطفى والشقاقي وبأنه لا غنى عن الجميع في ظل دولة فلسطينية قادمة لا محالة بإذن الله بدون أي اجتزاء .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...