الرواتب بين الابتزاز الرئاسي والضمير الإنساني

تحولت قضية الرواتب في الشارع الفلسطيني إلى حديث الساعة إن لم يكن كل الحديث، في ظل سياسة حكومة رام الله ضد أبناء الشعب الفلسطيني دون تمييز تحت شعار كبير الشرعية، حتى تحولت الرئاسة إلى موضع استهزاء لما تطرحه من قضايا تلبسها ثوب الشعرية وتحولت الشرعية لملهاة لمستشاري الرئيس والمالكي وزير إعلام حكومة رام الله.
فانقسم الموظفون وتمايزوا لفئات، حيث الاختبار الحقيقي للموقف الإنساني والأخلاقي للعديد من منهم واثبتوا بجدارة إنسانيتهم ورفضهم أن يكونوا موضع ابتزاز من قبل الرئاسة والتزموا بعملهم على الرغم من أن جزءاً كبيراً لا ينتمي لأي حزب أو فصيل.
بعض الموظفين يستحقون كل احترام وتقدير لموقفهم الإنساني والأخلاقي ورفضهم الابتزاز الرئاسي ومقايضة رواتبهم ورزق أبنائهم مقابل جلوسهم في بيوتهم مثل العجائز بلا ضمير، فعدد كبير من الأطباء والممرضين والعاملين في مجال الصحة والتعليم وبعض أفراد الشرطة رفضوا الأوامر بجلوسهم في البيت واستمروا في خدمة أبنائهم ومواطنيهم بكل أمانة وإخلاص وهذا يحتاج لتكريم واحترام خاص لموقفهم الإنساني، وتحديهم للابتزاز الأخلاقي، لقناعتهم أن هذه السياسة مصيرها الفشل، في حال تمسك الموظفين بأخلاقهم وضميرهم وانحازوا لخدمة شعبهم وأوكلوا أمرهم لله، وعملا بمبدأ أن الرازق الله، وأن الحرة تموت ولا ترضع من ثديها.
في حين أن نوعاً من الموظفين ارتضى لنفسه أن يتحول إلى عبد للراتب ومجرد صراف آلي وتجرد من كافة الأبعاد الإيمانية والأخلاقية والإنسانية وجلس في منزله مثل العجائز ينتظر الراتب الشهري، وتخلى عن ضميره ومهنيته مقابل راتب، ويعاني من مرض التملق الكذب والنفاق والتلون واختلاق الذرائع لأي سبب للتهرب والجلوس في البيت.
إن هذه المجموعة هي أصلا من الفئات ذات القدرات المحدودة في مهنيتها فبعد 12 عاما من العمل في السلطة الفلسطينية تجده لا يتقن شيئاً وعاجزاً عن أن يقوم بعمله اليوم تحت مبررات غير منطقية من ضعف الإمكانات وضعف المؤسسات، لتخلص في النهاية إلى أن غالبية العجزة جلوسهم في البيت هو أكثر فائدة للخزينة العامة فغيابه يوفر القيمة التشغيلية للمؤسسة أو الوزارة ويستطيع اثنان او ثلاثة موظفين القيام بعمل عشرين شخصا من هؤلاء العجزة، ومن يزور المؤسسات والوزارات في قطاع غزة ويتلمس الأمن في قطاع غزة يعرف ذلك جيداً.
وامتداداً لذلك حول جزء منهم في رام الله إلى مجرد جواسيس وكتبة تقارير عن المؤسسات وعن الملتزمين بالعمل ونقلها إلى رام الله، فهل بقى لهؤلاء أخلاق يستحقون عليها تقدير؟!
إن سياسة السلطة الفلسطينية على مدار ثلاث عشر عاما خلقت جيلاً من الموظفين المستسلمين لا هم لهم سوى الراتب الذي سرعان ما يذهب بداية كل شهر لاحق، ونظاماً اقتصادياً مسرفاً مبنياً على القروض المثقلة للموظف لا يفكر أكثر من صرف راتبه الشهري بدون أي بعد استثماري، لذلك نجده مجرد آلة صراف آلي لراتبه الشهري.
إلى الجانب الآخر للقضية وما تمارسه حكومة فياض من رام الله من ابتزاز للموظفين هو عمل غير أخلاقي يتنافي مع أدنى المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان وسياسة قطع الأرزاق للموظفين الذين تمسكوا بضمائرهم ومهنيتهم في حين يكافأ من يجلس بمنزله، والغريب انه يدفع له مواصلات لم يدفعها، وتصبح المعادلة المقلوبة من يعمل لا يستحق راتبا، ومن لا يعمل يستحق راتباً في معادلة غير أخلاقية وغير أدبية صاغها الرئيس عباس ووافق عليها ونفذتها عصابة رام الله برئاسة رمز النزاهة والمهنية سلام فياض!.
إن ما تقوم به حكومة رام الله من أعمال مشينة وغير أخلاقية ضد الشعب الفلسطيني تصنع شرخا في معادلة الأخلاق في المجتمع الفلسطيني وقيمه وآدابه، فهل يعقل أن نعلم أبناءنا على مدار السنوات أن من جد وجد ومن جد حصد في حين تصبح المعادلة من قصر في واجبه نكافئه ومن جد نعاقبه.
حقا إنها مفاهيم أمريكية وقيم يودون نشرها كما أعلنها وزير الإعلام في حكومة رام الله رياض المالكي احد رموز حقوق الإنسان سابقا ومسوقي الديمقراطية في فلسطين، عجبا لهذه القيم والمبادئ التي يريد أن ينشرها معالي الوزير الذي أساء لمفهوم حقوق الإنسان والديمقراطية التي عرفناها وتربينا عليها.
* المستشار الإعلامي لهيئة رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...