غلطة الإسلامي بألف ألف!

سقوط شهيد من عناصر القوة التنفيذية بنيران من قيل أنه أحد أفراد سرايا القدس يجب أن يكون الصرخة التي تشعل الوخز الضميري في نفس كل إسلامي في قطاع غزة؛ ففتن الإسلام الكبرى بدأت بشهيد واحد؛ وواقع غزة الصعب والحاد لا يحتمل إضافة من نوع اغتيال عثمان أو الزبير أو طلحة أو الحسين! فالخلاف السياسي الحاد الذي يتطور لاستعمال القوة لا مكان له في غزة! ليست الحال كذلك فقط لأن هذا أمر محرم نقلا وعقلا؛ بل لأن المحاصَر خلف الخندق لديه ما يكفي من التحديات والمزالق المميتة التي تتربص به. يكفي بني هاشم في شعبهم جوعهم والتضييق عليهم؛ وغزة التي اجتمعت عليها الأحزاب كلها يكفيها عداء قريش وغطفان والأعراب وبني قريظة؛ وليست هي بحاجة لمساعدة الحلقة التي تشد الخناق على المعصم بخلاف داخلي يندلع في هذه اللحظات الحاسمة بين معاوية وعلي!
لا نعرف على وجه التحقيق من كان البادئ فيما جرى؛ ولا ندري كيف سولت نفس امرئ مجاهد محسوب على حركة جهادية – سولت له أن يقتل نفسا لرجل مجاهد ينتمي للجهاز الأمني الشريف الأول في فلسطين! ولا أعرف كيف نجح أفراد القوة التنفيذية في تلك الحادثة في أن يكونوا مستفزين لدرجة أن يندلع اشتباك مسلح بينهم وبين من قيل أنهم عناصر من سرايا القدس؛ هذا مع أنهم كانوا يحققون في أمر خفيض الشأن وقليل الأهمية من طراز إطلاق النار في عرس! ولا أدري كيف لم يكن كافيا سقوط شهيد واحد ليسارع العقلاء للعمل على رأب الصدع؛ بدل إتباع ذلك الشهيد من التنفيذية بثان من الجهاد الإسلامي؟! قد تكون التفاصيل هنا مهمة لغرض التحقيق ومحاسبة الفاعلين وفهم ما جرى؛ لكن هذا كله لن يكون مهما فيما يخص الجانب السياسي السلبي العظيم الأثر الذي تولد عن هذه الحادثة. الجمهور لن ينتظر ليفهم ما جرى وسوف لن يرحم الإسلاميين إن هم تقاتلوا. كذلك الصهاينة وأذنابهم فإنهم سرعان ما سيملؤون فراغ عبدالله بن سبأ وشاس بن قيس وسيسارعون لإذكاء نار العصبية؛ ليقدروا بالفتنة على ما لم يقدروا عليه بالانفلات وخطط دايتون والاجتياحات المتكررة للقطاع!
كلا جناحي الحركة الإسلامية مسؤول عن اتخاذ خطوات تصحيحية عاجلة؛ وكلا الحركتين مطالبتان بوقفة أمام الله والناس والتاريخ من قبل أن ننقض غزلنا من بعد قوة أنكاثا! فعلى حماس أن تتصرف بحلم الأخ الأكبر؛ وتستمر في توفير مظلة الاحتواء للجميع؛ خصوصا حين يكون من بين هؤلاء إخوة أشقاء في العمل الجهادي والمقاوم – بصرف النظر عما ينقل هنا وهناك من استفزازات تجري في الشارع. على حماس أن تفهم أنها ان كانت قد صبرت من قبل على استشهاد بعض خيرة دعاتها ومجاهديها وقادتها على يد عناصر تيار دايتون من أجل حقن الدماء؛ فإن الصبر على أي مظلمة يرتكبها فرد محسوب على الجهاد الإسلامي ألزم وأولى وأدعى وأكثر استحقاقا! الصبر هنا ضروري ولا غنى عنه؛ والعفو فيما يخص الوفاق بين أشقاء العقيدة والمنهج والسلاح يحل في رتبة تفضل رتبة العدل والإنصاف!
أما القوة التنفيذية؛ هذا الجهاز الأمني الوطني الشريف الذي قدم عشرات الشهداء فنحن نكن له ولأفراده كل الحب والتقدير؛ وكثيرا ما نتعبد الله سبحانه وتعالى بالثناء عليه والدعاء له – وهو لذلك أهل – لما يستحقه من جهاز يحفظ لغزة أمنها؛ ويتصدى للعملاء وتجار السموم؛ وفوق ذلك يتصدى للاجتياحات بأمر عسكري فوقي – وليس باجتهاد فردي من العناصر وحسب – وبعقيدة قتالية إسلامية لا تعرف الخور. هذا الجهاز الذي نحب يبقى أيضا مطالبا بمواقف مسؤولة مما يجري؛ وحبنا له يفرض علينا الإخلاص له في النصيحة. فالقوة التنفيذية مطالبة بالتحلي بأخلاق المنتصر وسلوك الراعي القوي الأمين المسؤول عن رعيته؛ وعلى عناصرها الاستمرار في التحلي بخلق الإسلام الرفيع الذي أول أولوياته الامتناع عن استفزازهم بأي قول أو فعل. كذلك لا يجب أن تكون هذه المسلكيات الانضباطية أمرا موقوفا على ضمائر الأفراد؛ بل يجب أن يكون هذا مقننا وفق هيكلية الجهاز عن طريق إنشاء هيئات محاسبية ورقابية تتأكد من صحة الإجراءات التي يتخذها الأفراد؛ وتضمن خلو روح تلك الإجراءات من كل ما يعكر الصفو ويسيء لأي إنسان؛ خصوصا حين يكون ذا رحم بالمقاومة!
وكما أن على حماس مسؤوليات والتزامات فإن حركة الجهاد الإسلامي مطالبة هي الأخرى بالحرص على انضباط عناصرها؛ ومنع العصبيات العشائرية والمناطقية من التحول لغطاء لأفعال مخالفة للشرع؛ من قبيل ما نقل في بعض الأنباء عن توفير عناصر محسوبة على الجهاد غطاء سياسيا وقانونيا لبعض طلقاء تيار دايتون؛ ممن يحاولون استغلال مظلة الجهاد – من خلال بعض أفراده المضللين المخدوعين – للعودة للانفلات والتخريب. وعلى الإخوة في حركة الجهاد الإسلامي أن يقيموا قناة تواصل أمني مفتوحة على الدوام مع القوة التنفيذية وكتائب القسام لمعالجة أي إشكال يتعلق بالاستخدام السيئ للسلاح – كإطلاق النار في الأعراس أو الاشتباكات على خلفية عشائرية – ومساعدة القوة التنفيذية وحماس على التأكد من جمع السلاح من كل من لا يؤمن تواطؤه مع الصهاينة ومع سِفاح دايتون في حروبهم الوشيكة على قطاع غزة. ولا غنى للجهاد في النهاية عن الإقبال على إخوانهم في حماس برحابة صدر؛ فإن كان الجهاد تحامل على نفسه وسكت على اعتقال وشبح عناصره في سجون الطواغيت في أريحا منذ نحو عامين؛ فلا أقل من أن يكون عند الحركة دافعية قصوى للتعاطي مع حماس بهدوء وروية على هامش قضية رصاص في عرس؛ بدل المسارعة لرفع السلاح في وجوه الإخوة؟!
إنه لمن المعيب جدا أن نكون مشغولين بإصلاح ذات البين بين أكبر فصيلين مقاومين بالرغم من أن كليهما إسلامي؛ وبالرغم من أنهما صدرا عن نفس المشكاة ونهلا من ذات الينبوع. ومما يزيد في الحزن والأسى والغضب أن يكون الخلاف قد تطور لسقوط شهيدين كنا سنحتاجهما في التصدي للصهاينة. أما ثالثة الأثافي فهي حدوث هذا كله فيما التيار اللحدي يلغي المقاومة؛ ويحارب المقاومين؛ ويتواطأ مع الصهاينة لتسهيل اعتقال العشرات من نشطاء الجهاد الإسلامي في جنين لأنهم رفضوا العفو الصهيوني “المسخرة”؛ ولم يبيعوا سلاحهم لشراء كيس أو اثنين من الحناء العربي؛ أسوة بأبي جبل الذي تمخض فولد فأرا؛ أو اقتداءً بالزبيدي الذي ذهب جفاء!
فهل تنسى حماس والجهاد هذا كله؛ وتنشغلان بنفسيهما وتغفلان عن تحويل أمريكا صباح هذا اليوم عشرات الملايين كمساعدة مالية وأمنية للفريق الساعي بذمة هدم المقاومة؟! هل نحقق أمانيَّ الأوغاد فينا نحن جيشَ محمد؟ هؤلاء الأوغاد الذين يستبشرون بقيام الصهاينة بفتح ثغرات في الجدار المحيط بقطاع غزة؛ تمهيدا لاجتياحه لإعادة أمجاد الخيانة فيه؛ وباتوا يعدون الليالي والأيام بانتظار عودتهم على ظهر دبابة صهيونية؟!
أنا على يقين أن هذا كله لن يكون؛ وأن كل فرد واع في قيادة وقواعد حركتي الجهاد الإسلامي وحماس سوف لن يقبل بهذا؛ وسيعمل جهده على تنسيق جهود المقاومة في هذه اللحظات الحاسمة التي تتهدد المشروع الجهادي في فلسطين؛ إن على صعيد اجتياح غزة الوشيك أو بخصوص ما يصنعه من فجروا في الخيانة من حرب مفتوحة على المقاومة والمقاومين.
فلا خيار آخر موجود؛ ولا بديل عن وحدة المواقف والتنسيق السياسي الكامل لأن هذه كلمة الشريعة؛ وهذه كلمة العقل؛ وهذه كلمة المنطق السليم اليقظ الصاحي! ولو لم يكن من داع لتكاتف الجهود إلا رد ومنع شماتة الصغار من أعداء الإسلاميين والتيار الإسلامي لكان ذلك كافيا؛ فكيف والأمر يتعلق بمستقبل المقاومة ومستقبل القضية الفلسطينية؟!
اللهم أصلح حماس والجهاد وأجعلهم هداة مهتدين؛ واعصمهم من الزلل والتنازع والفشل وأن تذهب ريحهم والعياذ بالله….والله يقول الحق؛ وهو يهدي السبيل؛ والحمدلله رب العالمين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...