من أين لك هذا ؟

أقر الاتفاق بيننا وبين إسرائيل وجود خمسة أجهزة أمنية ، كان الأمن الوقائي بقيادة محمد دحلان أهمها . واتضح منذ الاطلاع على بنود ذلك الاتفاق عام 1994 أن معظم مواده (( أمنية )) إجمالا .
وكانت أهمية الأمن الوقائي تنبع من كونه الجهاز الذي استوعب فيه دحلان صقور فتح أي خيرة أفراد الجيل الذي مارس المقاومة المسلحة في العام السابق على إقامة السلطة ، والذي كان أفضل أفراده مطاردين لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية .
ولم يغب ذلك عن حسابات الأجهزة الإسرائيلية . وكان وجود هذه العناصر داخل جهاز أمني يؤدي دورا شرطيا أفضل وأكثر أمانا لإسرائيل من بقائهم عناصر خطر خارج المراقبة .
وكان دحلان يظهر أحيانا في مقر الرئيس ظهورا سريعا . أو يظهر في نقطة إيرتز الفاصلة بين القطاع وأراضي 48 بسيارة من سيارات الجيب اليابانية وهو ذاهب إلى داخل فلسطين أو وهو خارج منها مع مرافقيه .
وأذكر أننا في المجلس التشريعي شكلنا وفدا للاطلاع على ما يجري في مقر الأمن الوقائي بتل الهوى وعلى أحوال الموقوفين فيه وذهبت برفقة الأخ الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي وعضو ثالث لم أعد أتذكره . وكنا قد أبلغنا مقدما عن حضورنا ، ولكننا حين وصلنا إلى هناك لم يستقبلنا أحد من قادة الجهاز ، وإنما ضابط غير ذي أهمية لم نستطع أن نستخلص منه أية فائدة . وقد تبنينا توصيات عديدة في المجلس لإخلاء سبيل جميع الموقوفين فورا أو توجيه لائحة اتهام لهم وتقديمهم للمحاكمة ، ولكن جميع تلك التوصيات ذهبت هباء .
وفي العام الأول من أعوام السلطة اعتاد الرئيس أن يعقد كل أسبوع تقريبا اجتماعا أطلق عليه اجتماع القيادة : وهو عبارة عن تشكيلة يرأسها الرئيس نفسه ويحضرها رئيس المجلس الوطني ورئيس المجلس التشريعي وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء مجلس الوزراء وأمين الرئاسة وأمين مجلس الوزراء وكبير المفاوضين ( رئيس لجنة المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ) صائب عريقات .
ثم بدأ الرئيس رحمه الله يوسع دائرة المجتمعين فإذا منهم خالد اسلام أحيانا وفي الفترة نفسها تقريبا دحلان وغيرهما باعتبار هؤلاء من الوفد المفاوض . وفي تلك المرحلة صار معروفا أن السيد محمود عباس ينزل لدى حضوره لقطاع غزة في بيت محمد دحلان . وشوهد وإياه يسهران على شاطئ بحر غزة .
وأصبح لدحلان حضور عرضي في بعض اجتماعات مجلس القيادة التي ستتناول تقارير مفاوضات ، وهو وإن كان عرضيا فإن له دلالته لأن ذلك لم يتح لغيره من العسكريين .
لكن آثار دحلان وقيادة الأمن الوقائي بدأت تتجلى في نفوذه القوي على ديوان الموظفين وفي الأعداد الكبيرة من الأفراد الذين جرى توظيفهم في السلطة بواسطته وواسطة رجله الموثوق رشيد أبو شباك ، سواء بالحصول على موافقة الرئيس أو بالتعامل المباشر مع رئيس الديوان . وكانت حاجة الناس للحصول على وظائف في السلطة تتزايد خاصة مع الإغلاقات المتكررة التي مارستها إسرائيل على عمال القطاع العاملين داخل الخط الأخضر والذين انتقلوا بالتالي ـ كل حسب واسطته وقربه من دحلان وأبو شباك ـ إلى وظائف السلطة .
وفي الوقت نفسه بدأت تفوح روائح التجارة والمال والأعمال من الاثنين عن طريق وضع اليد المباشر على المعابر . ولما كان القطاع قد شهد في بدايات عهد السلطة ميلا كبيرا عند الناس نحو الإنشاءات العقارية ، فقد أصبح احتكار الاتجار بمواد البناء من اسمنت وحصمة وحديد وخلافه وسيلة مضمونة للإثراء الفاحش السريع . ويقول العارفون بالوقائع إن طن الحصمة الذي كان المواطنون يشترونه قبل السلطة بخمسة عشر شيقلا قفز سعره بعد احتكار دحلان عدة قفزات حتى بيع بخمسة وخمسين وأحيانا بستين شيكل . وهناك مقارنات عديدة ذات بال في شأن سلع أخرى احتكرها خالد اسلام وهو شريك دحلان بجميع معاني الكلمة .
هذا كله غير المبالغ التي دفعها الأمريكيون ( كوندوليزا ) له عندما صار وزيرا للداخلية ذات مرة وقال الرئيس ياسر عرفات إنها بلغت أربعة عشر مليون دولار جرى تسديد ثلاثة ملايين تقريبا بالفواتير . أما الباقي فلم يعثر له على أثر !!!
فهل الاستقالة وحدها كافية ، أم أن جميع أنواع هذا الكسب غير مشروعة ولذا ينبغي استعادتها إلى الخزينة العامة ؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...