عباس ورسائل الشراكة!!

مخطئ من ظن أن تلك الرسائل الهجومية والمطالب التعجيزية التي يجهد عباس نفسه بتوجيهها لحماس هي ردة فعل على عملية الحسم في غزة أو أنها تأتي في سياق الرد الطبيعي على كرامة مؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية (المهدورة ) هناك.
فهذه الرسائل العباسية – الفتحاوية التي وصلت حد الابتذال في تهجمها على حماس موجهة بالدرجة الأولى (للشريك) الصهيوني الذي يحتاج من حين لآخر إلى إشارات تطمين من شريكه الفلسطيني بأنه لا يزال على العهد ولا يزال ملتزماً باستحقاقات الشراكة، وعلى رأسها قطع الصلة نهائياً مع حماس وعزلها وتصعيد الخطاب ضدها تمهيداً لتجريدها من الشرعية وإخراجها من دائرة النظام السياسي الفلسطيني إلى الأبد!
يعرف عباس جيداً ويدرك ومعه حركة فتح أن التقارب مع حماس ما عاد مسموحاً به من قبل إسرائيل وأمريكا لأن ثمنه لا طاقة لفتح على دفعه، ولأن رفع الحصار عن سلطة رام الله كان مقابل (الإنجاز الكبير) الذي حققه عباس لصالح إسرائيل وهو قطع كل الصلات مع حماس والقفز على شرعيتها وصولاً لاعتبارها طرفاً غير ذي صلة بأي تحرك سياسي قادم وخاصة الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا لها عباس.
وما هذه الضجة التي تحاول فتح إدامتها حاضرة والمتعلقة بأحداث غزة إلا تعبير واضح عن حاجة فتح لذريعة تتحصن خلفها لتبرير تصعيدها المتزايد ضد حماس، والذي لم يقتصر على الخطاب الإعلامي المسف الذي باتت تتبناه كل الوسائل الإعلامية المحسوبة على فتح والمقربة منها، بل وصل حد تبرير(الشراكة) مع الاحتلال في ضرب حماس الضفة واستباحة كل ما يمت لها بصلة تحت حجج وذرائع مكذوبة ولا أساس لها.
والحاصل هنا أن زاد فتح ( التبريري ) لكل خطواتها على الأرض وكل مواقفها من حماس لا تتجاوز مكوناته الأكاذيب المفتعلة والمغالطات الفجة، أو في أحسن الأحوال تضخيم أي حدث جانبي أو فردي في غزة والعزف عليه طويلاً، والتنكر في المقابل لكل الجرائم الكبيرة التي جرت وتجري في الضفة والتي يتم تنفيذها بقرار فتحاوي من أعلى المستويات.
ويبدو أن ما يهم قادة حركة فتح الآن وخصوصاً عباس هو الدفع بالنفَس التحريضي داخل قواعد فتح إلى أعلى مستوياته وزيادة وتيرة الحقد على حماس وقطع أية وشيجة ممكنة للالتقاء بينها وبين فتح.
ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن القاعدة الفتحاوية – في جزء كبير منها – مهيأة نفسياً لاستقبال أي خطاب تحريضي ضد حماس وتقبله دون تمحيص، وتصديق كل ما يتضمنه من شائعات وأكاذيب، بل والاستعداد للتغاضي عن أية جريمة وطنية يمكن أن ترتكبها قيادة فتح، وتقبّل هذا الارتماء الواضح لها في الحضن الصهيوأمريكي وتلك العلاقة الاستراتيجية بين فتح والاحتلال التي يسعى لها عباس!
ولسنا نقول هذا تجنياً على عباس، فالرجل لا يخفي حقيقة نواياه وطبيعة أجندته ولا يعبأ بأي انتقاد يوجه له من قبل خصومه السياسيين وغيرهم سواء فيما يخص برنامجه التفاوضي المتعثر في فشله، أو ما يتعلق بهرولته للقاء أولمرت دون ثمن وبشكل مهين أحياناً، أو بخصوص الموقف السلبي من المقاومة والذي يعبر عنه بكل وضوح لدرجة دفعته للمطالبة بقتل كل من يحمل صاروخاً من المقاومين وذلك في اجتماع له بضباط الأجهزة الأمنية في غزة قبل عملية الحسم!
وأحسب أن ما يدفع عباس للمضي إلى هذا الحد في ابتعاده عن الأجندة الوطنية الحقيقية وفي تبعيته المطلقة للإملاءات الصهيونية ليس فقط اطمئنانه إلى حقيقة أن القاعدة الفتحاوية بشكل عام قادرة على استيعاب خطواته وتبرير مواقفه وتجميل إي سقطة له، وذلك لاعتبارات عدة لا مجال لتفصيلها في هذا المقام، بل أيضاً لأن عباس حين يتحدث ويقرر ويتقدم ويتراجع يظل واضعاً نصب عينيه المآل الذي انتهى له عرفات حين أدار ظهره قليلاً لإملاءات (الشريك)، وكيف أن كل ما قدمه من التزامات بالاتفاقيات الموقعة بينه وبين إسرائيل لم تشفع له حين قررت إسرائيل استبدال شريك آخر به أكثر جرأة على الالتزام بالاستحقاقات المطلوبة وأقدر على السير وفق الضوابط التي تحكم مشروع أوسلو!
لأجل هذا فإن الحديث عن أية إمكانية للتقارب بين فتح وحماس في الوقت الراهن هو محض أوهام، ففتح حسمت أمرها وحددت مسارها بعد أن أدركت جيداً ما الذي عناه وسيعنيه التوافق مع حماس وما الذي ترتب أو سيترتب على الابتعاد عنها والتنكر لها والتحريض المستمر عليها داخلياً وخارجياً والمجاهرة بضرورة حصارها في غزة، بل وتوعدها بالهلاك كما صرح عباس حين قال إن قادتها قد حفروا قبورهم بأيديهم! وبطبيعة الحال فإن عباس هنا لا يراهن على أجهزة أمنه الورقية لتصفي له حماس و(تقبر) قادتها بل على شريكه الذي يحلم عباس بأن يعود على ظهر دبابته إلى غزة!
غير أن النتيجة المتوقعة على المدى المتوسط والبعيد ( والذي قد لا يكون بعيداً جدا) أن تستنفذ إسرائيل من عباس كل أوراقه وكل مواقفه (الملتزمة) تجاهها، وأن تحصل منه على ما تريد سياسياً وأمنياً ثم لن تلبث أن تدير ظهرها له ولا تعبأ بمصيره!
حينها فقط قد يفطن عباس إلى وجود شريك وطني اسمه حماس، بل لعله حينها سيلجأ لاستخدام ورقة هذا الشريك المرعب ليلوح بها في وجه شريكه الإسرائيلي ليرغم الأخير على وصل ما انقطع من حبال الود والمصالح المشتركة، ولكن حتى هذا الخيار نشك في قدرة عباس على اللجوء إليه، لأن الفاشلين الذين أدمنوا مقارفة الخطأ وتكراره لا يمكن أن يعول عليهم في حسن استغلال أية ورقة مهما كان حجمها ووزنها!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...