الجمعة 09/مايو/2025

اليسار الفلسطيني… إلى الخلف دُر

د. صادق البدوي

بعد عودة الأمن و الأمان إلى قطاع غزة و غياب مناظر الفلتان عن شوارعها و مدنها لاحظ الجميع انتشار فوضى إعلامية و تحليلية صادرة عن فصائل تطلق على نفسها فصائل منظمة التحرير . و أضحت تلك الفصائل تتغنى في ما كان يشوب قطاع غزة قبل عملية التطهير و ليس كذلك فحسب و لكنها باتت تطالب بعودة الوضع لما كان عليه قبل 14.يونيو .2007 .

و العجب العجاب ما سمعناه منهم في جلسة المجلس المركزي الأخيرة و المصطلحات الغريبة التي استعملها قادة اليسار كالصوملة و الطلبنة. و نسي هؤلاء أنهم أول من أسس القتال الداخلي الفلسطيني في مخيمات اللجوء و أنهم رواد الانقلابات و الانشقاقات .

نعم هذه الفصائل يفرقها الكثير و رأيناها أكثر من مرة تحمل السلاح في وجه بعضها البعض و تقتل و تشرد أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان و لكنها و على ما يبدو تجتمع على رفض النظام و الأمن و الأمان. تجتمع على رفض خيار الشعب الفلسطيني و قرار أبناء غزة باقتلاع الفلتان و لوردات الحرب من أرض القطاع الحبيب .

فيا من تطلقون على أنفسكم اليسار الفلسطيني قولوا لنا ماذا تريدون ؟ هل تريدون عودة القتل و الخطف ؟ أم أنكم فقط سوف تكتفون بإعادة المخدرات إلى الشوارع عندما تعيدون الوضع لما كان عليه !!

و ماذا عن التنسيق الأمني و حماية العملاء هل سوف تقومون بتوفير حماية خاصة لهم بعد إعادة الوضع لما كان عليه !!

إن مطالبة فصائل اليسار الفلسطيني بإعادة الوضع لما كان عليه قبل 14.يونيو.2007 لا تنبع – و كما عودونا- عن رؤية سياسية إنما مبنية فقط على مطالبة الإتحاد الأوروبي لهم بذلك . هذا الإتحاد الذي يعيشون على مساعداته و خدماته لهم .

نعم لقد احترف الرفاق في الضفة و غزة مهنة إنشاء ” دكاكين” حقوق الإنسان و أصبح كل رفيقين يشتركان في فتح خمس جمعيات الهدف الوحيد منها هو الحصول على عائد مالي من مؤسسة أوروبية أو أمريكية تحت غطاء حقوق المرأة أو الإنسان .

و الكل يعلم أن هذا الدعم ليس هبة من الغرب لليسار الفلسطيني و لكنه دعم مشروط يوجب على مستقبله التخلي عن قيم الشعب الفلسطيني و ثوابته و الترويج لأفكار غريبة عن تقاليد شعبنا وثقافته .

و لعل من أخطر ما يروج له اليسار الفلسطيني في هذه الأيام هو حل الدولة الواحدة و تشبيه القضية الفلسطينية بجنوب أفريقيا في عهد العنصرية العرقية . و ما يترتب على هذا الحل من تنازلات لا يتسع هذا المقال للخوض فيها .

لا أحد ينكر أن اليسار الفلسطيني له تاريخ نضالي طويل على الساحة الفلسطينية و لكن يبدو أن هذا اليسار اختار منذ فترة طويلة الالتفاف إلى الخلف و الاختباء تحت عباءة منظمة التحرير التي مازال البعض يطلق عليها – ظلماً و عدواناً- الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني.

العديد من فصائل اليسار الفلسطيني لم يبقى لها في الشارع الفلسطيني سوى يافطة ممزقة أو شعار كُتب على الجدران منذ زمن بعيد . و مع زيادة أعداد الألقاب القيادية في مربع اليسار انخفضت و بشكل حاد أعداد المؤيدين و المناصرين و أوشك المؤمنون بفكرة اليسار أن ينقرضوا و أصبح شعارهم ” نحن نقاتل عن إدمان و ليس عن إيمان” . و الجدير بالذكر هنا أن أغلب تيارات اليسار الجديدة على الساحة هي عبارة عن مجموعة من الأشخاص لا يتعدى عددهم العشرة – اقرأ الثلاثة أمين عام و نائبه الأول و الثاني- و أحسن مثال على ذلك من يطلقون على أنفسهم “فدا” .

لا ننكر على اليسار الفلسطيني و ” الجبهات” بتعدد مسمياتها و شعاراتها . تاريخهم النضالي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي و لكنكم يا رفاق تخليتم عن هذا الخط النضالي انجررتم خلف فتح و ياسر عرفات – برضى منكم أو رغماً عن أنفكم – و أوشك بعدكم الجماهيري أن يتلاشى إن لم نقل ينقرض. و مازلتم الآن تعيشون في عقدة النقص لقد سمحت لكم حماس بالحديث و التعبير عن آرائكم و لكنكم كشفتم للجميع أنكم ليس أهلاً لهذه الحرية لسان حالكم يتباكي على عصر الاضطهاد السياسي. .

و بقي أن نقول أن اليسار الفلسطيني أصبح ينظر إلى قضية فلسطين من خلال مرآة – يمسك بها الإتحاد الأوروبي- بعد أن أدار عينيه عن هموم شعبه و واقعه. فلا بد لليسار الفلسطيني – أو ما تبقى منه- أن يدور إلى الخلف إذا أراد أن يعود للساحة من جديد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...