أشرف جمعة بيرث وأحمد الحاج علي ما بيرث

الأحداث اليومية في فلسطين تعمل على توضيح وجلاء صورة الضمير المنافق لكثير من فصائل الشعب الفلسطيني وساسته وقادته وممثلي المجتمع المدني فيه؛ وحادثة ضرب النائب أشرف جمعة أحد أحدث الشواهد على ذلك.
لم يكد النائب الفتحوي أشرف جمعة يتعرض للضرب على يد أفراد من الشرطة الفلسطينية بالأمس حتى طارت الركبان بالخبر في كل واد؛ وتتابعت قوافل المستنكرين زرافات ووحدانا؛ ولم يبق تقريبا مركز حقوقي أو فصيل سياسي فلسطيني إلا وأدان الحادثة وحملها كذبا وزورا وبهتانا لحماس والقوة التنفيذية. حتى فصائل ديكور التعددية في المنظمة والتي هي موجودة لمنح فتح إحساسا كاذبا بالتفوق؛ وحتى الفصائل المجهرية المدموغة بصفة “القردين والحارس” أدانت الحادثة واستنكرت وشجبت وأصدرت بيانا. العبد الفقير عرف مثلا أن جبهة التحرير العربية لا تزال في هذا العالم ولم يتم تكفينها وتحنيطها بعد؛ والدليل أنها أصدرت بيانا هي الأخرى في شأن أشرف جمعة!
طبعا لا أحد يؤيد ضرب نائب من فتح أو من غير فتح هكذا اعتباطا؛ لكن الرجل أيضا لم يكن مبرءاً من استحقاق العدوان عليه. فالثابت أن ضاربيه من رجال الشرطة كانوا فتحويين؛ وهم تولوا ذلك لأنه استمر بممارسة دوره التخريبي كسياسي دايتوني حتى بعد تطهير غزة؛ فتسبب بحرمان هؤلاء الشرطيين من رواتبهم عن طريق الوشاية بأسمائهم لحكام المقاطعة حتى يوقفوا معاشاتهم؛ وعلى اعتبار أنهم لم يلتزموا بالكف عن مزاولة عملهم في غزة!
إذا أشرف جمعة لم يكن ملاكا مجنحا؛ ولم يتعرض للاعتداء من حماس أو من رجال حماس؛ وهو ضرب على يد شرطيين من حركته – في حادثة تبقى مدانة مهما كانت الأسباب – امتدادا لثقافة هؤلاء في تخليص حقهم بأيديهم وكما علمتهم مدرسة الانفلات الفتحوي. صحيح أن المرء قد يعذر هؤلاء الناس الذين تسبب وغد جبان بقطع أرزاقهم؛ إلا أننا كأنصار لحماس لا نقبل أن تبقى رواسب الخلق الفتحوي عالقة بجدر العهد الجديد: عهد تطهير غزة من عقيدة الانفلات والتنسيق الأمني وباقي أخلاقيات عصابات عباس-دحلان.
لكن بيت القصيد يبقى في ردة فعل الواجهة السياسية الإعلامية الحقوقية في فلسطين وغلبة النفاق على مواقف هذه الواجهة: فهم يخفون سراعاً لتناقل أي نبأ عن أي عطاس يقع في غزة؛ وحتى لو تعلق ذلك بنبأ توقيف أحد الناس لبضعة ساعات وعلى خلفية جنائية؛ وذلك في محاولة بائسة للنيل من حماس والبحث عن عيب في أدائها بالمنقاش والمجهر الالكتروني. لكن حين يتعلق الأمر باعتداء يقع على حماس فإن ذات الفصائل ونفس المراكز الحقوقية ونفس الشخصيات العريقة في إدعاء الوطنية تسكت وتلوذ بالصمت المطبق. هذا الصمت يحلق كراماتهم ويجعلهم باقتدار شياطين خرساء؛ أما حين تتكلم الشياطين الخرساء في كل ما ينصر فتح؛ وحين تنفك عقدة ألسنتها فيما يحبه عباس فهذا يعني أن هؤلاء المنافقين هم أخطر من مجرد شياطين خرساء!
فهل يعقل أن ينشغل الإعلام بضرب أشرف جمعة رغم كل الحيثيات أعلاه ولا يرد أي ذكر لنبأ الاعتداء على النائب أحمد الحاج علي وضربه وإهانته في الشارع ثم اعتقاله؟ ما الذي ينقص النائب المطارد – النائب الإسلامي الوحيد من الذكور الذي كان لا يزال متخفيا عن الاحتلال حذر الاعتقال في الضفة الغربية – ليتحدث في أمر اعتقاله وضربه على يد الأجهزة الرسمية للسلطة فقط مركز حقوقي واحد من غزة؟ ما الذي أخرس كل الفصائل الفلسطينية الأخرى لا استثني منها فصيلا؟! لماذا تتطبع كل المراكز الحقوقية والجبهات والحركات والأحزاب – تلك التي “بقردين وحارس” والأخرى التي فيها عدد أكبر من القرود والحراس – مع الاعتداء على رموز وشخصيات ومؤسسات حماس رغم أن عنوان المعتدي معروف وواضح؟ ورغم أن المسؤولية تقع على جهاز رسمي ينفذ الاعتقال السياسي في وضح النهار؟ هل هي ترضى بعودة الاعتقال السياسي وخطف مئات الشبان فقط لأنهم من حماس؛ أم أن بعضها يعمل وفق مبدأ “حيّدت عن ظهري بسيطة”؛ والبعض الآخر يستمتع بكل ما ينال من الإسلاميين من تنكيل ارواءً لغليل أمراضه الأيديولوجية الملتهبة حقدا ولؤما حد “الاحمرار”؟!
إن استمرار سكوت هذه الجهات على فجرات فتح في الضفة؛ وعلى الاعتقال السياسي؛ وعلى عودة التنسيق الأمني في الضفة بكل قوة – حيث يخرج المناضل من حماس من سجن كلب السيد لينتقل لسجن سيد الكلب – يحملها جزءاً من المسؤولية عما يحدث. وإن سكوت هذه المجاميع على إحراق مئات من مؤسسات حماس والمؤسسات العامة التي اشتبه في أنها ترعى نشاطا إسلاميا؛ والسكوت على نهب الجمعيات الخيرية ودور القرآن الكريم وتدميرها وإغلاقها في كل أنحاء الضفة فيما هي تهب لكل صريخ فتحوي- هذا السكوت يضفي عليها صفة خدانة الباطل وصفة الشريك للمجرم.
يجب على هذه الجهات كلها أن تستيقظ من سباتها؛ فإن لم يكن ذلك من أجل الحاجة لصحوة ضمير فعلى الأقل من أجل حسابات الأمر الواقع: هذه الحسابات التي تقول إن ضرب حماس – لو تم انجازه لا سمح الله – سيمهد للسحق التلقائي لكل قيمة نبيلة في فلسطين؛ بدأ من الحريات وانتهاء بالمقاومة. فهل غابت عن أعين هذه الشخصيات والجهات الاعتبارية إجراءات عباس في الانقلاب على الحريات السياسية؛ وفي تجريم المقاومة وحل “الشركة العامة للمقاومة” وبيع السلاح في موسم تنزيلات الرجال؟!
نتوقف اليوم عند هذا الحد؛ وفي المرة المقبلة نتابع إعلان الضجر من استمرار انعقاد ألسن أكثر الطيف السياسي والإعلامي الفلسطيني تجاه ما تصنعه فتح من تخريب مادي وسياسي في الضفة بخاصة؛ وعلى مستوى القضية الفلسطينية بعامة؛ فإلى الملتقى بإذن الله.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...