ثالوث الكذب العباسي والموقف المطلوب من حماس (1)

لو نحينا تفاصيل وليمة الشتائم والردح التي أقامها عباس بالأمس في المجلس المركزي ضد حركة حماس وركزنا على الأفكار؛ فسنجد أن الرجل حام حول ثلاثة مفاصل رئيسة ملخصها أنه يشعر بجرح في “الكرامة” من “انقلاب” حماس عليه؛ وأنه بسبب الانقلاب مضطر للتصرف “بمسؤولية” عالية لتصويب الأوضاع؛ وأنه في ذلك ينفذ عملا “وطنيا” نبيلا ينصر “الشرعية”. ورغم كثرة الشتم والردح والانفعالات الأكروباتية المضحكة فإن عباس لم يكن مقنعا أبدا؛ فالكرسي الذي يجلس عليه له ثلاثة أرجل والأرجل الثلاثة مكسورة!
حديث عباس عن الإصابة بجرح في الكرامة مع من منحهم فرص الحوار وأضاعوها هو نكتة سقيمة وسخيفة تشبه الطرفة التي قال فيها أحدهم أن صديقه أصيب بجلطة في المخ؛ فيرد عليه أحد الخبثاء: ” ومن أين لصديقك هذا الأحمق عقل ومخ ليصاب فيه بجلطة؟!” في نفس السياق أنا أتساءل عن هذا الكبرياء الزائف لدى عباس الذي يرى أن حماس حطمته ولم تراعه؟ من أين هبط عليك هذا الاحساس بالكرامة الشخصية؟ وما هذه الكرامة المصممة لتكون حساسة ضد حماس وضد أبناء الوطن؛ ومصممة في الوقت نفسه لتكون باردة ومثلومة وبلاستيكية مع العدو؟! لم نسمع مثلا أن عباس شعر بالزراية والتحقير حين طرطقت عظام ظهره من شدة العناق مع أولمرت في البتراء؛ فيما دماء عائلة غالية كانت لما تزل على يديه! لماذا لم يلح على عباس وفريقه المساوم وجع الكرامة وهم يقابلون سفاحي دماء شعبنا بالضحكات والمصافحات بين يدي كل مجزرة واجتياح وإبعاد؟ إن هذه الكرامة الانتقائية تثير شكنا في أن هذا الكبرياء مفتعل؛ تماما ككبرياء زوج العاهرة الذي يغضب إن داس أحدهم طرف حذائه في حافلة النقل العام؛ لكنه يتمتع بسعة أفق وبراغماتية فائقة في الليل أثناء ساعات العمل الرسمي لزوجته الغانية!
إذا لتعذرنا فتح وعباسها في قضية الكرامة؛ فنحن لا نصدق أنه بقي في ضرع أوسلو الجاف متسع لمثل هذه المفاهيم الميتافيزيقية فتحويا. ألم يقل فياض أنه “متمسح” وأنه لا يتأثر لو وصفه أحد بأنه عميل؟ برأيي فإنه لا يحق “للمتمسح” الحديث عن رقة جلده وعن تحسسه من الماء الطهور!
أما ثاني أعمدة الكذب الرئاسي فكانت المحاولة الخائبة والبائسة للظهور بمظهر الرجل المسؤول وصاحب القرار. الرئيس عباس حاول دون جدوى أن يقول أنه هو من قرر مقاطعة حماس؛ وأنه بقراره المستقل الشخصي يريد أن لا يحاور حماس. عباس فعلا غاضب من حماس لأنها نالت منه ومرغت أنف جهازه العميل في الوحل؛ لكن قرار رفض الحوار مع حماس ليس في الحقيقة خيارا له أن يأخذه أو يرده… فعباس على نفسه لا يمتلك أن يريد الحوار أو لا يريده! هو نعم لا يريد الحوار لكنه حتى لو أراد فهو لن يستطيع! عباس لم يبق له الآن للهرب من تهمة الهزيمة أمام المشروع الحماسي إلا الفرار للأمام والصراخ على حماس؛ ووضع كل البيض في سلة أمريكا وإسرائيل؛ وهو يعرف أنه إن لم يفعل ذلك فسترتد الموجة نحوه تهما بالتقصير في محاربة حماس؛ وقد يدفع الثمن من الذي فيه عيناه!
عباس يعرف أنه إن خرج عن لحن “الكورس” المنشد في المقاطعة فسيعمل كل من الطيب وعبد ربه وباقي هيئة مستشاري النحس والشؤم على تنظيم جنازة مهيبة للرئيس الفلسطيني الذي سيغدو “سابقا”؛ وسيحتل قبره مكانا هامشيا بجنب قبر عرفات؛ وربما بعدد أقل بكثير من الدموع؛ وبتغطية إعلامية مكفهرة وباهتة؛ ودون “فسحة” أخيرة إلى فرنسا؛ ودون قبضة تراب مقدسي تنثر على اللحد غير الشريف!
أما ثالثة الأثافي فكانت زعم الرجل بأنه يقوم على مشروع وطني وأنه ينصر الشرعية؛ وأنا حقيقة لا أفهم عن أي وطنية وأي شرعية يتحدث. لنبدأ بهذه الاخيرة: فمن الواضح أن مفهوم الرجل عن الشرعية هو امتلاك أكبر عدد من كبار السن العجزة غير المنتخبين ممن غابوا عن الساحة أعواما؛ ولا يتم استدعاؤهم إلا كمطبلين و”مبخراتية” لعريس الشرعية المزعومة حين يعلن حرده ورفضه التعامل مع الشرعية الأصيلة! هل يعقل أن هذه هي الشرعية؟ وهل يعقل أن فلسطين خلت من الكفاءات والعناصر المؤثرة ليؤتى بمجاميع من العاجزين شكلا وموضوعا لإدارة شأنها؟ بأي قانون وأي شريعة يخول غير المنتخب وغير الممثل حق تقرير مصير الأجهزة المنتخبة؟ وباسم ماذا؟ وكيف وهم لا يعرفهم أحد؛ ولا يذكر نشاطا لهم أحد؟!
أما إبقاء عباس على مصطلحات “الوطنية” و”منظمة التحرير” فكلام يثير الغثيان حقا. أي تحرير هذا الذي سينجزه أيتام دايتون؟ أي تحرير لا زال معلقا في رقبة مؤسسة كل من فيها يحقر الشهداء والعمليات الاستشهادية ويعتقد أن الإعدام الميداني هو عقوبة عادلة في حق من يقصف إسرائيل بالصواريخ؟!
نتوقف اليوم عند حد نقض هرم الأكاذيب الرئاسي؛ ونتابع غدا مع خيارات حماس إزاء هذا الخطل الشكلي والمعنوي؛ فإلى المتلقى.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...