السبت 10/مايو/2025

ما بين رقصة الخمسة بلدي…وغلوة خبراء الميدان..!!

كمال جابر

هما ليستا قصتين بديعتين.. ولا فلمين ينسجان حكاية جذابةً تستهوي الأفئدة..أو تشدان المشاهد الى عوالم الإثارة عبر فصول من الغموض والدراما الشيقة ..!! ولكنهما رغم كل ذلك تُعبران عن دلالات رمزية كبيرة..وتكشفان عن ملامح كوميديا جانحة في الابتذال والتحرر من قيود النص .. في الوقت الذي لا تستطيع فيه حركات المهرج المفتعلة أن تصرف أنظارنا عن حجم التراجيديا الحقيقية التي يمكن قراءتها بوضوح في مضامين هاتين الحكايتين الجميلتين..!! فما بينهما تظهر الحقيقة المحزنة..ويكبر الألم ويتراجع الامل.. وتختلط المشاعر ليس لأن إيراد هذه التعبيرات في سياقاتها المعلومة للجميع..يُشير الى مستوى الانحطاط القيمي والذوقي الذي يطبع من تفوه بهذه العبارات .. فهذا الاستنتاج إنما يأتي من باب تحصيل الحاصل..،، لا بل لأنها تشكل خارطة توضيحية للذهنية التي يُراد لها أن تسود وتتحكم في مصير الناس وقضاياهم..!!

فمنطق الزعرنة والفهلوة الذي واكب مسيرة شعبنا منذ أن أصبحت له قضية يسير بها في العالمين كان سيد الموقف وما يزال.. ولذلك فقد انتقلت هذه القضية من انتكاسة إلى أخرى أشد منها وطأةً..،، ولأن هذه السياسة كانت السمة الأبرز في مسيرتنا الرسمية طيلة عقود كان لا بد للاحق من القيادات الناشئة أن ترثها بوصفها التركة الأبرز والأكثر رواجا في السوق السياسي الذي تتراجع فيه القيم النبيلة ومعاني رفض الظلم والعدوان.. بطريقة سلسة ودون عناء ،، ولأن اقصر الطرق للتخريب على المسيرة السياسية التي تتدثر بشرعية صندوق الانتخاب وتكسب بذلك قوة وزخما في مواجهة الغطرسة الصهيوأمريكية هي البلطجة وممارسة الفلتان.. كان لا بد وأن يكون وكلاء هذه البلطجة ونجوم الخمسة بلدي وجنرالات الفلتان في الصفوف المتقدمة للمواجهة لإنتاج الفوضى الخلاقة المطلوبة أمريكياً وصهيونيا ومحليا..!!!

فالقيادات التي لا تملك ميزانا عدلا لتقييم الأمور .. لترتفع به قيمة الوطن وقضاياه في مقابلة المصالح الفردية والأمجاد الشخصية ولا تنظر إلا بعين واحدة ..فتحجبها رؤيتها لنفسها عن رؤية الحقائق الدامغة من حولها.. فالأنا القبيحة والتنظيم..والمصالح وتوهم امتلاك القوة عندما تستحكم في النفوس وتسيطر على الوجدان.. فإنها بالتأكيد ستحجب (عين الشمس) عن الإضاءة على طرف المعادلة الآخر على الأرض فلا ترى عندها احتلالا صهيونيا يبتلع الأرض وينهش العِرض.. ويتربص بنا المزيد كلما لاحت له فرصة ..، وعندها فقط تصبح ممارسة (الغلوات) في حق الخصوم السياسيين من أبناء الشعب الواحد منتهى الآمال وغاية الغايات..!!!

فامتلاك الجرأة والوقاحة معا على المناكفة والقابلية للانخراط في المخططات المعادية دون تحفظ حتى لو أدى ذلك إلى إشاعة القتل وإراقة الدماء يبدو أنه كان المعيار الأنسب للرهان على هذه الشخوص لتقوم بدورها المطلوب.. ،، ففوضى رايس الخلاقة التي وضعها وقننها مخططون إستراتيجيون،، ومحللون مهرة،، لا تحتاج إلى منفذين بهذا المستوى من الكفاءة ..طالما ان المطلوب هو الفوضى والفوضى فقط،، فمواصفات المنفذ ليست ذا بال طالما هو يجيد لعبة الترقيص “خمسة بلدي”.. أو التلويح بالعصا الغليظة،، ولكن المقلب الحقيقي الذي تجرعه الأسياد وعبيدهم لا يتوقف على الإدراك المتأخر لحقيقة أن الفشل الحتمي سيكون نصيب السياسات التي تعتمد على الأشخاص عديمي الكفاءة والمقطوعين عن السياقات والمسببات الموضوعية لتحقيق النجاحات المطلوبة.. خصوصا عندما تكشف الأحداث أن نجوم الرقص خمسة بلدي يجيدون ممارسة (الهريبة كالغزال) ..أكثر مما يجيدون ممارسة الترقيص والرقص ولو على طريقة (الرقص حنجلة)..!!

ولكن هل يعني إسدال الستار على مشاهد الحسم الأمني الذي جرى في غزة مؤخراً سقوط سياسات الخمسة بلدي ومنطق أبو غلوة في التعاطي مع الشأن الداخلي الفلسطيني من قبل وكلاء تمريرهما ؟؟ أم أن الحسم بحد ذاته هيأ الفرصة للكشف عن ألوان جديدة من (الخمسة بلدي) وإبراز وجوه جديدة قديمة لقائمة الوكلاء الأمناء والقيمين المؤهلين لتنفيذها على نطاق أوسع؟؟

فكيف يمكن لنا أن نفهم دعوة محمود عباس لأولمرت باجتياح قطاع غزة ؟؟ وفي أي سياق يمكن تصنيف هذه الدعوة؟؟ وكيف نستطيع تفسير دعوته مرة أخرى لإدخال قوات أممية للقطاع بحجج أوهى من خيط العنكبوت..؟؟ بعيدا عن منطق إفشال الخصم وسحقه حتى ولو تطلب الأمر التحالف المعلن ودون خجل مع بوش وأولمرت .!! وفي أي سياق من سياقات التحليل يمكن للمتابع أن يفسر ويتفهم الدعوات المحمومة للإبقاء على معابر قطاع غزة الحدودية مقفلة في وجوه آلاف العالقين.. بعيدا عن منطق الزعرنة والتساوق مع أجندة العدو التي تعبر عنهما فكاهية الخمسة بلدي؟؟؟

وهل من مبرر منطقي ومعقول لحرمان ثلاثين ألفا من الموظفين لرواتبهم والتهديد بقطع الراتب أيضا عن كل من لا يتعاطى مع قرارات الحكومة الطارئة ؟؟ أم أنه أسلوب جديد من أساليب لي الذراع ووضع العراقيل وتكثيف الضغوط – وفق سياقات الخمسة بلدي إياها- في وجه الحكومة الشرعية لإضعافها والتعطيل على مسيرتها.. والوصول إلى إسقاطها كهدف أوحد ووحيد ؟؟

ولكن السؤال الجوهري والملح والذي يجب أن نبحث له عن إجابة مقنعة ومفاده أنْ.. هل الفاقد للقدرة على تشكيل شخصية مستقلة يتعزز وجودها وتكسب شرعيتها من رؤية منطقية وعادلة تستند إلى قيم الحق والخير..وهل الفاقد للأهلية لمزاحمة الآخرين على مساحة إثبات الذات عبر إيجاد موطئ قدم حقيقي على خارطة ألأحداث.. !! وهل يكون من استمرأ إسناد ظهره إلى قوة ساعد العدو المجرم في مواجهة بني جلدته استقواءً بسياسة الخمسة بلدي ..!! هل هؤلاء قادرون حقيقة على هزيمة إرادة الشعب ،، وتحطيم آماله على صخرة تآمرهم وانحيازهم لكل شيء إلا للحق الفلسطيني الخالص؟؟؟؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات