حين تبدو صورة ضباط الجيش متردية للغاية!

خلفت حرب لبنان في الجيش مرضا شديدا، يتفاقم ويحتدم باستمرار، وهو لا يتمكن من التغلب عليه اليوم أيضا، بعد سنة من ذلك، يمكن للجيش ان يدرب الأشخاص، يمكنه أن يملأ المخازن بالمعدات المتطورة، يمكنه أن يضع خططا ميدانية رائعة، ولكن روح العجز، الصورة الذاتية المتردية لرجال الخدمة الدائمة، والتي تحتدم فقط منذ الحرب الأخيرة، لا ينجح في ترميمها.
هذا ليس مجرد قول آخر في إطار الجلد الذاتي الذي يتملكنا منذئذ، أرقام ومعطيات تدل على ذلك، توضع على طاولات رئيس شعبة المقدرات البشرية في الجيش ورئيس الأركان، والآن ايهود براك أيضا يهتم في ذلك، وليس عبثا، فإذا كان كل طيار ثان يرغب في الذهاب للبيت بعد الحرب، وبالتالي يوجد هنا حقا شيء مريض جدا.
قسم علوم السلوك، الذي يدرس مواقف رجال الجيش، سأل رجال الخدمة العسكرية الدائمة سؤالا بسيطا: كيف برأيكم يُنظر للمهنة العسكرية في أعين المواطنين؟ هل تعتبر مهنة اعتبارية؟ في العام 2005، قبل الحرب، أجاب 61% من الضباط بان في رأيهم المجتمع المدني يرى في الخدمة العسكرية مهنة اعتبارية، أما بعد الحرب، في العام 2007، فقدر 26% فقط من ضباط الخدمة الدائمة بان مهنتهم تعتبر في الخارج اعتبارية، كل الباقين مقتنعون بأن الجمهور ينظر إليهم ككومة من المتعطلين، ومع مثل هذه الصورة القاسية من الصعب بث روح حقيقية في الجيوش والانتصار في الحروب.
للجمهور، بالمناسبة، يوجد رأي أفضل قليلا عن المهنة العسكرية، في بداية 2007، في ذروة الأزمة التي اندلعت بعد الحرب، كان لا يزال 33% من المدنيين يعتقدون أن الخدمة الدائمة في الجيش هي مهنة اعتبارية، هذا ليس كثيرا، ولكنه لا يزال أكثر مما قدروا أنفسهم عليه رجال الخدمة الدائمة، وإذا لم تكن هذه صورة ذاتية متردية، فما هي إذن هذه الصورة؟
معاني هذه الظاهرة هدامة، وليس فقط على المدى المتوسط والبعيد، الضرر يمكن رؤيته في المدى القصير أيضا: الرجال يصوتون بأقدامهم، مئات عديدة من الضباط الشباب برتب ملازم أو نقيب، لا يوقعون على عقود الخدمة الدائمة، وبالأساس، هناك نقص في المهن التكنولوجية الداعمة للقتال، ومع ان الصفوف تمتلئ، ولكن بمن؟ الآن يفحصون في شعبة المقدرات البشرية: من هم الأشخاص الذين رغم ذلك يبقون؟ هل هم الأفضل؟ هل هم حقا الأشخاص الذين يريدهم الجيش؟
الفحص لم يستكمل بعد، ولكن الصورة المرتسمة حاليا مشوهة جدا، فإذا كان في الماضي على كل منصب يتنافس أربعة ضباط، فانه يتنافس اليوم على كل منصب ضابط واحد أو اثنان، ومن أصل جملة صغيرة كهذه لا تنتج نخبة، وهؤلاء الضباط سيكونون في السياق في رتبة مقدم وعقيد وعميد، وإذا لم يكونوا هم الأفضل حين يكونون ملازمين ونقباء، فان القيادة أيضا ستكون متوسطة، وعندها، هناك، في الأعلى لن يتواجد دوما الأفضل، وعندها فإننا لا نكون حقا قد تغلبنا على المرض الذي خلفته الحرب في الجيش.
في الوحدات الميدانية يشعرون بقدر أقل بنقص في الملازمين والنقباء الذين يواصلون الخدمة العسكرية الدائمة، ولكن في شعبة المقدرات البشرية سلسلة من المؤشرات التي تدل على ان المرض بدأ يتسلل هناك أيضا، القيادة العسكرية تجعل الحياة سهلة بالنسبة لها وتبحث عن قطعة النقد تحت الفانوس، فمن برأيها المذنب بوجود روح عجز في الجيوش؟
وسائل الإعلام بالطبع، وإلا من؟ ولإقناع نفسها بصدق موقفها تتمسك بالاستطلاعات، ضباط الخدمة الدائمة يُسألون، ما هي برأيهم، صورة الجيش في وسائل الإعلام، قبل الحرب في العام 2005، كانت هذه جميلة جدا بالذات: 50% من رجال الخدمة الدائمة أجابوا بان صورة الجيش في الإعلام ايجابية، بعد الحرب، في العام 2007، يلوح انهيار شامل: فقط 15% من الضباط الدائمين يعتقدون أن صورة الجيش في الإعلام ايجابية، إذن قبل كل شيء الذنب هو ذنب وسائل الإعلام، هي مذنبة في أن رجال الخدمة الدائمة تعبون، هي مذنبة لأنها لا تقول أننا انتصرنا في الحرب، هي مذنبة في أن لجنة فينوغراد قررت ما قررت، وبشكل عام، وسائل الإعلام هي التي تدعو الأم العبرية إلى عدم تشجيع ابنها على مواصلة الخدمة العسكرية الدائمة، وكأنه قبل عشر سنوات كانت الأمهات يضغطن على أبنائهم اختيار المهنة العسكرية.
بعد ذلك يقع الذنب أيضا على التكنولوجيا العليا المزدهرة، وبعد ذلك مذنبة الرواتب المتردية، العبء في المهمات، الهبوط في المقدرات، التغييرات التنظيمية، صحيح، فان تجربة الحرب، كما يعترفون في الجيش، لم تكن بالضبط تجربة جاذبة للتجنيد، شيء واحد فقط لا يبحثون عنه: في داخلهم، الجنود يهجمون بسبب الرفاق وبسبب القادة، الضباط يريدون مواصلة وجودهم في الجيش الدائم بسبب قدوة شخصية للقادة المباشرين، بسبب محيط عمل مهني، جدي، بسبب الأجواء، بسبب الرفاق الطيبين، ولكن إذا ما ساء حظ الضابط، وقائده المباشر، الرائد أو المقدم، تعب، ولا يقدم قدوة شخصية وليس لامعا على نحو خاص، فلماذا يرغب ذاك الضابط في مواصلة البقاء كجزء من المنظمة العسكرية؟
لعله حان الوقت لان يرفع الضابط أيضا بناء على جودة رجال الخدمة الدائمة الذين نجح هو شخصيا في إبقائهم في الخدمة، هذا سيكون المعيار الذي يشير إلى جودة القائد والقدوة الشخصية التي يقدمها، لعل الإصلاح ينبغي أن يبدأ من هنا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...