السبت 10/مايو/2025

فتح قبلت السمكة… بدلاً من أن تتعلم كيف تصطاد !!

حسن القطراوي

لا شك في أن الإفراج عن أي من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي هو أمر مرحب به باستثناء الطريقة التي تتم بها تلك الإفراجات عن الأسرى الفلسطينيين ، وعلى أي حال ، فإن الإفراج المزمع والتي تعهد به رئيس حكومة الاحتلال أيهود أولمرت في قمة شرم الشيخ عن “250 أسيرا فلسطينياً فتحاويا أياديهم غير ملطخة بالدماء الإسرائيلية ” كما وصفتهم الحكومة الإسرائيلية.

كل ذلك قد يمثل عائقا وليس دعما لرئيس السلطة الفلسطينية لأنه ببساطة ووفق الشروط التي وضعت تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل تتعامل مع الرئيس الفلسطيني كرئيس لفتح فقط مستثنية منه رئاسة الشعب الفلسطيني ولربما أن هذه الصفقة هي تأتي في سياق إضعاف حكومة الطوارئ وهي ابعد من أن تكون دعما لها ، لأنه وببساطة أيضا فان شرائح الشعب الفلسطيني ولا سيما المواطن يعلم بأن هذا الدعم ليس محبة في الطرف المدعوم إسرائيليا بقدر ما هو كُره بالطرف الآخر ورسالة موجهة إلى حماس مفادها بأن الحلول السلمية والتفاوضية ورضا إسرائيل عن الحكومات الفلسطينية المختلفة هو الكفيل بالإفراج عن الأسرى وبأن الإرهاب بعيد عن تحقيق مثل تلك الخطوات والتي تتمثل في كونها دعما حقيقيا.

المواطن الفلسطيني يعرف ذلك ولكنه ينظر إليه بطريقة مختلفة عن تلك النظرة التي تريدها إسرائيل ، فأنا استغرب بأن الحكومات الإسرائيلية المتتابعة قد لا تستفيد من مثل هذه الخطوات فجميعنا يذكر تلك الصفقة والتي تمت في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون والتي تمثلت في إطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين كونها تمثل دعما لرئيس السلطة الجديد آن ذاك محمود عباس والذي مازال رئيس السلطة الحالي الأمر الذي أدى إلى أن يقرأ المواطن الفلسطيني بطريقة عكسية مثل تلك التفاهمات الداعمة لأي شخصية فلسطينية لأن الوضع البديهي يقول بأن الشارع الفلسطيني لا يمكن أن يثق بحال من الأحوال بمن يتلقى دعماً من إسرائيل والتي تمثل العدو الأساسي للفلسطينيين ، وبالتالي فإن المواطن الفلسطيني وبعد دخول حركة حماس في العملية السياسية قد أولاها ثقة كبيرة أدت إلى فوز الحركة بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في إشارة واضحة لإعطاء الثقة لمن يحملون مشاريع مقاومة مناهضة لتك التي تقوم على أساس التسوية مع إسرائيل.

ومن هنا يمكن أن نبدأ في قراءة هذا الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من زاوية أخرى وهي أن حركة فتح بلا شك قد قبلت تلك السمكة التي أعطتها إسرائيل لحركة فتح تحديدا في إشارة إلى دعم رئيس فتح وهذا يمثل امتعاضه من بقية الشعب الفلسطيني الذي يمثل الرئيس الفلسطيني رئيسا لهم ولا سيما كرها لربما في حكومة الطوارئ والذي بدا أمر الإفراج عن الأسرى كدعم لها في إشارة إسرائيلية واضحة مما يبدأ المواطن الفلسطيني بالنظر إلى الحكومة أيضا رغم أنها حكومة كفاءات إلى كونها تمثل فقط حركة فتح وبالتالي هي تتولى أمور حركة فتح فقط بعيدة عن الاهتمام بكل الشعب الفلسطيني لما توليه قضية الأسرى الفلسطينيين من أهمية وحساسية كبيرة لدى شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني.

الرئيس الفلسطيني وحكومة الطوارئ لم يدركوا بالضرورة مخاطر هكذا صفقة ، لأنهم اعتقدوا أن الصفقة في صالحهم فقط من دون دراسة المخاطر الأخرى والتي تتمثل في تهيئة الرأي العام في الشارع الإسرائيلي من مثل هكذا صفقة مع الرئيس الفلسطيني وحكومة الطوارئ لما هو قادم من صفقة اكبر وأكثر حساسية لا تتحكم فيها إسرائيل، بل من يتحكم فيها هي المقاومة الفلسطينية التي أسرت الجندي الإسرائيلي وعلى رأسها حماس التي تقود المفاوضات عبر وسيط للإفراج عن أسرى فلسطينيين من كل الفصائل، أقول من كل الفصائل ولربما منهم قادة من حركة فتح، بل أكثر من ذلك قد يتحقق في صفقة حماس المنتظرة وهو لم تحققه صفقة اولمرت عباس ويتمثل في إطلاق سراح أسرى ذوي محكوميات عالية ومقاومين فلسطينيين  بمعنى ما تطلق عليهم إسرائيل ” أياديهم ملطخة بدماء إسرائيليين ” وهنا يمكن للمواطن الفلسطيني أن يقارن من جديد بين من التقط السمكة من دون أن يتعلم كيف يصطاد وبين من رفض السمكة وتعلم كيف يصطاد وللمواطن الفلسطيني حينها أن يقول كلمته بمعنى أن شعبية حماس قد تقترب من أعلى مستوى لها في سنين مضت إن نجحت صفقة حماس في الإفراج عن تلك الأوصاف من الأسرى الفلسطينيين وهو ما قد يمثل إحراجاً لصورة عباس وحركة فتح وحكومة الطوارئ سياسيا وشعبيا لأنه وببساطة فإن المواطن الفلسطيني ليس غبيا حين يتوجب عليه أن يحكم بين من يفرض على إسرائيل أن تفرج عن أسرى بمواصفات فلسطينية رغم أنفها وهي مكرهة وبين صفقة إفراج عن أسرى بمواصفات إسرائيلية بحتة، لذلك فإن الإفراج عن 250 أسيرا فتحاويا رغم محبتنا للإفراج عنهم وعن أي أسير فلسطيني إلا أنني أعتقد أنها تمثل صفعة سياسية للرئيس الفلسطيني محمود عباس قد تكون قاضية إن لم ينته من ردات الفعل التي يتعامل على أساسها ، وتعامل من نفس المسافة مع الكل الفلسطيني .

* باحث وكاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...