الإثنين 12/مايو/2025

الاقتصاد الخفي لحركة حماس

الاقتصاد الخفي لحركة حماس

الانقلابات العسكرية تكلف مالاً، الاستيلاء على قطاع غزة خلال الشهر الماضي من قبل حماس فرض عليها مهمة دفع الرواتب وشراء الأسلحة وتصنيع الصواريخ، وشراء مساعدة الأسر المحلية، وطباعة النشرات واللافتات ونشر الدعايات الإعلامي، وحتى توزيع قبعاتها، كيف مولت حماس ما حصل من سيطرة؟ ماذا عن “الحصار الاقتصادي” الدولي التي تعرضت له حكومتها؟ ألم تكن حماس مرتبطة بصناديق الأموال التي أحضرتها نقداً إلى غزة عبر الحدود مع مصر؟

جزء من الإجابة تكمن فى مدينة رفح على الحدود المصرية، أنفاق التهريب، التي تشرف عليها عشائر أكثر اهتماما بالربح من الأيديولوجية والهرب بين المنازل على جانبي الحدود، والسلطات الصهيونية المصرية اكتشفت أنفاق على عمق يصل إلى 98 قدما تحت الأرض في محاولة لتجنب كشفه، بعض الأنفاق تشمل الهواء والكهرباء والإنارة، وحتى عربات سكك حديدية وسبل المساعدة على تهريب الأشياء الثقيلة، وعندما يتم العثور إلى الأنفاق وإغلاقها تبقي أجزاء كبيرة منها سليمة ما يتيح الفرصة لإعادة فتحها من جديد.

في سبيل بضعة آلاف من الدولارات، جماعات مثل حماس تقوم باستئجار الأنفاق لمدة ليلة أو أكثر لتهريب الأسلحة والمواد الأخرى، وفق المسئولين الصهاينة والمصريين وبعض التقارير الصحفية، حماس تمكنت من تهريب ودفع أثمان الأسلحة رغم الحصار الدولي، من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، كمثال نموذجي للتعاون السلس بين أجنحة حماس المختلفة العسكرية والسياسية والخيرية.

المكتب السياسي لحماس ، ومقره في دمشق بقيادة خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، طالما قام بحملات لجمع الأموال لتسليح المناضلين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفقا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية السرية، المكتب هرب الأسلحة للضفة الغربية براً من الأردن، وعن طريق البحر بواسطة إسقاط البراميل قبالة شاطئ غزة بواسطة السفن القادمة من سوريا ولبنان، ومن تحت الأرض عبر الأنفاق في رفح، وفي الأشهر الأخيرة، تقوم إيران بتمويل هذه العمليات.

ووفقا للسلطات الصهيونية، فإن عز الدين الشيخ خليل أحد كبار نشطاء حماس في رفح، نظم عمليات تهريب الأسلحة إلي رفح من دمشق حتى مقتله انفجار هناك عام 2004، واتهمت تل أبيب بالوقوف خلف عملية الاغتيال هذه لكنها لم تعلن مسؤوليتها.

ولعل أكثر ما يدعو للانزعاج، هو أن حماس ما زالت تتلقى أموالا من خلال الجمعيات الخيرية والرعاية الاجتماعية، على الرغم من تصنيفها مجموعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حماس، في مواجهة عقوبات دولية، نجحت في تحويل الأموال إلى الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال اللجان الخيرية ومنظمات الخدمات الاجتماعية.

ومن خلال خلط حماس الأموال عبر أجنحتها السياسية والخيرية والمناضلة، فإنها تدعم قوتها التنفيذية وخلايا كتائب القسام تحت ستار من الشرعية السياسية والإنسانية على سبيل المثال، الشهر الماضي السلطات الصهيونية اتهمت أربعة أعضاء من جمعية الرام الخيرية شمال القدس بتمويل حركة حماس، ووفقا للائحة الاتهام، حوالي 237 ألف دولار تم تحويلها للجمعية في العام الماضي من قبل هيئة سعودية توصف بأنها مظلة للجمعيات الهادفة لدعم حماس.

بعد سيطرة حماس علي غزة الآن، من المهم إغلاق ثغرتين من الثغرات التي مكنت حماس من تمويل سيطرتها على غزة، أنفاق التهريب في رفح، والتمويل من خلال شبكة الخدمات الاجتماعية التابعة لها.

يمكن لمصر إغلاق حدودها مع غزة، القاهرة أعلنت معارضتها لظهور “أمراء حرب إسلاميين” في غزة، وهي تحتاج لمتابعة هذا الكلام مع أي مبادرة جادة لحراسة الحدود، وتركز في المقام الأول على مسافة 8 أميال على الحدود مع غزة، كما يجب عليها مراقبة الحدود بين سيناء وصحارى النقب، والذي تم تهريب الأسلحة للضفة الغربية من خلالها.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يجب أن يعملان على تجنب أزمة إنسانية بمساعدة موثوقة وشفافة للمنظمات الدولية، كما ينبغي توسيع نطاق تسمية الكيانات المحظورة لتشمل قائمة طويلة من الكيانات التي تسيطر عليها حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، تقييد المؤسسات الخيرية التابعة لحماس سيدفع البنوك الدولية لإيقاف التحويلات المالية الخاصة بها.

طالما أن نظام حماس السياسي والاجتماعي يعمل دون عوائق، فإن حماس ستكون قادرة على تمويل كامل لجميع أنشطتها، بما فيها الهجمات ضد الإسرائيليين.

* كاتب المقال: زميل في معهد واشنطن، نائب مساعد الوزير لشؤون الاستخبارات والتحليل في وزارة الخزانة سابقاً، ومؤلف كتاب: حماس: السياسة والعمل الخيري والإرهاب في خدمة الجهاد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات