السبت 10/مايو/2025

جونستون.. والمترنحون من أثر الصفعة!

لمى خاطر

لن أتحدث هنا عن عملية تحرير الصحفي البريطاني جونستون ولا عن دلالاتها وأبعادها ولا عن حجم الرصيد الذي أضافته لمصداقية حماس وما عكسته من انضباطها وقدراتها الفائقة على إنهاء مظاهر الفلتان والزعرنة، وعلى الوفاء بعهودها والتزامها الوطني والأخلاقي.. فكل هذه الأمور ظهرت جلية منذ اليوم الأول لتطهيرها غزة من عصابات دايتون ومرتزقة المشاريع الصهيوأمريكية..!

غير أنني أود أن أعرج على مظاهر الحمى التي أصابت على نحو مفاجئ أولئك الجالسين في الخندق المقابل لحماس بعد أن أورثتهم عملية تحرير جونستون دون نقطة دم واحدة حسرة بالغة تجلت آثارها هذياناً وهلوسات تبعث على الرثاء انطبعت بها ردات أفعالهم.

والمقصود هنا بطبيعة الحال المنظومة الفتحاوية الرسمية وما اتصل بها وتسلق أكتافها من ناطقين وإعلاميين ووسائل إعلام..!

ومن قدر له أن يتابع أداء هذه المنظومة قبيل عملية الإفراج عن الصحفي البريطاني وبعدها سيقف على مواطن طريفة حقاً تظهر بجلاء كم أن دائرة التخبط التي يسير فيها مأجورو تلك المنظومة واسعة ومتهافتة وكيف أن منطقها واهٍ ومهلهل!!

فقبل عملية تحرير الصحفي بيوم تبارت وسائل إعلام فتح في تهيئة الأجواء لنهاية دموية كان واضحاً أن فتح تتمناها بقدر ما كانت تتمنى ألا يخرج الصحفي حياً!.. وفي سبيل ذلك تم نسج قصص كثيرة حول حجم العداء بين حماس و(جيش الإسلام) وكيف أن حماس تريد القضاء على هذه المجموعة ليخلو لها الجو ولأن حماس لا يناسبها أن تتعايش مع أي شريك من أي نوع!

وبطبيعة الحال فقد تم تضخيم حجم هذه المجموعة المسماة بجيش الإسلام وأحيطت بهالة كبيرة وتم الخلط بينها وبين المجموعة الحقيقية التي تحمل هذا الاسم والتي شاركت حماس في عملية الوهم المتبدد، ثم بدأ الحديث في الساعات الأخيرة يدور عن اشتباكات مسلحة بين حماس والمجموعة الخاطفة وعمليات خطف متبادلة، ثم عن توقعات مأساوية لتلك العملية مع ما رافق ذلك من اتهامات وادعاءات لا آخر لها!

ثم كانت المفاجأة بأن بزغ فجر اليوم التالي وإذ بكابوس اختطاف جونستون قد انتهى ودون إراقة قطرة دم واحدة! وكان طبيعياً أن يكون حجم الحمى التي سرت في أوصال المتخندقين بسوء نيتهم ممن وقعوا في شر أعمالهم بحجم المفاجأة، وكان طبيعياً أن تنسيهم هذه الصفعة مواقفهم السابقة، فلم يتورعوا عن تحويل الموجة نحو بوصلة المؤامرة أو المسرحية على حد وصف (الكبار) في حكومة الطارئين وحاشية الرئيس!

صحيح أن لا الرئيس عباس ولا رئيس الحكومة الطارئة امتلكا الجرأة لاتهام حماس بالتواطؤ في خطف الصحفي ثم الإفراج عنه، إلا أن ما دونهما وبينهما من ناطقين ومستشارين ووزراء و(مثقفين) اتفقوا جميعاً على أن (وراء الأكمة ما وراءها) وأنه لا يعقل أن يكون تزامن هذا الحدث مع الإنجاز (التاريخي) المتمثل في دفع رواتب الموظفين محض صدفة خالصة! ولهذا فقد اتفقوا جميعاً على أن ما حدث كان مجرد صفقة ومسرحية مفبركة، بل ذهب بعضهم إلى آخر شوط الدجل المتداعي وأكد أن حماس حين أوعزت إلى تلك المجموعة بخطف جونستون قبل أربعة أشهر كانت تخطط منذ ذلك الحين للانقلاب على (الشرعية) ثم تحرير الصحفي لـ (تبييض صفحتها) فيما بعد! وبناء على ذلك أيضا فكل من وجه الشكر لحماس من الشخصيات الفلسطينية الوطنية قد أصبح في مرمى رصاص ناطقي فتح!

بطبيعة الحال فإن كل ما قاله جونستون بعيد تحريره وكل الدلائل التي أوردها في مؤتمره الصحفي الذي عقده في القدس على أن المجموعة الخاطفة لا علاقة لها بحماس من قريب أو بعيد وأن سيطرة حماس على غزة قد أربكت المجموعة، كل هذا لم يشفع لحماس عند من تجردوا من أدنى معايير المهنية والموضوعية من مسؤولين (كبار) وناطقين إعلاميين، بل إن تغطية كل الوسائل الإعلامية الدائرة في فلك فتح للحدث كانت باهتة جداً ومنطوية على مغالطات فجة وكبيرة.

وعلى كل حال، فلست أحسب حماس التي تجاوزت هؤلاء بوثباتها الفتية المسددة ستحفل قليلاً أو كثيراً بما يأفكون، ولست أحسب عقلاء العالم سيقفون عند روايات تصلح فقط لكي تقتات بها العقول المقفلة على تعصبها الأعمى والنفوس المطبوعة على النهم بتقديس الذات وتحقير الآخرين وتبخيس جهودهم واغتيالها معنويا!

فحماس اليوم تمضي مطمئنة وظهرها مسنود برصيد وطني خالص، بينما ينكفئ المتعكزون على منسأة جنرالات أمريكا على أنفسهم ويتقوقعون على رهاناتهم الخاسرة ويزدادون غوصاً في وحل الإملاءات التي لا فكاك من تطبيقها!

بقي أن نقول: هنيئاً لحماس صنيعها وتألقها المتصاعد وحظاً أتعس للمتربصين بها الدوائر ممن لا تنفك الصفعات تأتيهم من حيث لا يحتسبون، فلا تفلح الجلبة التي يثيرونها حول خصمهم في النيل منه، ولا هم يستطيعون أن يجنوا من الشوك عنبا!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...