الجمعة 09/مايو/2025

فعلا…حياتكم وقاحة!

رشيد ثابت

انتظر حافظ البرغوثي لتدخل مجموعة من القوة التنفيذية لجامعة الأزهر بطلب من محاضر يعمل في الجامعة – انتظر البرغوثي حدوث هذا ليتكلم أخيرا عن عار وعوار حال المؤسسات التعليمية في فلسطين؛ وكتب مقالا في ذلك عنوانه “حياتنا وقاحة”. ولكن البرغوثي حين فعل ذلك فقد فعله بالقدر الذي يتمم دوره كمثقف في خدمة الانقلابيين؛ لا أكثر!

دخول جامعة الأزهر خطأ دون شك؛ وجاء بناء على دعوة غريبة من محاضر في تلك الجامعة؛ ربما بما يشبه شركا إعلاميا منصوبا بإحكام (توابع الدخول من اعتصامات واحتجاجات تعزز هذه الفرضية؛ ولا تعفي القوة التنفيذية من فحص ما جرى والتحقيق فيه). ومع ذلك فإن هذا الدخول لم يفسد امتحانا؛ ولم يدمر نشاطا تربويا؛ ووقع في يوم عطلة الجامعة – الجامعة التي قالت أنها ستعطل أيام السبت – ولم ينتج عنه تزوير للشهادات أو تزييف للمستقبل. لكن البرغوثي انتظر حدوث هذه الواقعة ليسمح لنفسه أخيرا بالحديث عن الدمار الذي يلحق بالتربية والتعليم على يد عناصر الانفلات الأمني الفتحوي؛ لعله بذلك يستطيع أن يكسب “بنط” موضوعية رخيص يجمل صحيفته التي باتت تحمل اسم أو صفة “صحيفة المقاطعة” أو “جريدة النظام” باستحقاق وجدارة!

لم يتحدث رئيس التحرير الهمام عن قصف الجامعة الإسلامية؛ ولا عن طرد المدراء العاميين للتربية وتعيين بدلاء لهم من الشارع من أقارب المنفلتين أمنيا – كما حصل مع موقع مدير تربية نابلس الذي ذهب لأخي رجل العصابة “أبو جبل” – ولم يتحدث عن حرق ونهب وإغلاق عشرات المؤسسات ذات الطابع الثقافي أو التعليمي على يد جلاوزة فتح الذين هم أيضا عناصر في أجهزتها الأمنية! فقط ذكر حادثة منع فيها “مطاردون” لا يحملون طهر المطاردين انتظام الامتحانات في نابلس بحجة أنهم لم تخصص لهم قاعات للامتحان. وقدم هذه الحادثة على أنها كل رصيد فتح في التخريب وأنها عدل بما فعلته القوة التنفيذية في جامعة الأزهر في غزة!

إن دور المثقف النزيه يا حافظ برغوثي لا يكمن في رسم الحلول الوسط ولو كذبا؛ ولا في افتعال التوازنات الوهمية بين واقعين يراد تصوير أن كليهما ضار ومعيب ومهين لييأس الناس من المقاومة! المثقف الصادق الأمين عليه أن يقر أن الحكومة الطارئة قررت الوصول لتسوية مع اللصوص – لصوص النجاح – وفتحت لهم قاعات امتحان دخلوها بلا رقيب؛ وجاؤوا فيها بمن يكتب عنهم؛ وحملوا معهم كتبهم؛ واتصلوا هاتفيا بمن يساعدهم؛ وبلغ عدد هؤلاء الأشاوس في مدينة واحدة هي نابلس مائتين وخمسين مطاردا سينجحون “ببلاش”؛ وسيساهمون في رسم مائة علامة استفهام حول قيمة الشهادة المدرسية والجامعية في فلسطين؛ وحول معنى وفكرة المقاومة؛ ومعنى التحول إلى مطارد للمحتل!

حين يكون المثقف أمينا مع نفسه ومجتمعه فإنه يقول الحقيقة ويصرح بحصة الحكومة الطارئة من الجريمة. أما التحول إلى ممارسة دور محامي العصابات فهو من خوارم المروءة. وأما العمل على تقديم التبريرات لجريمة المنفلتين ورعاة الانفلات في الحكومة الطارئة التي قبلت التسوية الرقيعة التي تمت في ثانوية كثانوية عمرو بن العاص في نابلس – هذا العمل يحلق كرامة المثقف ويجعله يظهر كذراع يسرى لرجل مريض هو السلطة المُغتَصِبة لقرار الناس…السلطة التي لديها ذراع يمنى أخرى هي المخابرات والقوى البوليسية التي تنهش لحم الناس وتخضعهم بالإرهاب والخطف والتعذيب بالتواطؤ مع المحتل الصهيوني! لتعود الذراع اليسرى مرة أخرى لتكتب في تبرير ذلك وبيعه على أنه الشرعية والوطنية وما يجب أن يكون!

حافظ برغوثي لم ينتقد فتح أخيرا إلا بعد لبس انتقاده لها بالشبهات؛ ونسبة السلوك المنحرف للطلاب المنحرفين وحسب؛ ونسي حافظ أن ينسب مروق الطلاب الضالين لثقافة الارتزاق والاتجار بالوطن والتي يكرسها حزبه على مر تاريخه الطويل وعلى جماجم الشهداء! و لم يفعل ذلك بحال إلا ليبرر هجوما جديدا على حماس!

حافظ برغوثي لم يطالب بقسمة الجنين بين الأمين اللتين تدعيانه إلا تحقيقا لمأرب الأم الكذابة في أن تفجع الأم الحقيقية في وليدها! حافظ برغوثي حين انتقد خطأ واحدا لفتح وعلى استحياء – وتجاهل عشرات الأخطاء الأخرى لها في نفس الحقل التربوي – فإنه تصرف بكل انتهازية؛ تماما كمن قبل أن ينتقد إبليس لعدم تأدبه مع رب العزة؛ فقط ليسمح لنفسه بأن يتهم الله عز وجل في نفس الوقت بعدم الموضوعية والتسرع بطرد الشيطان من رحمته – تعالى الله عما يصفون!

وحتى يصدق القارئ أن دور مثقفي اللاشرعية هو من جنس دور المخابرات ومتمم لعملها؛ فعليه أن يلاحظ كيف أن حافظ برغوثي لخص مقاله بالدعوة لسحب كل سلاح المقاومة؛ هكذا مسويا بين سلاح فصيله المنفلت؛ وسلاح حماس الذي كسر أنف الانفلات وأخضعه وأذله وجعله في غزة تاريخا غابرا! فهل تريد يا أيها المثقف المدلس أن نسحب سلاح حماس لتأخذه الشرعية؟ وما هي الشرعية يا ترى وما هو سلاح الشرعية؟ هل هي تلك الأجهزة التي يرأسها أمثال طيراوي وأبو شباك؟ الأجهزة التي تقتل “أي واحد بيحمل صاروخ” – كما قال رئيسك منتشيا ذات تسجيل – أو تلك الأجهزة التي تحدد مواقع المطلوبين وبيوتهم وتعين بهذه المعلومات طيران الاحتلال ودباباته على دقة التصويب؟

للأسف يا سيد برغوثي أنت لا تكتب لمتخلفين عقليا؛ ولا لذباب فاكهة عمر الجيل الواحد منها لا يزيد عن ثمانية أيام؛ فالناس تفهم بالضبط من هو المقاوم؛ ومن هو المتطفل على الوطنية؛ وتتذكر السلاح البريء الطاهر النظيف وتحتفظ بذكريات مرة عن السلاح الدنس المنفلت؛ وتعرف أن الانفلات لم يحدث في فلسطين إلا على يد عناصر حزبك وبرعاية قادة الأجهزة الأمنية من أعلام قادة حزبك!

فلا تتذاكى على الفلسطينيين كل هذا القدر؛ فالأجيال الحاضرة أجيال عاقلة تخرجت من المدارس بشكل محترم وعن جدارة واقتدار؛ وهي ليست محمقة من جيل ثوار الشهادة المزورة؛ ولم تتخرج “دفشا” وسرقة على طريقة أبي جبل! وهي تفهم أن مدرسة “الحياة الوقحة” هي واقع يسعى صاحب “الحياة الجديدة” إلى تكريسه ثقافيا؛ ليكمل بذلك عمل أبي جبل في الانفلات الأمني؛ وعمل عباس وفياض في الانفلات السياسي؛ فتذهب كرامة الوطن بيعا وتفريطا على موائد بوش وأولمرت!

وهذا ورب غزة وما حصل في غزة؛ ما لن يمر ولن يكون!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...