السبت 10/مايو/2025

نجاح حماس في الإفراج عن الصحفي البريطاني يحرج المجتمع الدولي

محمد معناوي

نجحت  حركة حماس في الإفراج عن الصحفي البريطاني ألان جونستون المختطف منذ أربعة أشهر من قبل ما تسمى بجماعة “جيش الإسلام”، وبذلك تكون الحركة   قد وفت بوعدها الذي قطعته على نفسها، وقدمت رسالة أخلاقية لكل من يهمه الأمر، وأخرى سياسية للمجتمع الدولي . و يحمل هذا الحدث بين ثناياه قراءات سياسية متعددة تتأرجح بين التحليلات الموضوعية المنصفة والتأويلات المغرضة المتحاملة. وهنا لا ينبغي تسليط الضوء أكثر على المعسكر المغرض من التيار العلماني المتأمرك المعادي للتيار الإسلامي أو المحافظ بصفة عامة،  وهو المعسكر الذي لم يأل جهدا ولم يدخر وسعا في مناصرة “الحركة العباسية”  و التكالب على حصار أبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والنيل من حركة حماس التي انتخبت بشكل ديمقراطي. إلا أن المستفز للعديد من المتتبعين هو تلك التصريحات الصادرة عن عناصر متقدمة  من  حركة “عباس” والتي  انطلقت كعادتها في التغريد خارج السرب واهتبال الفرص للنيل من حركة حماس، والاصطياد في الماء العكر في تناغم تام مع أطروحات الكيان الصهيوني الغاصب.

فلو كانت الإدارة الغربية بجميع تلاوينها وأطيافها تروم الإنصاف والموضوعية، لاستنبطت العديد من الرسائل من خطابات وسلوكيات حركات المقاومة بفلسطين وعلى رأسها حركة حماس، لكن هؤلاء الغربيين  يتحركون وفق مرجعية يتحكم فيها اللوبي الصهيوني، ووفق مصالحهم التي قد تذهب بهم إلى  إبادة البشر مثل ما يحدث الآن في العراق وأفغانستان…من قتل وتشريد ودمار لا مثيل له.

وفي هذا السياق أعتقد أنه من بين أهم  القراءات التي يمكن استنباطها من هذا الحدث النبيل  هي أن حركة حماس  ليست حركة “إرهابية” كما يزعمون ، بل حركة سلمية حضارية تقاوم ظلم الاحتلال بشتى الوسائل، وأنها حركة تقدر الإنسان وتحترمه وتدافع عن حقه في الوجود أيا كانت عقيدة هذا الإنسان أو توجهاته الأيديولوجية غير الصهيونية بالطبع . ومن أجل مزيد من التمحيص في أدبيات حركة حماس فقد سبق لها أن أكدت بشكل ملموس أنها لا تجد حرجا في الاعتراف بأخطائها إن هي أخطأت على اعتبار أنها  اجتهاد بشري، والأمثلة عديدة على ذلك منها مثلا اعترافها على لسان خالذ مشعل بخطأ رفع راية حماس فوق أحد مقرات الأمن الوقائي عوض العلم الوطني عندما دحروا فلول “دحلان” ، أو جلوس أعضاء من كتائب القسام بمكتب رئيس السلطة الفلسطينية… 

في الحقيقة لا يساورني أدنى شك بأن الإدارات الغربية الداعمة للكيان الصهيوني ستغير من  مواقفها المبدئية المعادية  لحماس، لأنها تعلم فعلا أن حركة المقاومة الإسلامية حماس حركة ليست ب “الإرهابية” وأن الشعب الفلسطيني أرضه مغتصبة، وأن محمود عباس وزبانيته يخدمون الأجندة الأمريكصهيونية.. ويعلمون جيدا أنهم ارتكبوا ويرتكبون جرائم حرب في حق الإنسانية، ويعلمون أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يأتمران بأوامرهم وينتهيان بنواهيهم، ويعلمون أن العديد من الحكام العرب ينفذون التعليمات، وينتظرون الإملاءات في مؤتمراتهم وقممهم …ويعلمون أيضا أن حكوماتنا العربية والإسلامية لا تستطيع أن ترفع الحصار عن الشعب الفلسطيني المكافح، وأن تقف في وجه الصلف الصهيوني وفي وجه الإدارة الأمريكية ذات التاريخ الدموي الطويل…ويبقى في ظل كل ما ذكر أن نشير إلى أن  الحكومة البريطانية الجديدة انزلقت منها ـ إن صح التعبير ـ تلك الإشادة بحركة حماس التي نجحت في الإفراج عن الصحفي البريطاني،ولا ندري هل هذا التحول سيكون بداية صفحة جديدة في إعادة ترتيب أوراقها اتجاه حركة حماس.؟ أشك في ذلك!!؟

إذا عدنا إلى الوضع الداخلي لإخواننا الفلسطينيين الذين  يئنون الآن تحت الحصار والجوع والتشريد والتفرقة خصوصا بقطاع غزة ، يلاحظ أن محمود عباس نهج أسوأ سلوك سياسي  اتجاه غالبية الشعب الفلسطيني منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية إلى الآن، إذ بدأت تتكشف فصول المخطط الأمريكصهيوني الذي دخلت فيه حركة “عباس” منذ البداية، بدءا بالحصار الظالم على الشعب الفلسطيني ومرورا بالقلاقل  الأمنية المختلقة التي كان أبطالها “الدحلانيين” ، وانتهاء بما وصل إليه الآن الوضع الفلسطيني، حيث وصلت الدناءة السياسية إلى درجة  حرمان الناس من أرزاقهم بسبب الانتماء إلى حركة حماس أو القرب منها أو بسبب وقوفهم ضد الشرعية كما يدعون، أليس من العار أن يتم إقصاء أكثر من عشرين ألفاً من الموظفين من الحصول على رواتبهم ..بإملاءات من إسرائيل..؟ وتطبيقا لتعليماتها يريد عباس تصفية القضية الفلسطينية بتصفية المقاومة الباسلة.. والمطالبة بتسليم أسلحتها..

نشير أخيرا إلى أن الرئيس عباس لم تعد في جعبته إلا تلك العبارات البئيسة “لا للحوار مع القتلة ..لا للحوار مع الانقلابيين ” والتي يتناوب على ترويجها إعلاميا معاونوه ومستشاروه ومن يدورون في فلك الأجندة الصهيونية، ولكن من المؤكد أن شرفاء فتح ذوي التاريخ النضالي النقي سيقولون كلمتهم ولن يطول صمتهم ، وما الخرجة الإعلامية الأخيرة للقيادي البارز هاني الحسن إلا انتفاضة ضد من يريدون تهريب حركة فتح وكسر شوكتها، وهي نقطة بداية فجر جديد على سماء فلسطين الشامخة الصامدة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات