تحرير جونستون.. رسالة نبيلة إلى كل العالم

استطاعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن تثبت قدرتها على إعادة الاستقرار والأمن إلى قطاع غزة بعد سنوات من الانفلات والفوضى الأمنية، ووجهت صفعة لخصومها سواء المحليين أو الأجانب.
فقد تم فجر يوم الأربعاء 4 يوليو إطلاق سراح مراسل بي بي سي في غزة ألان جونستون وسلم إلى حركة حماس في وقت بعد 114 يوما قضاها قيد الاختطاف.
وفور تسليم جونستون في شمال القطاع لعناصر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة، وكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، توجهوا به إلى منزل رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية الشرعية إسماعيل هنية حيث تناول الطعام معه وعدد من قادة حماس. وباللغة العربية قال جونستون للصحفيين الفلسطينيين المتجمعين خارج المنزل: “أشكر الله، أنا سعيد، كانت فترة صعبة، أشكر الشعب الفلسطيني، شكرا جزيلا، شكرا جزيلا”.
وتكلم جونستون، 45 عاما، باللغة العربية إلى مراسل بي بي سي العربية فأيد أبوشمالة، وقال انه “بصحة جيدة ويشكر كل من ساهم في إطلاق سراحه كما يشكر الشعب الفلسطيني ويتضامن معه”. وقال جونستون لاحقاً في القدس المحتلة بعد مغادرة غزة في طريق عودته إلى بريطانيا، حيث عقد مؤتمرا صحفيا ان حماس أعادت الأمن والسلام إلى غزة وأضاف يمكن أن تسألوا سكان القطاع ليِؤكدوا ذلك، الأمور تغيرت منذ سيطرت حماس على غزة وإن أفضل اناس قابلهم هم الذين التقوا به بعد فك اسره.
واعتبر جونستون ان “الفترة التي قضاها في الاعتقال كانت بالغة الصعوبة لأنه من الصعب جدا ان يحافظ الإنسان على قواه في مثل هذه الأيام”. وقال إنه شعر كمن “دفن حيا” وانه لم ير الشمس لمدة ثلاثة شهور، وانه قضى أوقاتا طويلة مكبلا بالسلاسل. وأضاف ان الأسابيع الـ16 الأخيرة كانت أسوأ ما مرت به حياته، لكنه أكد أنه لم يتم تعذيبه خلال فترة الاعتقال غير ان خاطفيه “ضربوه قليلا” قبل نصف ساعة من إطلاقه. وقال انه كان عانى من المرض بسبب نوعية الطعام التي قدمت له. وأضاف “كنت أحلم مرارا بالحرية ثم أستيقظ لأجد نفسي في ذات الغرفة”. وذكر إن خاطفيه نقلوه إلى أربعة مواقع لكنه لم يمكث طويلا في اثنين منهما.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده في دار إسماعيل هنية قال جونستون انه “في بعض الأحيان كان يشعر بالخوف الكبير لان الناس الذين اعتقلوه كانوا خطرين ولم يكن ممكنا التنبؤ بتصرفاتهم”.
واعتبر جونستون انه “اعتقد أن الإفراج عنه كان سيتم في غضون شهر أو شهرين لكن الأمور طالت أكثر، وكان ذلك عاملا نفسيا ضاغطا جدا وهذا ما يشعر به بالتأكيد كل إنسان يختطف”، ولكنه أضاف انه “لولا ضغوط حركة حماس لكان لا يزال معتقلا”.
وفي حديث لبرنامج “العالم اليوم” لإذاعة البي بي سي العالمية قال جونستون انه “كان يعرف جيدا أن المجموعة التي اختطفته خطرة جدا، وبخاصة انه غطى خلال عمله 27 عملية اختطاف جميعها تقريبا انتهت في غضون أسبوعين”، إلا انه “كان يعرف أن هناك مجموعة خطرة جدا كانت قد قامت بعمليتها الأولى في أغسطس الماضي، وكان يشعر دائما بالقلق من أن تتعرض له يوما، وقد صح هذا القلق”.
وقال جونستون أيضا إن استيلاء حركة حماس على قطاع غزة ساعد على إطلاق سراحه وإنهم أي خاطفيه “كانوا يشعرون براحة وأمن كبيرين خلال عملية الاختطاف، حتى سيطرت حماس على القطاع منذ عدة أسابيع”. وأضاف أنهم أخبروه بـ”إطلاق سراحه ليلة الثلاثاء، عندها شعر بأنهم سيغيرون موقعه مجددا أو سيسلمونه لخاطفين جدد لكنه علم بانتهاء العملية فعلا لاحقا”.
وختم قائلا إن “ما سيتذكره عن غزة ستكون الذكريات الحلوة والأيام الجميلة التي قضاها”، مشيرا إلى انه “يعرف الثقافة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المضياف”.
صفعة للدعاية الإسرائيلية
وربما وبدون قصد وجه جونستون صفعة للدعاية الإسرائيلية المناهضة لحماس من وسط الأراضي المحتلة، ففي مؤتمر صحفي عقده في القدس المحتلة وهو في طريقه إلى لندن قال الصحفي البريطاني “إن لدي حركة حماس أجندة كبيرة في فرض القانون.. ولو أن حماس لم تكن على السلطة لما كنت أمامكم”. وأضاف جونستون “إذا كنتم تتحدثون عن الأمن فاسألوا أي مواطن في غزة سيؤكد بأن حماس هي الأفضل في فرض الأمن والكل يتفق على ذلك وهذا ما تحتاجه غزة المزيد من الآمن والأمان”.
وقال:” إنني كنت كصحفي خائفا في غزة، لكن حماس الآن تفرض سيطرتها وإذا كان احد يخاف أقدر مشاعرهم وخوفهم من أن يبقى في الحبس الانفرادي”.
وتابع: أنه منذ أن تسلمت حماس السلطة في غزة فجأة رأيت الخاطفين الذين كانوا يجوبون الشوارع بدون خوف بدوا قلقين من الوضع الجديد وشعرت أن الوضع قد ينتهي وحماس كونها منظمة تثير الجدل وتثير مشكلاتها مع العالم لكنني على ثقة لو أنا حماس لم تأت على السلطة وتمارس ضغوطها لما كنت أمامكم الآن”.
وزاد قائلا:”قبل أن تسيطر حماس على الوضع في غزة شعرت بأنهم الخاطفين لم يخافوا في البداية ولم يشعروا بأن احداً ما سيتعرض لهم وكانوا مرتاحين، لكن فور ما سيطرت حماس على الأوضاع بدؤوا يشعرون بالقلق ووضعوا حزاما ناسفا علي، وهذا كان أسلوبهم في محاولة منع حماس من محاولة اقتحام المخبأ الذي كانوا يضعونني فيه”.
وحول الأجواء التي عاشها خلال فترة اختطافه، أفاد أنه كان يشعر بالخوف لأن حادثة اختطافه كانت من الاختطاف الخطير، وقال:” بدأت اشعر أنني حبيس لديهم ويطالبون بإطلاق سراح رجل دين مسلم.. وكنت أتساءل إلى متى سينتهي بي الأمر؟”.
وأضاف أنهم أبلغوه بأن حماس اعتقلت أخاهم وعندها بدأت أشعر أن المجموعة كونها صغيرة لن يستطيع احد فرض ضغوط عليها لكنني شعرت بعد ذلك أن حماس عرفت من هم هؤلاء خاصة بعدما سمعت أن شقيق مسؤول المجموعة قد اعتقل.
وعما إذا ما فكر بالقيام بأي مقاومة أو احتجاج ضد الخاطفين، قال جونستون:” أي شخص يكون قيد الحبس يفكر ماذا يمكن أن يفعل وكيف تكون الخطوة بعد الخطوة ولكن الحارس كان طويلا في العشرين من عمره وفكرت لو دخلت في عراك معه من سيكون الخاسر ولم يكن بمقدوري أن اهرب لأن كثيرين غيرهم كانوا سيتعرضون لي”.
وقال:” تخيلوا التجربة التي مررت بها وبدا الأمر وكأنني مدفون وأنا على قيد الحياة ولست ادري كيف كان الأمر سينتهي حيث كنت في إحدى المخابئ لمدة ثلاثة أشهر وأتساءل لربما سأبقى ملقى هنا بعد تسعة أشهر أو عام”.
وأشار إلى أن خطف الأجانب كانت مشكلة كبيرة لأهل غزة. لكن الأجانب يريدون مساعدات الناس غير أنهم يخشون أن يختطفوا ويحبسوا في غرفة مغلقة توقفهم عن ذلك. إلا أن في النهاية هم أهل غزة الذين يريدون إطعام أبنائهم ويريدون أن تجتث حماس هذه الظاهرة.
وتابع: لا نستطيع أن نتخيل روعة لحظات الحرية هذه ربما على المرء أن يكون مسجونا مدة من الزمن ليدرك ما تعنيه الحرية من المعاني الرئيسية.
وتوجه جونستون بالشكر لوسائل الإعلام المحلية في غزة والدولية، كما شكر قناة الجزيرة الفضائية وفوكس وكل القنوات التي تضامنت معه.
نهاية معاناة الصحفيين في غزة
وبعد إطلاق سراح الصحفي البريطاني أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على أن عمليات الخطف أو التهديد للصحفيين الفلسطينيين والأجانب “باتت جزءاً من الماضي، وهي في عرفنا وعرف شعبنا الفلسطيني مرفوضة بشكل قاطع ويجب ألا يعاد التفكير بها مطلقاً”.
وقالت الحركة: “إن حرية الرأي والتعبير مكفولة في ديننا الإسلامي الحنيف ومتفق عليها في عرف شعبنا ويرعاها القانون، وحركة حماس تصون هذا المبدأ وتحافظ عليه وتحميه وتسهل مهام الصحفيين والإعلاميين وتهيئ الأجواء المناسبة له”.
كما قدرت الحركة “للأخوة في جيش الإسلام تفهمهم للموقف وحساسية المرحلة وضرورة إنهاء هذا الملف والتزامهم بالموقف الشرعي والأخلاقي ما يؤكد على صحة التوجه والموقف”، داعية أبناء الشعب الفلسطيني بضرورة التعاون مع الحكومة ووزارة الداخلية من أجل الحفاظ على الأمن والنظام والاستقرار بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني. وشددت “حماس” على أن الإرادة القوية والجدية كانت ماثلة في قضية إطلاق سراح ألن جونستون من قبل الحركة الأمر الذي أدى إلى هذه النتيجة، على عكس ما كان سابقا حيث لم تتوفر النية الصادقة والجدية لدى أجهزة الأمن في التعامل مع الموضوع، مما أدى إلى طول فترة الاختطاف والمعاناة للصحفي البريطاني جونستون.
وقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس: إن إطلاق سراح جونستون يظهر أن الحركة الإسلامية أعادت الأمن إلى قطاع غزة بعد سيطرتها عليه الشهر الماضي.وأضاف مشعل قائلا لرويترز بالهاتف من سوريا: إن حماس تمكنت من “طي هذا الملف الذي أساء لنا كثيرا. هذه الخطوة هي ثمرة لجهود متواصلة بذلناها كحركة وكحكومة طوال الشهور الماضية حتى تم إنجاز هذه الخطوة المهمة”.
ومضى قائلا “عبرنا عن أسفنا الشديد باسم كل الشعب الفلسطيني لحادثة اختطاف الصحفي المحترم آلن جونستون والتي أساءت لشعبنا”، و”إننا اليوم نهنئ عائلة الصحفي آلن جونستون ومكتب بي.بي.سي. ونهنئ الشعب الفلسطيني بالإفراج عنه”.
وفي إشارة إلى حركة فتح، قال مشعل: إن الإفراج عن جونستون “عكس الفارق بين فترة مضت كانت فيها مجموعة تعمل على انتشار الفلتان الأمني والفوضى وبين الحالة الراهنة التي تسعى حماس فيها إلى استتباب الأمن”.وبعد سيطرة حماس على القطاع حل الرئيس الفلسطيني محمود عباس حكومة الوحدة الوطنية، وشكل حكومة طوارئ لا تعترف بها حماس، وتعتبرها غير شرعية.
تصريحات جونستون نسفت كل ما اتهمت به حماس
من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون انه سعيد لإطلاق سراح مراسل بي بي سي في غزة.ولكن متحدثا باسم براون قال إن سياسة بريطانيا تجاه حماس لم تتغير وانه لا يزال على الحركة الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف.
أما وزير الخارجية ديفد ميليباند فقد وصف مشاعره قائلا “أنا سعيد جدا، بات جونستون في آمان لدى قنصل بريطانيا في القدس”. وعبر عن تقديره للدور الذي لعبته جميع الأطراف للوصول لهذه النهاية، مشيرا إلى أن كلا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزرائه إسماعيل هنية دانا خطف جونستون وطالبا بالإفراج عنه.
غير ان المراقبين في بريطانيا والغرب عموما أشاروا إلى أن إطلاق سراح جونست
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...