السبت 10/مايو/2025

أما آن الأوان يا أبناء فتح؟

د. إبراهيم حمّامي

دققت ناقوس الخطر قبل عامين من اليوم وبالتحديد يوم 10/05/2005 وتحت عنوان: يا أبناء وشرفاء فتح، هذا مخطط القضاء عليكم، أي قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي يتخذها التيار المختطف لحركة فتح ذريعة لكل ما يقوم به اليوم، وحذرت حينها أن حركة فتح هي الخاسر الأكبر إن بقي تيار عبّاس دحلان هو المسيطر عليها، وقلت بوضوح أن سلسلة الهزائم ستتوالى وبشكل مضطرد، وهو ما حدث في الانتخابات التشريعية الماضية، وكذلك في أحداث غزة الأخيرة، وصولاً إلى الضرب ومن تحت الحزام في القيادات الفتحاوية نفسها.

اليوم أيضاً يراد لحركة فتح أن تتقزم لتصبح عبارة عن شرذمة من الرموز التي سقطت حتى قراقيط آذانها، حركة محاصرة في المنطقة السوداء من رام الله، وبحماية المحتل البغيض، حركة يتحكم بها عبّاس على طريقة الحاكم بأمره وبواسطة فرمانات يصدرها كل يوم تطيح بكل ما فتحاوي، ناهيك عن القضية برمتها، وبتغطية من أبواق السوء والفتنة التي تزين له الأمر وكأنه إله لا يخطئ.

لنقف وبتجرد ونعدد من يمثل فتح وقرارها اليوم بعد أن حجّمت عصابة “العشرة” أمين سر الحركة فاروق القدومي، وهاجمت وخونت أمين سرها في غزة أحمد حلس، ولفظت هاني الحسن وطالبت بمحاكمته لأنه اختلف مع الحاكم بأمره وعصابة “العشرة”، ورفضت دعوات ابو ماهر غنيم لعقد المؤتمر العام الحركي السادس المؤجل منذ عام 1989، وسبق لها وأن كالت كل صفات السوء لمروان البرغوثي لأنه أراد ترشيح نفسه لانتخابات رئاسة السلطة في مواجهة عبّاس!

أيعقل أن تبقى فتح رهينة لعصابة “العشرة” لتخون وتطرد وتعين وترفض كما تشاء دون رقيب أو حسيب؟ أين هم أبناء فتح وشرفاء فتح من هؤلاء؟ وهل من المعقول أن تصبح المقاومة التي تقودها فتح ممثلة بالمجرم أبو جبل وبأزعر جنين زكريا الزبيدي، الذي لم يتردد في قبول منصب جديد في الأمن العبّاسي مقابل حل كتائبه التي تعيث فساداً باسم شهداء الأقصى؟

مخطط القضاء على حركة فتح بدأ منذ زمن، وموسم حصاده حل، وإقصاء كل من يعارض نهج عبّاس وعصابته أوشك على الانتهاء، وبيع المقاومة والحقوق بسوق نخاستهم اقترب، لكن……….

حول ذات الموضوع يقول أ. د. سليمان صالح في مقال له نشر اليوم في صحيفة الشرق القطرية: “مازلت اعتقد أن أغلبية المنتمين إلى فتح شرفاء، وأنهم يمتلكون رؤية للدفاع عن قضية فلسطين وتجربة تاريخية نضالية ثرية. ولكن الذي حدث خلال السنوات الماضية أن مجموعة من الفاسدين قد سرقوا القيادة من القادة الحقيقيين، ووجهوا مسار الحركة في اتجاه يتناقض مع طموحات شعب فلسطين للتحرر والاستقلال، وفي اتجاه يتناقض مع حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال جرياً وراء سراب السلام الذي لا يمكن أن يتحقق مادامت “إسرائيل” تصر على احتلال القدس ورفض حق الشعب الفلسطيني في العودة.

ويضيف موجهاً رسالة لأبناء فتح: “لذلك أوجه تلك الرسالة إلى شرفاء فتح وأنا أثق في أنهم يشكلون الأغلبية، وأثق في أنهم قادرون على أن يطهروا صفوفهم من العملاء والخونة الذين باعوا دينهم بدنياهم، وباعوا قضية القدس وحق العودة بالأبراج الشاهقة والأموال المكدسة في بنوك أمريكا وأوروبا.

يا شرفاء فتح تقدموا لتطهروا صفوفكم ليعود لفتح وجهها الجميل كحركة مقاومة تدافع عن حق شعب فلسطين المشروع في الحرية والاستقلال وتحرير أرضه.

يا شرفاء فتح أعيدوا قياداتكم التاريخية إلى مكانها الصحيح وعلى رأس تلك القيادات هاني الحسن وفاروق القدومى وأحمد حلس.

يا شرفاء فتح إن الذي انتصر في غزة هو شعب فلسطين كله، وأنتم شركاء في هذا النصر، وفتح لم تنهزم في غزة، ولكن الذي انهزم هو الجهاز الفاسد المرتبط ب”إسرائيل”.

يا شرفاء فتح أنتم تعرفون إن إخوانكم في حماس رجال شرفاء صادقون يضحون بحياتهم من أجل تحرير فلسطين، وأنهم قد أطلقوا سراح قادة الأجهزة الأمنية وعاملوهم بالحسنى ولم يتعرضوا بالأذى لأحد ينتمي إلى فتح، فهم يريدون الفتحاويين إلى جانبهم في رحلة الكفاح الطويلة حتى تتحرر فلسطين.

يا شرفاء فتح لا تصدقوا تلك الأكاذيب التي يروجها المفسدون، فحماس تصرفت بكل تواضع وحب لكل فلسطيني، وكافحت لتوحيد شعب فلسطين وحققت الأمن والعدالة الاجتماعية.

يا شرفاء فتح توحدوا وراء قادتكم التاريخيين الشرفاء، واطردوا الفاسدين من صفوفكم، وأعيدوا لشعب فلسطين وحدته، فالوحدة هي أهم الأسلحة في مواجهة العدو الإسرائيلي”

لم يفت الوقت بعد، فسواء اتفقنا مع التيار المتصاعد داخل فتح للوقوف بوجه هذه العصابة أو اختلفنا، فإنه يبقى تيار قد يعيد لحركة فتح توازنها بعد ما حل بها من تخريب عبّاسي دحلاني تُستكمل فصوله اليوم، وعلى قيادات هذا التيار الإعلان وبشكل صريح رفضهم لمنطق الحاكم بأمره، ورفضهم لسياسات الإقصاء، ورفضهم للحوار مع المحتل دون قيد أو شرط في وقت يوصد فيه باب الحوار مع أبناء الوطن الواحد، وتمسكهم بالحقوق والثوابت الوطنية، وتخليهم عن زلات الماضي وأخطائه، وعندها سيجدون من الشرفاء داخل حركتهم الكثير والكثير ممن سيقفون معهم ويدعمونهم بلا حدود.

ختاماً إليكم بعضاً مما كتبته قبل عامين للتذكير، عله يلمس قلوب أبناء الحركة وقياداته، لتتحرك الجماهير لوقف هذا التيار العبّاسي الدحلاني قبل الندم يوم لا ينفع ندم! :

 

يا أبناء وشرفاء فتح، هذا مخطط القضاء عليكم!

تثبت الأحداث المتوالية أن الخاسر الأكبر وربما الأوحد من السياسات العباسية الدحلانية هي حركة فتح، التي بدأت تترنح تحت وقع ضربات وهزائم متتالية من العيار الثقيل، تأتيها هذه المرة من القاعدة الشعبية التي ضاقت ذرعاً بممارسات سلطة أوسلو ورموزه، حتى أن البعض يوشك أن يصدر شهادة وفاة لحركة تربعت ولعقود من الزمن على مسرح الكفاح والمقاومة وقدمت الكثير من أبنائها وقادتها خلال مشوار حافل، صمدت فيه في وجه عواصف التحديات والانقسامات التي لم تفت من عضدها، لأسباب كثير أهمها وجود ياسر عرفات على رأس الحركة، والذي ورغم سياساته الكارثية في كثير من الأحيان، كان وبحق صمام الأمان لحركة فتح، وبرحيله بدأ التصدع داخل حركة فتح وبدأت تتكشف عورات غياب القيادة، على عكس الفصائل الأخرى التي لم تتأثر برحيل قادتها كالجبهة الشعبية وحركة حماس والجهاد الإسلامي.

لكن التحدي الذي تواجهه فتح هذه المرة هو من نوع آخر لم تعرفه من قبل، هو من النوع الأكثر خطورة وفتكاً، إذ أن قيادة الحركة هي التي تقود وبشكل مبرمج عملية تدمير ذاتي مقصود ولأهداف محددة، وعلى مراحل مدروسة، لتمرير مخططات سابقة الإعداد والتجهيز، تصل في نهاية المطاف بالنسبة لحركة فتح بأن تتحول إلى حزب سياسي عاجز وضعيف لا يجيد سوى إصدار البيانات دون حول ولا قوة.

قد يعتبر الكثيرون ذلك شطحة من شطحات الخيال طبقاً لنظرية المؤامرة، لكن لنتوقف قليلاً في محطات معينة ترسم ملامح مخطط تدمير حركة فتح الذي يقوده الثنائي عبّاس-دحلان، دون تعصب أو تحزب وبعقل مفتوح:

مقارنة تاريخية: بروسترويكا فلسطينية

تحت شعار الإصلاح والتحديث والتجديد (بروسترويكا) نجح غورباتشوف وفي فترة وجيزة لم تتجاوز العامين من تفكيك الإتحاد السوفياتي السابق وإخراجه من الساحة الدولية كقوة عظمى، وهو ما عجزت عنه أعتى أجهزة المخابرات والترسانات العسكرية، لينهار الحزب الشيوعي، وتتحول الجمهوريات السوفياتية السابقة لدول مستقلة تتنازع فيما بينها كأذربيجان وأرمينيا، أو داخل الدولة الواحدة كجورجيا وروسيا، ولتسود الفوضى وسيطرة المافيا، بقيادة دعاة الإصلاح كيلتسين المخمور وغيره من أعضاء الحزب الشيوعي نفسه.

البروسترويكا وإفرازاتها تتكرر الآن تماماً في فلسطين فتحت شعار الإصلاح برز دحلان في ثياب الواعظينا، وخرج عبّاس من جديد ليلة تسفير عرفات لباريس ليتسلم زمام الأمور ليصبح المرشح ثم الرئيس الأوحد، وليبدأ بإجراءات “اصلاحية” أبعد ما تكون عن الإصلاح، وبقيادة مشاهير الفساد والإفساد، ولينطلق نحو مرحلة التدمير الذاتي لحركة فتح ومن داخلها، وهو أيضاً ما عجزت عنه آلة الاحتلال.

لم يكن غورباتشوف أو يلتسين من ذوي “التاريخ النضالي”، كما هو الحال بالنسبة لعبّاس ودحلان، وباسم الإصلاح دمروا كل شيء، كما يفعل أشاوس أوسلو الآن.

لماذا تدمير فتح وبهذه الطريقة؟

المتتبع لمجريات الأمور يعرف تماماً أن فتح ودون تدخل مباشر من عبّاس أو دحلان كانت تعاني من انقسامات وخلافات داخلية كفيلة بالقضاء عليها كحركة تقود الكفاح الوطني، لكن ذلك لم يكن ليُرضي من يخطط لتدمير شعب بأكمله من خلال القضاء على فصائله الصامدة.

لو حدث ذلك لذاب أبناء فتح وشرفائها في الفصائل الأخرى التي أثبتت وجودها على الأرض، لتواصل تلك الفصائل صعودها، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، لكن المخطط يقتضي ضرب الحركات والفصائل جميعها، وإن حدث ذلك تكون جذوة المقاومة قد انطفأت وللأبد، لهذا كان لابد من صحوة فتحاوية عابرة يمكن استخدامها للهدف الأكبر.

جاء الإجماع على ترشيح عبّاس وانتخابه كطوق نجاة لتوحيد صفوف حركة فتح في ظل الخلافات العنيفة التي تعصف بها، ليتنفس أبناء الحركة الصعداء بوعود الإصلاح التي يريدها الجميع، ودُغدٍغت عواطف أبناء الحركة، وزادت حماستهم لخوض الانتخابات لإعادة الاعتبار لحركتهم في ظل قيادة جديدة إصلاحية ستضمن وعودها وبرامجها لهم الفوز في وجه المنافس والغريم، وهو الهدف الذي سيوحد الجميع.

لكن عبّاس ودحلان كان لديهما رأي آخر، فالإصلاح لم يتم والوعود لم تُنجز والتجاوزات زادت والفساد أصبح أعم وأشمل ووجوه الفساد بقيت كما هي، ففقدت الحركة التأييد الشعبي وبدأت قطاعات كبيرة في التململ، وكانت المراحل الانتخابية الأولى بمثابة ناقوس خطر لأبناء الحركة، أم قيادتها فكانت أمورها على ما يرام وحساباتها تصيب، فما أن تخسر فتح مكانتها حتى يتحول جام غضبها على المنافس الرئيسي حركة حماس ليصبح الشرخ فتحاوياً-فتحاوياً، وفتحاوياً-حمساوياً، وهو ما بدأت بوادره بالظهور كما سيأتي لاحقاً.

ما أن تضعف فتح ويتم انتخاب قيادات جديدة لها على “الفرّازة” وكما يريد من يمسك بزمام الأمور القيادية والمادية ولمن أرادوا دعمه، حتى تتم السيطرة السياسية على الحركة، لتليها سيطرة عسكرية بدمج المقاتلين في الأجهزة الأمنية ليمارسوا مهام حراسة المحتل، أما من يرفض ويتمرد فسيضرب بكل قوة وقسوة، ليكون مبرراً ومقدمة لضرب باقي الحركات، دون اعتراضات تذكر فقيادة السلطة بدأت بأبناء فت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات