السبت 10/مايو/2025

ألان جونستون يتحدث إليكم عن حركة حماس

بهاء فرح

بعد أن أمضى ما يقارب أربعة شهور مختطفا في أيدي جيش الإسلام، تنفس الصحفي ألان جونستون هواء الحرية أمس، بعد أن عملت حركة حماس على تحريره باختطاف أحد أبرز قيادات جماعة جيش الإسلام ومبادلته بالصحفي البريطاني. حماس كانت قد أعلنت أن الإفراج عن الصحفي جونستون من أهم أولوياتها، كما أعلن رئيس الوزراء الأستاذ اسماعيل هنية، أن هذا الملف يجب أن يطوى فورا لأنه يسيء إلى نضال الشعب الفلسطيني.

وما أن أعلن الإفراج عن جونستون، حتى خرجت قيادات في السلطة الفلسطينية وفي فتح لم يرق لها هذا الإنجاز الذي حققته حركة حماس، بعد أن عجزت الأجهزة الأمنية عنه، فقالت أن اختطاف جونستون كان مسرحية مدبرة ما بين حماس وجماعية جيش الإسلام، التي اعتبرتها هذه القيادات أحد أذرع حماس، وأن الحركة أرادت من خلال الإفراج عن جونستون تحقيق مكاسب سياسية وتحسين صورتها أمان العالم.

ولكن المفاجأة جاءت برد قاسٍ على مثل هذه الافتراءات، وهذه المرة ليست بدفاع من حركة حماس، وإنما بشهادة الصحفي جونستون الذي أشاد بجهود الحركة في الإفراج عنه، ووضع حدا لكل من افترى بكذب. جونستون قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم في مدينة القدس أنه لولا استلام حماس زمام الأمور في عزة لما حلم بأن ينعم بالحرية من جديد.

هذا التصريح يعني بكل بساطة أنه الصحفي البريطاني لم يراهن يوما على أجهزة الأمن التابعة للسلطة، وهو يعلم يقينا أن موضوع اختطافه لم يكن ذا أهمية كبرى بالنسبة لهم، ولكن وبعد ما حدث في غزة وسيطرة حماس عليها أصبح هناك أمل له بالتحرير.

وفي رده على من قال أن جيش الإسلام هو أحد أذرع حركة حماس ومدعوم من قبلها، جاء جونستون بدليل يثبت كذبه، حين قال أن الخاطفين كانوا هادئي الأعصاب طوال فترة اختطافه، ولم يكونوا يشعرون بأي خوف إلى أن سيطرت حماس على غزة، فبدت عليهم ملامح الخوف وعدم الراحة والاطمئنان، وشعورهم بأن المكان يمكن أن يقتحم في أي لحظة.

هذا التصريح ينفي أن يكون لحماس أي دور في عملية الاختطاف أو استثماره لتحقيق مكاسب سياسية، بل إنه يعني بصورة واضحة أن الخاطفين كانوا مرتاحين من قبل، أي أنهم كانوا يعلمون أن في غزة من يوفر لهم الحماية والتغطية، وهذا ما شجع على استمرار الاختطاف. إلا أنهم وبعد سيطرة حماس وهروب قيادات في الأجهزة الأمنية من قطاع غزة شعروا بأن الغطاء الذي كان موفرا لهم قد انكشف وأنهم لم يعودوا بمأمن.

واستمر جونستون بالمقارنة بين وضع قطاع غزة ما بين اليوم والأمس، حين قال أن حماس تملك أجندة لفرض الأمن وأنها الوحيدة القادرة على تحقيق ذلك. كما أنه قدم تطميناً للصحفيين الأجانب الذين فروا من قطاع غزة خوفا من الفلتان الأمني، قائلا لهم إن حماس الآن تسيطر على الأوضاع في القطاع، وأن بإمكان الجميع سؤال أي مواطن فلسطيني عن الوضع في القطاع، وهو سيخبرهم أن حماس وحدها القادرة على توفير الأمن وإنهاء الفلتان الأمني وعمليات الاختطاف.

المؤتمر الصحفي الذي عقده جونستون بعد الإفراج عنه كان بمثابة صفعة قوية وجهها لمن عبروا عن سعادتهم بالإفراج عنهم، لكنهم استثمروا ذلك للنيل من حركة حماس، وتشويه صورتها، والتقليل من الإنجاز الذي حققته بالإفراج عن الصحفي المختطف منذ أربعة شهور، الأمر الذي أثار في قلوبهم الذعر من ارتفاع رصيد الحركة لدى المواطن الفلسطيني وزوال الخوف الذي طالما زرعوه من سيطرة حماس، وعودة الصحفيين الأجانب إلى غزة ونقل الصورة الحقيقية لما تعيشه اليوم بعد سيطرة الحركة عليها.

حادثة الإفراج عن جونستون لم تكن الأولى، حيث أفرجت حماس وبعد أن سيطرت على القطاع عن أحد أنصارها والذي أمضى مدة ستة عشر شهرا مختطفا، فشلت الأجهزة الأمنية في تحريره، أو أنها لم تسع للقيام بذلك أصلا. وهذا يظهر الفرق بين من يسعى حقيقة لفرض النظام وسيادة القانون وإنهاء الفلتان الأمني، ومن يتخذ منها مجرد شعارات زائفة يخدع بها المواطنين.

الإفراج عن المختطفين ومحاربة تجار المخدرات واللصوص ومن يستغلون المواطنين أبرز ما حققته حركة حماس حتى الآن في قطاع غزة، هذا الأمر يعطي انطباعا عن صورة لما يمكن أن تقوم به الحركة في المستقبل، من تغيير حقيقي في حياة المواطنين في ظل عهد جديد يسوده الأمن والهدوء والنظام وسيادة القانون، وانتهاء ظاهرة الاختطاف المشينة والمسيئة لنضال الشعب الفلسطيني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات