الأحد 11/مايو/2025

صراعات ضارية وتحالفات مصلحية في الأحزاب الصهيونية

صراعات ضارية وتحالفات مصلحية في الأحزاب الصهيونية

* أيالون وتكريس موقعه في العمل

عندما صادق مركز حزب العمل على تعيين ايهود براك الرئيس الجديد للحزب، وزيرا للدفاع، وأن يكون مرشحه لرئاسة الوزراء دون انتخابات تمهيدية جديدة، لم يكن عضو الكنيست عامي أيلون هناك حتى يصوت على ذلك، قبل التصويت بدقائق شق طريقه على عجل وبصورة هادئة بين الوزراء وأعضاء الكنيست وخرج متوجها نحو سيارته، “لقد أدركت المبدأ ولذلك انصرفت بكل بساطة”، أوضح أيلون في اليوم التالي في مقابلة أُجريت معه، مُستغربا من الاهتمام الصحفي لمغادرته القاعة بعد أن افترض أن أحدا لم يشاهده.

“المبدأ” الذي يتحدث عنه أيلون هو سلسلة من الخطوات الخاطفة السريعة التي نفذها باراك خلال الأسابيع الثلاثة الماضية منذ أن هزمه في الانتخابات التمهيدية على رئاسة الحزب، والتي تهدف لتكريس سيطرته على الحزب، بدءا بتعيين أتباعه في مناصب مركزية هامة في الجهاز الحزبي، وانتهاء بالخطوة الخاطفة المتمثلة بإلغاء الانتخابات التمهيدية الجديدة قبل الانتخابات القادمة.

أيلون نظر بغير رضا مع قليل من النفور كيف يقوم باراك في جلسة واحدة لمركز الحزب، وخلال أقل من ساعة برفع يده بإشارة النصر خلال إحرازه للمزيد من الأهداف دون جهود خاصة، وفضل الاحتفاظ بانتقاداته لزمن آخر، ذلك لان أيلون ما بعد الخسارة أمام باراك يسعى لعدم إلصاق صورة المتآمر به، لذلك يضبط نفسه ولا يوجه الانتقادات لسلوك الرئيس الجديد تاركا المسألة لأزمنة أخرى، لكنه كما برهن خلال الحملة لا يستطيع إخفاء حقيقته لفترة طويلة، حتى وإن لم تتساوق الأمور مع الإستراتيجية المحددة مسبقا، عدة دقائق أخرى من المحادثة معه سرعان ما تدفعه لإبداء رأيه حول سلوك براك الجبروتي منذ انتصاره.

لا يتوجب على باراك أن يخشى أيلون في الوقت الحالي، أو من محور أيلون– بيرتس المحتمل، صحيح أن الاثنين يُنسقان فيما بينهما بدرجة معينة، إلا أنهما أبعد من أن يُشكلا معسكرا متجانسا في الحزب، وهما مشغولين بالأساس في إعداد سقوطه الشخصي وبلورة إستراتيجية سلوك واضحة في عهد باراك الجديد.

يبدو أن أيالون ما زال يتأرجح بين رغبته في أن يكون جزءا من قيادة الحزب الموجودة في الحزب، وبين الرغبة في أن يكون الصوت الآخر في الحزب الذي يفضل الحفاظ على المؤسسة القائمة، هو تفاوض مع باراك حول ملف في الحكومة وكان بإمكانه الحصول على حقيبة التربية والتعليم كما أوصاه عدد من مستشاريه، إلا أنه غير رأيه في اللحظة الأخيرة رغم عدم إغلاقه الباب نهائيا، وباراك ما زال يحتفظ بالحقيبة شاغرة، لأيلون أو لبيرتس، إذ يعتبرهما إضافة هامة لقوته وللفريق الذي سيرافقه في مواجهته لبنيامين نتنياهو على رئاسة الوزراء، لكنه يحرص على التوضيح بأنه هو السيد الجديد.

في هذه الأثناء يوجد لأيلون متسع غير قليل من الوقت للتفكير بمجريات هزيمته أمام باراك، اليوم ما زال على قناعة بأن التحالف مع بيرتس قبل الجولة الثانية كان عملا صحيحا، رغم أنه دفع جزءا هاما من أنصاره في الكيبوتسات للفرار منه، إلا أنه يوجه إصبع الاتهام لجزء من القيادة الكيبوتسية الذي عارض هذا التحالف، ويدعي أنه لا يرى في خسارته أمام باراك فشلا، ويقول أن دراسة المسألة فيما بعد أظهرت له أن تصويت العرب والدروز المنظم هو الذي لم يسمح له بإحراز النصر.

أيلون أرسل ادعاءاته حول تصويت الأقليات لمراقب الدولة والشرطة، في الوسط اليهودي انتصرت رغم تصويت القرى التعاونية التي ذهبت أصواتها لشالوم سمحون، ورغم أن الكيبوتسات خشيت من تحالفي مع بيرتس، ولكن ما حسم المسألة في نهاية المطاف كان تصويت الأقليات، ذلك لأن الفرق بين باراك وأيالون كان 1.700 صوتا، وكان يكفي أن يقوم 1.350 شخصا بتغيير رأيهم حتى ينتصر أيالون.

رغم هذه الحقائق غير المشجعة إلا أن أيلون يؤكد بأنه لم ييأس، وغير نادم على الخطوة التي قام بها، هو قام حسب رأيه بنفخ الروح في الحزب، وحوّله لحزب أكثر أهمية وصلة بالمجريات في نظر الجمهور، كما أنه يمتلك هدفا وغاية، ولذلك سيبقى داخل الحزب مواصلا الكفاح حول الأمور التي يؤمن بها، وينوي التخلي عن الأصدقاء والرفاق الذين يعتقدون أنهم أيدوه سُدى، “سأتجول في البلاد وألتقي مع كل أولئك الذين صوتوا من أجلي، والذين لم يصوتوا لي، حتى أواصل الحديث عن الأمور التي أؤمن بها، سأفعل كل شيء حتى ينتصر باراك في الانتخابات العامة”.

* رامون يعود لموقع الصدارة

حاييم رامون عاد يوم الأحد إلى الحياة السياسية الفعالة، بعد أن خسر حقيبة المالية أمام روني بار أون، وحتى من قبل أن تُعد على شرفه حقيبة أخرى في الحكومة، قام بالدخول لدواوين المستشارين في رئاسة الوزراء وخرج منها شاعرا أنه في بيته، وقد انضم بصورة عفوية إلى جلسة تحضيرية عقدها أعوان اولمرت للتحضير لمؤتمر مجلس “كديما”، إذا لم تتشوش خطة إعادة رامون في اللحظة الأخيرة، فاولمرت يُعد له منصبا مركزيا في اللعبة السياسية في كديما ولإعادة بناء الحزب، ومن المحتمل أن يضيف له منصبا رسميا.

في الحكومة والكنيست يأمل اولمرت بالتمتع من مهارات رامون وعلاقاته ككابح للصدمات ومُعد للصفقات ووسيط ناجح، هو يريده أن يكون عمقا سياسيا يجلس بجانبه في ديوان رئاسة الوزراء، قريبا من أذنيه ومؤثرا جدا، مثلما اعتاد رامون ومثلما يُحب، حيث طلب وسيحصل على ما يبدو، إعطاءه المسؤولية عن معالجة سلسلة من القضايا السياسية التي ستوضع ضمن صلاحياته عند عودته كوزير في ديوان رئيس الوزراء، المشكلة هي أن بعض العناصر السياسية في منصبه ستقضم جزءا من صلاحيات وزيرة الخارجية تسيبي لفني.

صحيح أن اولمرت لا يملك عواطف تجاه الوزيرة الذي دعته للاستقالة، التي يعتقد أنها كانت شريكة من وراء الكواليس في محاولة التمرد في كديما، التي رمت لإزاحته، كما أنه قد يستمتع من الاحتكاكات هنا وهناك بين رامون ولفني، خصوصا عند مشاهدته لها وهي تتلوى وتكافح من اجل موقعها، ليفني لن تستقيل من هذا المنصب بعد أن لم تستقل إثر نشر تقرير لجنة فينوغراد، وحتى اذا قال رئيس الوزراء وأعوانه انه لا يوجد سبب لعدم تعاون ليفني ورامون بينهما، إلا أن العنوان موجود على الجدار، رامون لا يعود من اجل تزيين ديوان رئيس الوزراء.

على افتراض أن العملية السياسية ستتحرك في إحدى جوانبها، فستحدث مصادمات وشجارات، ليس سرا أن اولمرت يُقدر ذكاء رامون السياسي، أما موقفه من ليفني فيكفي قراءة شهادته أمام لجنة فينوغراد للتأكد من أنه لا يُقيم لها وزنا في اللحظات الحاسمة وعند اتخاذه للقرارات، رامون بقي مستشارا لاولمرت بصورة دائمة حتى بعد أن اضطر للاستقالة من وزارة العدل.

* حرب ضروس بين شالوم ونتنياهو

“ما الذي يقوله سلفان شالوم؟” حاول مساعدو بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا معرفة الجواب من الصحفيين بعد أن قرر تقديم موعد الانتخابات الداخلية حتى مطلع آب إذا أمكن ذلك، لكن السؤال بقي معلقا في الهواء: أين سلفان؟ اختفى، ورغم أن الشهود قالوا بأنه شوهد في الكنيست، إلا أنه لم يصل لجلسة كتلة الليكود، نتنياهو وأتباعه يتخذون حالة دفاعية امتصاصية لأنهم توقعوا هجمة سلفان النمطية عليهم، وانتظروا بعض إشارات الحياة ولكن عبثا.

هل سيخوض المنافسة؟ هل سيعارض الموعد؟ هل سيمنع عقد اجتماع لمركز الحزب مدعيا أن هذه الخطوة غير قانونية؟ أتباع نتنياهو أخذوا يُعدون العدة للرد على كل السيناريوهات المحتملة، وصد الهجمات من ناحية سلفان شالوم، ونتنياهو في هذه الأثناء بدأ سلسلة محادثات هاتفية مع أعضاء كنيست في كتلة الليكود حتى يتشاور ويضع الرفاق في صورة المجريات، إلا أنه تجاهل سلفان شالوم في هذه العملية.

لكن شالوم انتظر المساء وفاجأهم ببيان مرتب ومقتضب: “مقربون من شالوم يُرحبون باستجابة نتنياهو لمطلبه بإجراء الانتخابات التمهيدية، هذه خطوة ضرورية وايجابية”، بعد ذلك ذُكرت الحاجة للحفاظ على قواعد نزيهة للعبة.

لكن هذا البيان الايجابي نوعا ما لا ينجح في إخفاء الدوافع الانتقامية التي تطل برأسها هنا وهناك، ليست هناك أية مصالحة أو حذاء، شالوم لا ينوي إتاحة المجال لنتنياهو بالاستمتاع من الانتخابات التمهيدية السريعة بعد شهر، الرد سيتبلور قريبا، وعندئذ سيعقد نتنياهو اجتماعا لمركز الليكود ليمرر قراره بتقديم موعد الانتخابات التمهيدية، وطالما بقي الأمر معتمدا على شالوم، فالانتخابات لن تجري في شهر آب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات