أزمة الساحة الفلسطينية وتطوراتها .. في حلقة نقاشية مصرية

فجّرت أحداث غزة الأخيرة واندحارالتيار الانقلابي طاقات القوى المصرية الحيّة المؤيدة لخيار المقاومة، حيث شهدت الأيام الأخيرة عدداً من الندوات والفعاليات الداعمة للمقاومة فى فلسطين، أيا كان التيار أو الفصيل الحامل للواء هذه المقاومة.
حلقة نقاشية
وفي هذا السياق عقد المركز العربي للدراسات حلقة نقاشية في مقر نقابة الصحفيين المصرية، مساء السبت الثلاثين من حزيران (يونيو)، بعنوان”تطورات القضية الفلسطينية”. وقد حضر الندوة عدد من المفكرين والباحثين المصريين من مختلف الاتجاهات السياسية، إضافة الى القياديين البرلمانيين الفلسطينيين والدكتور محمد فرج الغول ومشير المصري، النائبين بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وأدارها الدكتور مجدى قرقر، الأمين العام المساعد لحزب العمل المصري.
مشير المصري
من جانبه؛ أكّد مشير المصري فى الحلقة النقاشية أنّ قرار “حماس” بالمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية كان لتصحيح المسار السياسي وتعزيز مقومات الصمود لدي الشعب الفلسطيني، لإبقاء جذوة الجهاد قائمة. ومع أنّ فوز “حماس” كان يكفيها لتشكيل حكومة منفردة؛ الاّ أنها سعت من اليوم الأول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وإزاء موقف “حماس” ذاك، رفضت بقية الفصائل الانضواء ضمن الحكومة العاشرة، ومع ذلك وفي سابقة تاريخية أبقي رئيس الحكومة، إسماعيل هنية، الباب مفتوحاً أمام أي فصيل للانضمام للحكومة. وحسب توضيحات مشير المصري، فقد راهن الرافضون علي سقوط الحكومة وانهيارها خلال مائة يوم، عبر الحصار المفروض، ومع فشل الحصار بدأت الأساليب الداخلية والإضرابات والانفلات الأمني ثم الانقلاب العسكري علي الحكومة، تطبيقاً لخطة دايتون.
وأشار المصري إلى أنّ التيار الانقلابي قام بتحويل المقار الأمنية إلى أوكار للاختطاف والتعذيب الوحشي والإعدام بدم بارد، وأنّ ذلك التيار أقدم على إعدام ثلاثة صحفيين بدم بارد في يوم واحد وأنّ مقترفي تلك الجريمة طلبوا من الصحفيين قبل إعدامهم أن يسجدوا لهم.
ولفت المصري الانتباه إلى أنّ المشكلة التى واجهت الحكومة الفلسطينية لم تكن سياسية ولكنها على أرض الواقع كانت أمنية، وكان مخطط الانقلابيين هو إفشال الحكومة أمنيا لإفشالها سياسياً، مشدداً على أنّ المشكلة ليست مع فتح “وإلاّ لكان قد ذهب ضحية الصراع ألاف الفلسطينيين، ولكنها مشكلة مع فريق انقلابي كان الانتصار عليه مقدمة لهدوء فى القطاع لم يشهده منذ سنوات”، وفق توضيحه.
وأكد مشير المصري أنّ التحرّك الذي قامت به “حماس” في قطاع غزة كان “واجباً وطنياً لصالح الشعب الفلسطيني وفتح ذاتها”، مستشهدا بتصريحات هاني الحسن التي روى فيها تفاصيل عن مخطط يستهدف رأس المقاومة.
وشدّد المصري على أنّ السبيل إلى لملمة أطراف الموقف الفلسطيني المأزوم هو الحوار، “أما من يستقوي بالخارج (الاحتلال الصهيوني) والإدارة الأمريكية؛ فيكفيه ذلك “الشرف” (ساخراً)، كما أنّ من يراهن على التأييد الخارجي لقيادة المشروع الوطنى فهو واهم، فحماس جزء أصيل من المعادلة ومن الشعب الفلسطيني، وحكومتها مشروعها المقاومة، وشعارها من اليوم الأول: يد تبني ويد تقاوم، والدليل أنّ كتائب القسام كان لها النصيب الأوفر فى التصدي لكل الاجتياحات، وصواريخها دكت مغتصبة “سديروت”، وكان لها دورها في أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط للإفراج عن أسرى من ذوي المحكوميات العالية”.
وبشأن السيناريوهات المتوقّعة فى قطاع غزة؛ أكد المصري أنّ الوضع الأمنى له أهميته، أما رواتب الموظفين (معظمهم ينتمون لفتح)، فهي بيد رئيس السلطة محمود عباس، كما أنّ تخزين المواد التموينية أو شحها فهى محطات مرّ بها القطاع كثيراً وليس في ظل حكومة حماس فقط، في حين أنّ العدو الصهيوني لن يغلق المنافذ كلياً حتي لا يتحول قطاع غزة إلى قنبلة موقوتة.
وختم المصري مشاركته بالإعراب عن التأكيد أنّ ثقة الحركة بالله كبيرة، ثم بالشعب الفلسطيني وبالمقاومة أيضاً، وأنها ترفع شعار مؤسسها الشيخ أحمد ياسين رحمه الله “أملي أن يرضى الله عني”.
عصام العريان
أما الدكتور عصام العريان، رئيس المكتب السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، فقد أكد أنّ فلسطين هى قضية المصريين بجميع تياراتهم، وكذا العرب والمسلمين، داعيا إياهم لأن يجعلوها قضية كل أحرار العالم، مؤكداً أنّ ما يحدث الآن له أهمية قصوى، حيث تواجه فلسطين والمنطقة مشروعاً صهيونياً استعمارياً استيطانياً، يرفض أي تغيير ديمقراطي، ويسعى لتكريس الاستبداد، وما حدث فى الأراضي الفلسطينية يؤكد ذلك، حيث أنّ الحكومة الشرعية المنتخبة واجهت تمرداً من فصيل أو قوى أمنية متمردة، بدعن خارجي.
وقال العريان إنّ المطروح الآن من جانب تيار بعينه في الساحة الفلسطينية هو مشروع للاستقواء بالخارج ورفض الحوار الوطني، انتهاء إلى فتنة وحرب أهلية، بما يشتمل عليه ذلك من خطوات من قبيل قمع المساجد ومنع المقاومة وغير ذلك. ومقابل ذلك هناك مشروع تتبناه “حماس” وقوى المقاومة، وهو يتطلب إعداد برنامج مقاومة وطني حقيقي للبناء، لافتاً الانتباه إلى الخطوات التوافقية التي شهدتها الساحة الفلسطينية من قبل مثل وثيقة الوفاق الوطني والتوافق على حكومة وحدة وطنية.
أحمد شرف
وفى كلمته؛ أكد القيادى اليساري المصري أحمد شرف، أنّ التقسيم التقليدي للتيارات فى المنطقة حسب التوجهات السياسية (إسلامي، يساري، ناصري، ليبرالي، .. )، قد انتهى لصالح تقسيم جديد يقوم على تيارين فقط، أحدهما مؤيد للاستعمار والأخر مقاوم له، مشيراً إلى أن محمود عباس ينتمى للتيار الاول المؤيد للاستعمار.
وعن تصوّره للمخرج من الوضع الحالي الذي يكتنف القضية الفلسطينية؛ أكد شرف أهمية تصعيد المقاومة والتجائها إلى الشعب، وتوحد جميع مؤيدي المقاومة صفاً واحداً أيا كانت توجهاتهم، مقابل أنصار الاستعمار. ودعا شرف “حماس” إلى عدم الاستغراق فى تبرير ما قامت به، وأهمية التركيز على المقاومة بمفهومها الشامل وليس العسكري فقط، مع قيادة الشارع لذلك المشروع وعدم الانفصال عنه.
عبد القادر ياسين
أما القيادي اليساري الفلسطيني عبد القادر ياسين، فقد أكد فى كلمته أنّ “حماس” قدّمت فى اتفاق مكة المكرمة أقصي ما عندها من تنازلات، ما أغري التيار الانقلابي في “فتح” لممارسة المزيد من الضغوط على “حماس” لانتزاع المزيد من التنازلات منها، وعندما فشل ذلك التيار في مسعاه إياه بدأ فى تطبيق “مخطط دايتون” لإسقاط “حماس”.
وعن تصوّره للمستقبل؛ أكد ياسين أنه “من العار أن تُعلَن الطوارئ في بلد يواجه أخطاراً من الخارج، ولكنّ الأصح أن تُعلَن التعبئة العامة لمواجهة الأخطار الخارجية”، مشيراً إلى أنه لم توجد حركة تحرير في العالم قرّرت سحب أسلحة المواطنين والمقاومة سوى في حالة محمود عباس.
وأضاف ياسين أنه دون تحرّك رسمي وشعبي عربي وإسلامي لنصرة مناطق الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وخاصة قطاع غزة؛ فإنه يُتوقع ارتفاع منسوب البطالة وتوسع جيش الاحتلال في اجتياحاته وتوغلاته وغاراته الجوية، وبالأخصّ مع تولي إيهود باراك لوزارة الحرب لاستعادة هيبة الجيش الصهيوني المفقودة.
كما شدّد ياسين على أنه اذا لم يمرّ مشروع “حماس” هذه المرة؛ فسوف يتفشي في المنطقة ما سمّاه “مرض القاعدة”، لأنّ المنطقة جرّبت كل ألوان الطيف، والآن تجرِّب الاسلاميين المعتدلين، ولم تبقَ إلاّ القاعدة، كما قال، قبل أن يخلص إلى الاستنتاج بأنّ “الحل لكل ما يحدث أن يتم الاتفاق علي برنامج إجماع وطني وإعادة ترتيب المؤسسات الوطنية”.
محمد السعيد إدريس
أما الدكتور محمد السعيد إدريس، مدير مركز دراسات الثورة بمؤسسة الاهرام، فقد دعا “حماس” إلى حوار جاد مع “الفصيل القوي والمحترم داخل فتح”، يليه حوار وطنى على قاعدة النضال مع كل الفصائل الفلسطينية الأخرى، وإعادة إحياء وتجديد منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة إحياء الشرعية الدولية كبديل لشرعية اللجنة الرباعية الدولية المنحازة، وفق تقديره.
وربط إدريس التزامن بين تهنئة الكونغرس الأمريكي للكيان الصهيونى بمرور أربعين سنة على احتلال القدس؛ مع بدء إشعال الصراع الداخلى في الساحة الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ مجيء محمد دحلان إلى مصر أتى “للتمويه على خطة انقلابية كان يرتب لها”، لكنّ خطوة “حماس” بالسيطرة على الأوضاع في غزة والحسم السريع للاحداث افشل ذلك المخطط.
ودعا إدريس “حماس” إلى نشر كل الوثائق عن “جرائم دحلان وفريقه”، كما دعاها إلى عدم الاستماع كثيراً إلى وسائل الاعلام، ولكن أن تجعل مؤشرها فى حركتها هو إرادة الشعب الفلسطيني الداعمة للمقاومة الذي لن تختلف في ذلك عن إرادة الشعب العربي الإسلامي.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....