الأحد 11/مايو/2025

الكيان الصهيوني يبني المستوطنات على أنقاض الاتفاقيات

الكيان الصهيوني يبني المستوطنات على أنقاض الاتفاقيات

استغلت دولة الاحتلال الصهيوني جميع اتفاقات السلام التي وقعتها مع الفلسطينيين من أجل تنفيذ جميع مشاريعها الاستيطانية، سواء كانت عن طريق مشروع شارون أو البؤر الاستيطانية أو المخططات الهيكلية والمصادقة عليها، قبل أن تبدأ مناقشات المرحلة النهائية كما حصل عند توقيع اتفاق أوسلو.

هذا الاتفاق الذي اعتبر بمثابة اختبار ثقة بين الطرفين لم يوقف سياسة الاستيطان الصهيونية، بل يمكن القول ان الأنشطة الاستيطانية زادت وتيرتها بعيد توقيعه، الخطأ الأساسي الذي وقع فيه المفاوضون الفلسطينيون في أوسلو هو أنهم لم يحددوا مفهوم المستوطنة، هل تعني المنطقة العمرانية أم المخطط الهيكلي أم المجال الحيوي؟

ومع انتهاء الانتفاضة الأولى، عملت دولة الاحتلال على استغلال الوضع الجديد لفرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين، ولتحقيق ذلك عمدت لإقامة المشاريع الاستيطانية وتوسيعها، وشق الطرق الالتفافية بين المستعمرات لمصادرة الأراضي، وعزل القرى والمدن الفلسطينية عن بعضها البعض، لمنع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

وبعد ست سنوات من انتهائها، وقعت منظمة التحرير والحكومة الصهيونية اتفاق أوسلو في 13 أيلول 1993، وهو اتفاق مرحلي، كان الهدف منه خلق جو من الثقة بين الجانبين وتمهيد الطريق أمام مفاوضات سلمية تسعى للوصول إلى اتفاقية سلام نهائية على المسائل المتنازع عليها، مثل قضية اللاجئين، والدولة الفلسطينية، ومستقبل القدس.

ونصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من الاتفاق على أنه: “سوف تبدأ مفاوضات الوضع الدائم بين حكومة تل أبيب وممثلي الشعب الفلسطيني في أقرب وقت ممكن ولكن بما لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية”، أما الفقرة الثالثة من نفس المادة فنصت على “من المفهوم أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية بما فيها القدس واللاجئون والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود والعلاقات والتعاون مع جيران آخرين ومسائل أخرى ذات الاهتمام المشترك”.

الثقة التي على أساسها وافقت السلطة الفلسطينية على إرجاء المفاوضات على قضايا القدس والمستوطنات وغيرها، لم تجد صداها في تل أبيب، وعلى الرغم من تضمن اتفاق أوسلو بندا ينص على امتناع الطرفين عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب قد تؤثر أو تجحف بالاتفاق على الوضع النهائي للضفة الغربية وقطاع غزة، فان عمليات الاستيطان لم تتوقف بل زادت وتيرتها.

وفي الفترة التي تلت توقيع اتفاق أوسلو، ومن بعده معاهدة السلام بين الأردن والكيان الصهيوني في العام 1994، أقامت الدولة العبرية وحسب آخر إحصائية للعام الحالي نحو 116 بؤرة استيطانية (مجموعة كرنفانات تتحول إلى مستوطنات جديدة)، وخمسة مستوطنات جديدة.

وشهدت المناطق الفلسطينية حملة استيطانية شرسة لم تردعها مفاوضات أو مواجهات، تحت عناوين مختلفة هدفها إبقاء السيادة الصهيونية على أكبر قسم من الضفة الغربية وقطاع غزة، وخلق واقع جديد يؤثر في نتائج مفاوضات الوضع النهائي لمسألة الاستيطان، هكذا كان الحال مع إسحاق رابين واستمر بعده مع بيريز ونتنياهو وباراك وارييل شارون.

ولم تكن اتفاقية أوسلو التي نصت على بقاء الوضع في القدس على ما هو عليه حتى جولة المفاوضات التالية، السبب في عدم توقف الاستيطان في القدس، فسياسة الاستيطان التي بدأت عام 1948 لم تتوقف حتى يومنا هذا، علما ان خطة خريطة الطريق التي وقعت سنة 2003 تضمنت بندا ينص على وقف العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

منذ احتلالها فلسطين احترفت دولة الاحتلال تفسير الاتفاقات التي توقعها وفق مصالحها وأهدافها، منذ العام 1948 تركز الاستيطان بشكل كثيف في مدينة القدس في محاولة لفرض واقع يهودي يصعب الانفكاك عنه في حال تمت مفاوضات مستقبلية، واستطاعت السلطات الصهيونية من خلال النشاط الاستيطاني المكثف في القدس الشرقية إنشاء طوقين من المستوطنات يحيطان بالمدينة من جميع الجهات ويفصلانها عن المدن والقرى والمخيمات، حتى بات في هذه المستوطنات نحو180 ألف مستوطن يهودي، وقبل العام 1992 كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية لا يتجاوز 105 آلاف مستوطن، ومنذ ذلك العام حتى الآن بلغ 236 ألفاً، أي أنه تضاعف خلال فترة ما بعد أوسلو، كما بلغ عدد الوحدات السكنية التي أنشئت في الفترة ذاتها 29 ألف وحدة سكنية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات