سلام فياض والحديث بلهجة اليانكي

حين وصفت الحكومة التي اختلسها عباس في عجالة بأنها حكومة الطارئين فإنني لم يدر في خلدي أن سلام فياض طارئ على فلسطين كل هذا القدر.
منذ نحو يومين قدم سلام فياض مقابلة لمحطة سي إن إن الأمريكية. في ذلك اللقاء ضرب فياض دون شك نموذجا مقبولا من المشاهد الأمريكي. الأمريكي بشكل عام ولمن لا يعلم هو رجل يحب الاعتداد بنفسه كثيرا؛ ويحب أن يقول عن نفسه أنه ثوري يرفض التقاليد الجامدة والبيروقراطية في كل شيء: من الضيق بتقاليد العمل المعقدة؛ إلى عدم الارتياح للأكل بالشوكة والسكين؛ فرفض الحديث بلغة انجليزية تحترم القواعد والنحو؛ وانتهاء بالإصرار على امتلاك رأي شخصي خاص ومختلف في شتى مناحي الحياة؛ حتى تلك التي لا يعرف الأمريكي عنها كثيرا.
واضعا مثل هذا المُشاهد في عين الاعتبار؛ ومتصرفا كأحد أبناء مدرسة “اليانكي” انطلق سلام فياض لبيع برنامجه السياسي لدى الجمهور الأمريكي. ومن أبرز ما قاله البديل غير الشرعي لهنية في مقابلته تلك:
– أنا أبحث عن تعاون مكثف ونشط مع “إسرائيل” من أجل منع انتقال الاضطراب إلى الضفة من غزة
– لقد أرسلت الرسالة “لإسرائيل” ولا زلنا في انتظار الجواب
– أنا جلدي سميك ولا يؤثر فيه اتهامي بأنني عميل لإسرائيل
– أنا أعرف ماذا أريد أن أعمل؛ وأعرف ما هي المهمة: أنا أريد أن أخدم مصالح الشعب الفلسطيني
فياض في كل هذه المواقف المسرحية أعلاه تكلم بشخصية الأمريكي وبنوع الكلام الذي يؤثر فيه؛ لكنه على ما يبدو نسي أن الناخب الفلسطيني يسكن في قلقيلية وليس في تكساس؛ وأنه يشاهد الجزيرة لا السي ان ان.
الناخب الفلسطيني يا فياض يعتبر التعاون مع إسرائيل – سواء كان هذا التعاون نشطا ومكثفا أو خامدا وضحلا – وجها من وجوه الخيانة والعمالة؛ وهو حين يسمعك تقول أن جلدك سميك ويتحمل تهمة العمالة فهو لن ينظر إليك بعينين ممتلئتين بحبور وسعادة الأمريكي وهو يشاهد رجل الكاوبوي الوقح الذي يتحدى الآخرين؛ بل سيهز الفلسطيني رأسه يمنة ويسرة ويقول عنك أنك بالفعل “متَمسِح” وما عادت العمالة “تفرق معك”!
والناخب الفلسطيني يا فياض لا تنفع فيه خطط الأمريكان؛ ولا ينفع لزعامته الإتيان بالحكام من صفايا الأمريكان الهابطين عليه بمظلات دايتون وكوندي وتشيني؛ على خطى زلماي خليل زادة وقرضاي وعلاوي والسنيورة.
والناخب الفلسطيني يا فياض ليس أحمقا ولا مغفلا؛ وليس مثل المشاهد الأمريكي الذي ان امتلأت ثلاجته بالطعام؛ وكان سعر الوقود في المحطة ضمن حدود المقبول عنده؛ وفاز فريقه للكرة في البطولة فإنه يرى أنه جمع كل أسباب السعادة والهناء! لا يا فياض؛ فالفلسطيني حر وأبي وذكي وصاحب كرامة؛ ويهتم بوطنه كما يهتم بدخله وأكثر؛ وعينه على المسجد الأقصى والأسرى واللاجئين؛ وحين يراك تقول أنك أرسلت الرسالة للصهاينة وتنتظر الجواب رغم وقوع اجتياح لنابلس؛ ورغم ما حصل في نابلس من قتل واعتقال؛ فإنه سيظن بك أنك مغفل لا تفهم؛ أو متواطئ لا تريد أن تفهم!
والناخب الفلسطيني يا فياض لن يأخذ “بكش” ولا “هيلمة” من طراز “أنا أعرف مهمتي” أو “أنا أريد أن أخدم مصالح الشعب الفلسطيني”؛ فللفلسطيني قبلة سياسية في المسجد الأقصى وفي ثوابته الوطنية وفي فلسطين الكاملة وفي حق العودة لا يحيد عنها؛ وهو يعرف أن من انقلبوا على إرادته لا يريدون خدمته؛ وهو يعرف أن من يرعون هدم مؤسسات مجتمعه المدني وحرقها على يد زعرانهم؛ ويعتقلون أفراد حزب الأغلبية حماس ويعذبونهم – هو يعرف أن هؤلاء لا يريدون الخير لفلسطين ولشعبها؛ وهو يعرف ويفهم أن من أنيطت به مهمة حفظ أمن “إسرائيل” فإن ديدنه أن يبخس المقاومة كما فعلت أنت مع السي ان ان؛ وكما فعل عباس أمام كل الكاميرات مرات ومرات.
فهل يفهم فياض أن مقابلته التي لعب فيها دور المتأمرك بكل قوة قد تنفع لبيع أسهمه في أسواق تكساس؛ لكنها لا تشتري رضا الناخب الفلسطيني في نابلس وجنين وغزة والقدس؟
هو لن يفهم؛ ومن الأكيد أن جلده هنا أيضا سيكون سميكا؛ فهو يعرف انه قدم لفلسطين لا بإذن ناخبها؛ بل في الحقيقة جاء منقلبا على إرادته؛ وفي حكومة طارئة شكلا ومعنى على هذا الشعب وقيمه وثوابته!
وما دامت الشرعية قد قدمت من أمريكا التي أعطته المظلة؛ وما دام فياض قدم من أمريكا لإنفاذ رغباتها؛ فلا شك أنه سيكون معنيا بتقديم أفضل العروض الإعلامية بين يدي الجمهور من “اليانكي”؛ ولا عليه بعد ذلك إن اقتنع أهل قباطية وصوريف وبيت لاهيا أم لم يقتنعوا!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...

“الجهاد الإسلامي” تنعى القائد بسرايا القدس الشهيد نور البيطاوي
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد نور عبد الكريم البيطاوي، القائد في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس،...