الأحد 11/مايو/2025

العام الأول لأعضاء المجلس التشريعي في سجون الاحتلال الصهيوني

بهاء فرح

قبل عام من اليوم، اختطفت قوات الاحتلال الصهيوني حوالي 30 نائبا من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وجاء هذا الاختطاف كرد على أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط في عملية نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واستخدموا كورقة للمساومة والابتزاز السياسي، ثم استكملت العملية باختطاف رئيس المجلس الدكتور عزيز الدويك، وأمين السر الدكتور محمود الرمحي، ليبلغ عدد النواب المختطفين في سجون الاحتلال 45 نائبا منهم 40 نائبا من قائمة التغيير والإصلاح.

وبعد مرور عام على الاختطاف ما زالت القضية تتأرجح في مكانها، فتراها مرة مرتبطة بقضية الجندي الصهيوني الأسير واحتمال حدوث انفراج فيها وإتمام صفقة تبادل أسرى تشمل النواب، ومرة أخرى ترتبط بالوضع السياسي القائم، ومرة تحاول المحكمة العسكرية الصهيونية توجيه لائحة اتهام بحقهم، بحجة القيام بنشاطات ضمن جماعة محظورة، بزعم أن كتلة التغيير والإصلاح واجهة لحركة المقاومة الإسلامية حماس.

وخلال العام الذي قضاه النواب في سجونهم حدثت تطورات كبرى سواء على صعيد قضية اختطافهم أو على مستوى القضية والشارع الفلسطيني. فمن ناحية قضية الاختطاف لم تلق هذه القضية الاهتمام الكبير، بل إنها مع مضي الوقت وتسارع التطورات في الشارع بدأت تنسى، وأصبح موضوع اختطافهم أمرا عاديا لا يعطى الكثير من الاكتراث على المستوى الرسمي أو الشعبي، داخليا وخارجيا.

وبالنظر إلى التعاطي مع قضية اختطاف رئيس وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني نلاحظ جملة من السلبيات فيها على جميع المستويات حيث:

أولا: على المستوى الشعبي جرى تنظيم سلسلة من الفعاليات للتضامن مع النواب المختطفين، والمطالبة بالإفراج عنهم، إلا أن المشاركة في هذه الفعاليات اقتصرت على من ينظمها وأهالي النواب وعدد قليل من المهتمين بالدفاع عن قضية الأسرى عموما، وفي ظل غياب كبير لمشاركة المجلس التشريعي والحكومة والمؤسسات، والمشاركة الشعبية أيضا.

ثانيا: كان المجلس التشريعي قد أعلن عزمه على عدم منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية والتي جاءت كمطلب وطني أولا، ثم كمطلب دولي كشرط لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، قبل أن يتم الضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن النواب المختطفين. إلا أن المجلس اكتفى بأن تضع الحكومة قضية النواب المختطفين كأولوية لعملها بمجرد أن تباشر مهامها، وتنقل الصورة للعالم أجمع، وخصوصا من لهم تأثير على حكومة الاحتلال، ومن رعوا الاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والاحتلال الصهيوني.

ثالثا: لم تطرح حكومة الوحدة الوطنية رؤيتها وخطتها لتفعيل قضية النواب المختطفين، والطرق التي ستعمل من خلالها على الإفراج الفوري عنهم، ولم يتم التشاور أو التنسيق مع المجلس التشريعي في الآليات التي اتبعت والتي يمكن أن تتبع في هذا المجال، بل لم يكن هناك اتصال مع المجلس للاطلاع الدوري على آخر الأخبار المتعلقة بالنواب المختطفين والأوضاع التي يعيشونها داخل السجون.

رابعا: هناك مؤسسات وجمعيات عملت على استغلال قضية النواب المختطفين بشكل سلبي، ومن أجل تحقيق مصالح ذاتية من خلال الكسب والشهرة، حيث كانت تصدر تصريحات وبيانات تنسب لرئيس وأعضاء المجلس التشريعي المختطفين تعبر عن مواقف ورؤى وطنية هامة دون الرجوع إلى المجلس التشريعي باعتباره الجهة الوحيدة التي يحق لها إصدار مثل هذه التصريحات أو عدم نشرها، ولم يتسن للمجلس التشريعي التأكد من صحة أي تصريح نشر عبر وسائل الإعلام على لسان رئيس وأعضاء المجلس، بل كان دائما يعبر عن استيائه من هذه الفوضى في التعامل مع تصريحاتهم.

خامسا: لم يكن واضحا أي اهتمام بالقضية من جانب الرئاسة الفلسطينية، بل كانت قضيتهم غائبة عن حديث الرئيس ومساعديه، بل إن تفعيل قضية النواب المختطفين لم يذكر يوما كبند من جدول أعمال اللقاءات التي جرت بين الرئيس ورئيس حكومة الاحتلال، أو مسؤولين فلسطينيين ومسؤولين من حكومة الاحتلال.

قضية اختطاف ثلث أعضاء المجلس التشريعي أصبحت غائبة بشكل كامل في ظل التطورات التي شهدتها الساحة الفلسطينية، وأصبح المختطفون رهائن لغاية الإفراج عن الجندي الأسير في قطاع غزة، أو ربما كما كان بعضهم متوقعا أن يكمل السنوات الأربعة في السجون، كنوع من تدخل الاحتلال في الشأن الفلسطيني الداخلي، وتغييب نواب التغيير والإصلاح عن الساحة السياسية الفلسطينية في الوقت الراهن، لحين حدوث تسوية ما، أو إجراء انتخابات جديدة، دون قدرة المجلس الحالي على إحداث أي تغيير أو تعطيل أي مشروع يعارض برنامج الأغلبية التي فازت، وإظهار عجز وفشل التغيير والإصلاح في تحقيق البرنامج الذي انتخبت على أساسه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات