الأحد 11/مايو/2025

عندما يُعيّن عدو السلام مبعوثاً له !!

أ. حسن القطراوي

لقد كان موقفاً صائباً ذاك الموقف الذي بادرت إليه روسيا والذي تحفظت بموجبه على تعيين توني بلير مبعوثا للجنة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام والسلام منها براء ، لكن وعلى ما يبدو فإن المصالح التي تربط الدول ببعضها كانت أكبر من أن تُصر روسيا على اعتراضها بتعيين عدو السلام توني بلير في هذا المنصب سيما مع الضعف السياسي والاقتصادي الواضح لروسيا مما وقف حائلاً أمام الاستمرار في اعتراضها على هذه الشخصية المثيرة للجدل ، ولا بد أن ثقل أمريكا الكبير والمؤثر داخل اللجنة الرباعية الدولية والموافقة الإسرائيلية على تلك الشخصية كان له بالغ الأثر في تعيين توني بلير في هذا المنصب ، كل ما سبق كان نتاج مصالح دولية مرتبطة بعضها ببعض أدت إلى أن يكون توني بلير بقوة السياسية والاقتصاد والعسكر مبعوثا لعملية السلام على طريقة اللي “عاجبه عاجبه ” ولكن ثمة تساؤل غريب يقفز إلى ذهن المتابع لمجريات عملية السلام في فلسطين بشكل خاص والشرق الأوسط على وجهة العموم والقائل : ماذا قدم رئيس الوزراء السابق توني بلير ومبعوث السلام الآن  لأكثر من عقد ونيف من رئاسته للحكومة البريطانية لعملية السلام في الشرق الأوسط ؟ أم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ترى بعيون توني بلير بعد أن ” شاب ” رجل السلام ، كما رأى بوش الصغير في عيون” شارون رجل السلام ” من قبل ، ثم التساؤل الأكثر خطورة أين الموافقة العربية !! أين الحضور العربي وكأن كل ما حدث أمر يخص أمريكا اللاتينية ولا علاقة للعرب وقادتهم بأي دور فيه !! أليس يوضح ذلك قيمة الإهانة التي توجهها أمريكا بقيادة اللجنة الرباعية إلى العرب مجتمعين سيما الرباعية العربية ؟؟

بالاعتقاد أن تعيين توني بلير بمنصب مبعوث لعملية السلام بالشرق الأوسط تعد ضربة قاسية توجه إلى عملية السلام برمتها لأن المبعوث لعملية سلام حقيقة في أي بقعة من العالم يجب أن تتوفر فيه شروط عديدة أهمها :

1-: أن الوسيط يجب أن يتوفر فيه عامل النزاهة والشفافية وتوني بلير لا هو نزيه ولا شفاف بل هو راعي المصالح الأمريكية والإسرائيلية بامتياز .

2- : يجب أن يكون على نفس المسافة من جميع الأطراف وتوني بلير الأقرب إلى أمريكا وإسرائيل روحا وعملاً .

3- : كيف يعّين مبعوثا لعملية سلام !! أليست بلاده هي من أعطت وعداً بإقامة بلد قومي لليهود في فلسطين سمي ” وعد بلفور” ؟

4- : ثم أين هي الموافقة الفلسطينية على تعيين رجل السلام بلير هل وافقت منظمة التحرير الممثل الشرعي الغائب والوحيد للشعب الفلسطيني على تعيينه؟ .

5- : كيف يعّين مبعوثا لعملية سلام هي في الأصل غير موجودة .

كل ما سبق من تساؤلات وبدون إيجاد الإجابات المناسبة لها يدعونا لأن نفكرعما يبحث أولئك وعن أي سلام يتحدثون، في الواقع والأمر البديهي المعروف أن إسرائيل ليست معنية بعملية سلام حقيقة وذات مغزى لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة لأن إسرائيل لا تؤمن بأن هناك شعباً فلسطينياً أصلا يستحق الحياة لأنها فعلاً لا ترى على ارض الواقع المسوغات الحقيقة والمواقف الفلسطينية الثابتة والتي تنطلق من برنامج سياسي موحد تتفق عليه كل الفصائل الفلسطينية لإجبار إسرائيل على التعامل مع برنامج سياسي متفق عليه فلسطينيا حتى لا يتسنى لها اختيار برنامج سياسي لا يتفق إلا مع طموحاتها وأهدافها التوسعية والبعيدة كل البعد عن اهتماماتها بعملية سياسية ذات مغزى وان كنت لا اتفق بتاتاً مع الشروع بعملية سلام بدون خط مقاوم موازٍ لتلك العملية السلمية ذات الجدول الزمني المعّين ، بمعنى أن يتم تحديد جدول زمني لعملية سياسية إذا لم تنفذ بالتاريخ المتفق عليه عملية سياسية يبدأ الشروع الفوري بالمقاومة وهو ما تخشاه إسرائيل لأنها لا تنوي بتاتاً التفاوض تحت تهديد المقاومة وهي ما تؤكد دائماً بأنه لا يمكن الشروع بعملية سلام بوجود ما تسميه هي” الإرهاب “.

 اليوم وباعتماد توني بلير مبعوثا خاصا للجنة الرباعية الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط على الكل الفلسطيني أن يبدأ بالسير وفق خطوات ثابتة ومتفق عليها فلسطينيا باتجاه خط متوازٍ يحفظ الحقوق ويرعى المقاومة ولا يستثني السياسة والعمل على أن يكمل كل منهما الآخر، لذلك باتت الكرة اليوم في الملعب الفلسطيني للعمل الجاد والدءوب من أجل الدخول في حوار فلسطيني فلسطيني يؤسس لبرنامج سياسي محل إجماع فلسطيني لمواجهة التحولات والتغيرات الحاصلة في المنطقة وفق آليات محددة ومدعومة عربياً وإسلامياً للحيلولة دون تهرب إسرائيلي جديد ومعهود من التزامات الشرعية الدولية و العربية والوقوف بقوة في وجهة الدعم الأمريكي للابتزاز الإسرائيلي لعملية السلام والتهرب من استحقاقاتها، وإلا فإن المنطقة العربية برمتها مقبلة على انفجار مخيف إن بقيت إسرائيل كما هي تضرب بالحقوق الفلسطينية والعربية عرض الحائط .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات