الشرعية المهدورة بيـن غزة والضفة

يرتبط اسم منتجع «شرم الشيخ» في الذاكرة بالمؤتمر الإقليمي الأول لمكافحة «الإرهاب» في العام 1996، بعد ذلك صار المكان الأبرز للقاءات العربية الإسرائيلية التي تتناول الشأن الفلسطيني. لقد دارت فيه المفاوضات الرئيسية التي سبقت انسحاب (إسرائيل) من غزة، لكن (إسرائيل) -كما هو معروف- لم تعط الفلسطينيين «شرف» الاتفاق الموثق لهذا الانسحاب. هي من قرر من جانب واحد التخلي عن إدارة شؤون القطاع الذي صار في يدها مثل كرة النار الملتهبة. غزة في تراث الاحتلال لفلسطين تعني مجموعة أشياء سلبية: الكثافة الأعلى من السكان على مساحة الأرض الأصغر والأفقر بالموارد، والبيئة النضالية الأكثر تشدداً.
واهمٌ –إذاً- من يتوقع ان تسعى (إسرائيل) لاستعادة غزة، او حتى استخدام قواتها لاستعادة سيطرة السلطة الفلسطينية التي تدعمها. ما تستطيعه (إسرائيل) هو استئناف خطة الحصار بكل أشكاله وممارسة لعبة الصيد لكوادر «حماس» وقذف حمم النار لمنع تطبيع الحياة في القطاع.
انعقدت القمة الرباعية في شرم الشيخ (مصر، الاردن، فلسطين، اسرائيل)، لمهمة واحدة هي: إنقاذ سلطة الرئيس محمود عباس وحكومة الطوارئ التي شكلها في الضفة برئاسة سلام فياض. جدول الأعمال معروف سلفا: حزمة من المعونات و«الصدقات» التي يقدمها أولمرت بالافراج عن جزء من رصيد أموال الشعب الفلسطيني، المزيد من السلاح الأمني والتدريبات وتعزيز التنسيق بين أطراف الرباعية، والاتفاق على محاصرة «حماس» عربياً ودولياً ورفع مشروعها الى مرتبة «الإرهاب».
في كل ردود الفعل على ما جرت تسميته «انقلاب حماس»، لا احد يذكر أكثر من عشرة آلاف معتقل بمن فيهم أعضاء البرلمان الفلسطيني. لا احد يتداول بالحوار او بأي وسيلة ديموقراطية اخرى بما في ذلك الاستفتاء العزيز على قلب «أبو مازن» ولا بالانتخابات. يجمع أطراف الرباعية على حصار غزة وليس استعادتها إلى الكيان الفلسطيني. يجري وصف غزة «بالإمارة الإسلامية المدعومة من ايران»، يسيطر عليها المشروع «الظلامي» ويحكمها «القتلة الانقلابيون».
لا احد مستعد لأن يبحث في ظاهرة القوة الشعبية «لحماس» في الانتخابات سابقا وفي سهولة تدبير الانقلاب والانهيار السريع لرموز ومؤسسات السلطة التابعة لأبو مازن.
هناك كلام خجول عن تحريك مفاوضات السلام من الجانب العربي. لكن المأزق الفلسطيني بجميع وجوهه ناتج أصلاً عن انهيار عملية السلام. لقد استهلكت السلطة الفلسطينية نفسها في لعبة السلطة لأن الأفق السياسي للتسوية مسدود، ولأن قوى السلطة قبلت التفاوض من أجل التفاوض، واستبعدت المراجعة النقدية لتجربتها، وأسقطت من الحساب تجديد الانتفاضة. لقد كان ياسر عرفات يفاوض ويترك الهوامش الواسعة لحركة «حماس» وغيرها من الفصائل، بل هو من كان يرعى «كتائب الأقصى» التي مثلت الذراع العسكري «لفتح». هذه الوطنية الفلسطينية التي تجسدت في حماية الأمين العام للجبهة الشعبية وعدم تسليمه لـ(إسرائيل) جرى إسقاطها بعد وفاة «أبو عمار». لقد تساهلت السلطة في أبسط أمور السيادة. لقد أصبحت السلطة جزءاً من النظام الرسمي العربي، هذا ما سيؤكده مؤتمر شرم الشيخ. إذا صح ذلك فإن (إسرائيل) لن تعطي السلطة ما يسمح بتجديد شرعيتها الوطنية.
ما ستكشفه الأيام القادمة هو أن «حماس» ستأخذ بعض الشرعية من الشعب الفلسطيني مع كل الصعوبات الناتجة عن التخلي العربي الذي سيزداد جرأة على ارتكاب «التنازلات». أما المهمة الوطنية فلا تزال وحدة الشعب الفلسطيني.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...

السفير الأمريكي في إسرائيل يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد السفير الأمريكي لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مايك هاكابي، دعم واشنطن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم...

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...