الأحد 11/مايو/2025

أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها !!

وائل كريم

المادة (6): المشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة، او مجموعة من الدول، أو أي دولة منفردة بشأن قضية فلسطين والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضة.
المادة (17): الثورة الشعبية المسلحة هي الطريق الحتمي الوحيد لتحرير فلسطين.
المادة (19): الكفاح المسلح استراتيجية وليس تكتيكاً والثورة المسلحة للشعب العربي الفلسطيني عامل حاسم في معركة التحرير وتصفية الوجود الصهيوني ولن يتوقف هذا الكفاح الا بالقضاء على الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين.
المادة (22): مقاومة كل الحلول السياسية المطروحة كبديل عن تصفية الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين، وكل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تدويلها أو الوصاية على شعبها من أية جهة.

كنت أقرأ هذه القواعد و المرتكزات التي بني عليها النظام الداخلي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حينما تشربت مسامعي خبر قائد كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية الذي كان يتحدث بكلمات “عبرية ” للإذاعة العامة ( الإسرائيلية ) عن حل الأجنحة العسكرية التابعة لحركة فتح و تسليم أسلحتها لقوى الأمن ( الشرعية ) على حد وصفه طبعاً ثم أردف بعد ذلك قائلاً إن العناصر العاملة تحت لواء كتائب شهداء الأقصى ستنضم لأجهزة الأمن الفلسطينية ( الشرعية ) و ستكون في خدمة المشروع السياسي الذي يعمل عليه الآن الرئيس ( الشرعي ) أيضاً محمود عباس ..

انتهى الخطاب التاريخي الذي أدلى به قائد المقاومة الفتحاوية بلغته ” العبرية ” لإذاعة صهيونية و بدأت التساؤلات تتبادر لذهني متتابعة حول المغزى و السياق و التوظيف و التوقيت و لعل إدراكي و متابعتي لما يحدث و للتطورات المتلاحقة جعل من إجابات هذه التساؤلات أمراً سهلاً لا يحتاج لمشقة البحث عما يجري وراء الكواليس .

لكن سؤالاً واحداً لم أجد له إجابة فانطلاقا من الدور الريادي ” للزبيدي ” في مقارعة الاحتلال و تحريض ” تالي فحيمة ” على المشروع الصهيوني و تأسيساً على إنجازات هذا القائد في خدمة مشروعنا الوطني القائم على تحرير كامل التراب و نيل كافة الحقوق التي قضي في سبيلها كل شهداء الثورة الفلسطينية كان لا بد أن نُكرم هذا القائد (بعد انتهاء صلاحيته كمقاوم) بمنصب يليق بحجم التضحيات الجسام التي قدمها في خدمة القضية و المشروع الوطني .

و كما هو معلوم أنه قد جرى العرف في البلاط العباسي على منح أصحاب المناصب المهمة و الحساسة لقب أو مسمى يعكس حجم أهمية صاحب هذا المنصب . فهذا مستشار السيد الرئيس ( الشرعي ) للشؤون السياسية و هذا مستشاره للإعلام و هذا أمين عام الرئاسة ( الشرعية ) إلى غير تلك المناصب و المسميات التي نباهي بها الأمم و نعكس مدى إخلاصنا و وفائنا لمن قضوا زهرة شبابهم في رفع بيارق فلسطين ما بين الكرامة و بيروت و مختلف ميادين المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح رأس حربة المشروع الوطني الفلسطيني . فما هو يا ترى اللقب المناسب لقائد بهذا الحجم ؟!

حرصاً على مكانة و أهمية القائد “الزبيدي” كان لابد أن نغوص في تاريخ الثورة الفلسطينية و عظمائها بحثاً له عن لقب يناسب حجم تضحياته الجسام حتى لا يضيع حق الرجل في لقب مناسب و حتى تبقى ديمومة الإخلاص و الوفاء لعظماء الثورة الفلسطينية مستمرة فالوفاء و الإخلاص للثورة و رجالها أمراً لا نتهاون به !!

و لعل طبيعة الدور العسكري الذي كان يشغله القائد الزبيدي ( قبل انتهاء صلاحيته طبعاً ) حتمت علينا أن نتخذ من النماذج العسكرية للثورة الفلسطينية دليلاً في بحثنا عن اللقب .

” إسبرطي الثورة الفلسطينية ” هذا اللقب حمله الشهيد القائد أبو علي إياد الذي استشهد في أحراش عجلون سنة 1971 أبو علي إياد أسس لمنهج عسكري صارم في الثورة الفلسطينية يعتمد على الشدة و الصرامة في التدريب و في تنفيذ الأوامر فقد كان يؤمن أنه لا بد من إعداد جيل كامل مؤمن بقضيته و بفلسطين كل فلسطين وفق أشد الأساليب العسكرية قساوة حتى يخوض هذا الجيل مهمة تحرير فلسطين كل فلسطين .

بالمقابل فقد كان منهج القائد الزبيدي يعتمد بشكل أساسي على خلخلت بنيان المجتمع الصهيوني من داخله و في سبيل ذلك أقام علاقته الشهيرة مع المواطنة الصهيونية ” تالي فحيمة ” .

لكن ليس هذا الفرق في المنهج هو ما يجعل “إسبرطي الثورة الفلسطينية ” غير صالح للقائد الزبيدي فاختلاف المناهج أمر جائز لا ضير فيه ما يجعل هذا اللقب غير صالح هو اختلاف النهاية فالشهيد أبو علي إياد رحمه الله كانت نهايته أن قال ( نموت واقفين و لن نركع ) حينما طلب عبر جهاز اللاسلكي القاعدة بإمداده بالفدائيين لكسر حصار الجيش الأردني له في أحراش عجلون و جاء رد القيادة أنه لا مجال لذلك و إن لم تستطع كسر الحصار فلتسلم نفسك !! فكان رده على القاعدة ( نموت واقفين و لن نركع ) و كسر جهاز اللاسلكي و أخذ يقاتل حتى آخر رصاصة حتى استشهد فصدق عليه لقب ” إسبرطي الثورة الفلسطينية ” .

أما نهاية القائد الزبيدي فقد كانت مختلفة تماماً حين تحدث بالعبرية للإذاعة الصهيونية عن حل الكتائب و انضمامها لأجهزة الأمن ( الشرعية ) لذا فلا يصلح لقب ” إسبرطي الثورة الفلسطينية ” على القائد الزبيدي و هذا يدفعنا للبحث عن لقب آخر .

” ضمير الثورة ” كمال ناصر هو من حمل هذا اللقب الشهيد كمال ناصر استشهد في ” الفردان ” عام 1973 مع اثنين من رفاق المسيرة هما الشهيد أبو يوسف النجار و الشهيد كمال عدوان الشهيد كمال ناصر كان يؤمن بدور الجماهير في تحرير فلسطين و أن سبيلنا نحو فلسطين يبدأ من وعي كامل للجماهير بقضيتها و بخطر المشروع الصهيوني و أن تدرك هذه الجماهير أنه لا تحرير لفلسطين إلا عبر شلال من الدماء يجب أن تقدمه هذه الجماهير المتوحدة قرابين لفلسطين .

بعكس القائد الزبيدي الذي بدأ يرى مؤخراً أن السبيل لفلسطين هو المشروع السياسي الذي يعمل عليه الرئيس ( الشرعي ) عباس رغم اختلاف المنهج هنا أيضاً لكن هذا الاختلاف في المنهج أمر وارد.

اختلاف المنهج بين الشهيد كمال ناصر و القائد الزبيدي ليس هو السبب الرئيسي في عدم صلاح لقب ” ضمير الثورة ” للقائد الزبيدي بل إن هناك فرقاً جوهرياً يجعل من هذا اللقب غير صالح فقد أحب الشهيد كمال ناصر الجميع من ثوارنا وأحبه الجميع، وكان رمزاً كبيراً يناضل من اجل وحدة هؤلاء الثوار للوصول لفلسطين التي قاتل “الضمير” لأجلها بأنبل دوافع الحب للثورة، والتفاني من اجل تكريس تماسك الثورة و وحدتها وكانت أهم المعارك التي خاضها واستشهد وهو يصب من قلبه دماً من اجلها، هي قضية الوحدة الوطنية بين فصائل الثورة، وكان له رأي محدد في هذا المجال لم يهتز إيمانه به حتى آخر لحظة في حياته .

بعكس القائد الزبيدي الذي تحدث للإذاعة الصهيونية بلهجته ” العبرية ” عن الدور الذي ستقوم به المجموعات ( المنتهية صلاحيتها ) من كتائب شهداء الأقصى التي ستنضم لأجهزة الأمن ( الشرعية ) في ملاحقة أبناء كتائب الشهيد عز الدين القسام فهذه المجموعات أصبحت الآن محظورة لأنها تمس بالاستقرار الذي ننشده نحن و أشقاؤنا الصهاينة !! هذا الموقف يعكس بجلاء أن الضمير انتقل إلى رحمة الله لذا فلا يصلح لقب ” ضمير الثورة ” للقائد الزبيدي (فاقد الشيء لا يعطيه ) .

صدقاً كلما قرأت تاريخ ثورتنا الفلسطينية و رجالها ممن حملوا بيارقنا عالية و كانت دماؤهم و أشلاؤهم دون تصفية القضية ازددت نقمةً و كرهاً لمخنثي هذا الزمان . ازددت غضباً و نقمة على أشباه الرجال هؤلاء و أنا أقرأ سيرة شهيد أو قائد ممن حمل روحه و دماءه و خاض معارك البطولة و الفداء .

ازددت حقداً على هؤلاء الذرية و أن أراهم اليوم ينطقون بلسان ” عبري ” إيجابهم للصهاينة في صفقات النخاسة يبيعون بحفنة من الدولارات تاريخ كل هؤلاء الرجال من أبو علي إياد و الكمالين و أبي يوسف النجار و سعد صايل و خليل الوزير إلى آخر قائمة عظماء الثورة الفلسطينية . ترى بماذا يشعر الآن هؤلاء الشهداء ؟!

رحمة الله عليكم أيها الشهداء جميعاً ناموا قريري الأعين فبيارقكم لم و لن يرثها مماليك البلاط العباسي بيارقكم لازالت خفاقة ترفرف فوق أرضنا المقدسة بيارقكم أمانه تطبق عليها تلك الأيادي الطاهرة المتوضئة.

هنيئاً لمن ورث بيارق فلسطين و رفعها عالياً و هنيئاً لمماليك هذا الزمان لقبهم فلم أجد لقباً أفضل للزبيدي من ” مملوك البلاط العباسي ” !!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات