الأحد 11/مايو/2025

ألا يشعر عباس بالمهانة والعار ؟!

محمد معناوي

ألا يشعر عباس بالمهانة والعار من هذا الدعم القوي الذي تتصدق به الإدارة الأمريكية المتصهينة عليه…. ؟!!

كلما اتخذ محمود عباس قراراً يستهدف حكومة حماس تأتي  المباركة الأمريكية و الأوربية ومباركات بعض الأنظمة العربية التي تكبس على أنفاس شعوبها، وهذا ما حدث  أخيرا عندما أصدر رئيس السلطة الفلسطينية مرسوما بإقالة رئيس الوزراء إسماعيل هنية وإعلان حالة الطوارئ…فالكل اصطف وراء المشروع الصهيوني الأمريكي وبدؤوا في نسج الخطابات الملتوية من قبيل “الانقلاب على الشرعية” و”الانقلاب العسكري “.. والأنكى أن أغلبية الحكومات العربية تتسابق في مجاراة  الإدارة الأمريكية بتأييدها لعباس .. وانتقادها اللاذع لحركة حماس .. كما توالت تصريحات قيادات “فتحوية” من مهندسي اتفاق أوسلو والتيار المناهض لحركة حماس، إلى وسم ما جرى بقطاع غزة بالإجرام والانقلاب العسكري ووصف حركة حماس بالانقلابيين إلى غير ذلك من النعوت غير المقبولة لا منطقا ولا عقلا.. فبماذا إذن سنصف  كمتتبعين للقضية الفلسطينية القضية المركزية في قلوب ونفوس جميع الشعوب العربية والإسلامية، التواطؤ على حصار وتجويع الشعب الفلسطيني، وبماذا سنصف تعنت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح وعدم انصياعها لوزارة الداخلية ، وبماذا سنصف خزينة الميزانية التي تركت خاوية على عروشها لحكومة حماس، وبماذا سنصف المليشيات العسكرية التابعة لدحلان ومجموعته التي ابتدأت في القتل والاختطافات وزرع الفتن والقلاقل، والأسلحة المتطورة التي تغدق بها الإدارة الأمريكية وإسرائيل على الأمن الرئاسي أو لنقل على التيار الاستئصالي لحركة حماس…أليس كل ذلك والكثير مما يعرفه الشارع الفلسطيني، انقلابا على الشرعية وذبحا للخيار الديمقراطي وعقابا للشعب الفلسطيني الذي اختار ديمقراطيا حركة حماس؟

لا يساور أدنى شك كل حصيف أن هذا التيار ضالع في مخطط انقلابي على الشرعية منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية وأنه يتحرك بأوامر من الإدارة الأمريكية ويحبك مسرحيات تضليلية للرأي العام العربي…بدأت تتفكك خيوطها. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: ألا يشعر عباس بالمهانة والمذلة عندما يعده جورج بوش برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني إذا ما خلت “حكومة سلام فياض” من أي فرد من حركة حماس؟ أليس هذا دليلا على أن الذين هربوا من حركة فتح متورطون في حصار شعبهم وتجويعه؟ ألا يريدون أن يقولوا للشعب الفلسطيني  أنكم أخطأتم عندما اخترتم حماس وأنه عليكم أن ترضخوا لإرادة أمريكا التي تتحكم في أرزاقكم وخياراتكم خصوصا خيار المقاومة ؟ أصبحنا حقيقة نعيش في زمن التباهي والجهر بالولاءات المشبوهة…دون الشعور بالحرج.    

من السهل على الإنسان أن يتفوه بكثير من الباطل والمغالطات والاتهامات دون حياء ولا خجل، ولكن من الصعب عليه أن يقول كلمة حق دون مجاملة ولو كانت جارحة وبلا تعصب حزبي أو، تنظيمي،لذلك نقول إن تحيز وتعاطف شريحة عريضة من الشارع العربي والإسلامي مع حركة حماس هو  تحيز موضوعي لأسباب واضحة جلية منها: أن حركة حماس وصلت إلى تسيير الشأن العام الفلسطيني  بشكل ديمقراطي وليس في مصلحتها ومصلحة الشعب الفلسطيني أن تشتعل نار الفتنة الداخلية في بلد يقاوم الاحتلال، ولو أرادت ذلك لما صبرت أيام اعتقال وقتل كوادرها عندما كانت فتح في السلطة، حينذاك احتسبت أمرها إلى الله وكانت تشدد دائما على أن الاقتتال الداخلي خط أحمر وأن بنادقها يجب أن تصوب نحو الكيان الصهيوني، ولكن عندما انقلبت الأوضاع ديمقراطيا لصالح حماس انبرى المفسدون والعملاء والأيادي القذرة المدعومة من إسرائيل والمتاجرون بالقضية الفلسطينية إلى ضرب الديمقراطية والتكالب ضد الشعب الفلسطيني الأبي الذين صبر وتحمل ثقل الحصار المضروب عليه وألم ومعاناة البطون الفارغة  حفاظا على شوكة المقاومة وعلى استمراريتها حتى دحر الاحتلال.

كنا نود أن يكون لشرفاء فتح وهم كثر وشرفاء كتائب الأقصى الذين ضحوا بشهداء في سبيل القضية الفلسطينية، دور ايجابي فيما يحدث بالساحة الفلسطينية وأن يقولوا كلمتهم  فيما يجري  وأن ينتفضوا ضد هذا التيار الذي شوه حركة فتح صاحبة السبق في مقاومة الاحتلال، وصاحبة التاريخ النضالي النقي، وأن يتمعنوا كثيرا في الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدها خالد مشعل بدمشق والتي  قدم  فيها خطابا واضحا متزنا رصينا وضع الكرة في شباك عباس وشرفاء فتح ، مؤكدا على أن عباس هو رئيس السلطة الفلسطينية الشرعي على الضفة الغربية وقطاع غزة وأن احتلال مقرات الأمن الوقائي كان اضطراريا لاستئصال التيار الانقلابي العميل لإسرائيل، وأن الحوار مفتوح لتشكيل حكومة وطنية لها كامل الصلاحيات، والشيء نفسه أشار إليه العديد من المحللين السياسيين الكبار، لكن يبدو  أن الرئيس الفلسطيني أصبح يستقوي بالدعم الدولي الذي لقيه، و يرضخ للإملاءات الأمريكية وإملاءات التيار المهيمن على حركة فتح للأسف الشديد.

ما يحز في النفس هو تلك الاجتماعات العاجلة للوزراء العرب  والتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهم غير قادرين حتى على إرسال فلس إلى الشعب الفلسطيني المحاصر إلا القليل منهم (لكي لا أعمم) ، والغريب أننا لم نسمع عقيرتهم ترتفع بالشكل المطلوب عندما  ضرب الحصار على الشعب الفلسطيني وعلى حكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا ؟ و لم نسمع غيرتهم على الشرعية الأمنية عندما تمردت قوى الأمن الوقائي ورفضت الانصياع لوزارة الداخلية…؟

بقي أن نشير إلى أن المجتمع الدولي الظالم يريد  أن يوهمنا بأن حماس هي من أشعلت  فتيل الفتنة التي تعرفها فلسطين ، وأنها هي المتهمة الأولى والخطب العظيم بهذا البلد المغتصب، وأنها حركة “إرهابية”، وللأسف الشديد دخلت العديد من وسائل الإعلام في هذا الموجة التضليلية، وبعدما كانت ضحية تكالب المجتمع الدولي أصبحت الآن عرضة للافتراءات والاتهامات القاسية..قد يقول قائل إنه كان على حركة حماس أن لا تدخل المعترك السياسي وان مكانها الطبيعي هو خندق المقاومة….في اعتقادي الأمر أعقد من ذلك وحركة حماس ليست حركة”مراهقة سياسيا” أو أنها” ترضع أصبعها” حسب القاموس الشعبي المغربي..فهي أدرى بما يقع داخل الكيان الفلسطيني المغتصب..وقد فضح دخولها فلول الفساد والمفسدين ومخططاتهم في ضرب المقاومة خدمة للأجندة الأمريكية والصهيونية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات