حرب الإرادة بين عباس والشعب الفلسطيني

رئيس سلطة أوسلو، محمود عباس، ملتزم بمهمة محددة وواضحة، أوكله بها الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون، وهي إخضاع حياة ملايين الفلسطينيين في الضفة وغزة للسيطرة غير المباشرة للاحتلال الصهيوني. وقد خاض عباس في الأشهر الماضية حرب إرادة قاسية ضد الشعب الفلسطيني لإنجاز هذه المهمة، خاصة بعد وصول حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إلى الحكم، واليوم يقود عباس جولة جديدة من هذه الحرب بدعم وتأييد أمريكي وأوروبي معلن.
لقد تبين للجميع حجم الجهود التآمرية التي بذلها عباس في الشهور الماضية للالتفاف على خيار الشعب وكسر إرادته وإخضاعه لشروط اللجنة الرباعية الدولية، ظناً منه أن محاولاته ستساعده في إنجاز مهمته، ولكن ثبات حركة حماس وتأييد الشعب لها حال بين عباس وبين تحقيق أهدافه، غير أنه لم يكف عن الاستمرار في محاولاته الفاشلة ونهجه الخاطئ.
فقد حاول عباس جاهداً في تلك الفترة إخضاع حركة حماس لشروط الرباعية الدولية، ولما فشل في ذلك دعا عباس إلى استفتاء شعبي حول الاعتراف بـ (إسرائيل)، ثم حاول بعد ذلك حل الحكومة العاشرة الشرعية وتشكيل حكومة تكنوقراط، ثم اشترط بعد ذلك للكف عن محاولاته تشكيل حكومة وحدة تخلو من قيادات حماس وتلتزم عبثاً بشروط الرباعية… وهكذا.
وخلال ذلك لم يدخر عباس جهداً في إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني وتضييق الخناق عليه وتجويعه مساهمة للاحتلال والإدارة الأمريكية. كما سلب الحكومة الشرعية صلاحياتها وعرقل أعمالها وساهم في عزلها إقليمياً ودولياً. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد إغراق غزة في فوضى منظمة وفلتان أمني مسيَّس لتحريض الشعب ضد حركة حماس وتأليبه عليها، ثم وصل به الأمر إلى تبني خطة أمريكية معلنة لتصفية قادة حماس وكوادرها ومجاهديها.
وبعد فشله الذريع الذي تجلى في عجز أجهزته الأمنية عن الانقلاب على شرعية الحكومة والإطاحة بحركة حماس، أعلن عباس بصراحة تامة عن عزمه تقديم رأس المقاومة الفلسطينية على طبق من ذهب للاحتلال الصهيوني، تنفيذاً لأخطر بنود خريطة الطريق الأمريكية التي تستهدف إرادة شعبنا وحقوقه وكرامته، وذلك في مقابل مكاسب فئوية تافهة وإجراءات شكلية على الأرض.
وبالفعل فقد أصدر عباس الأوامر لأجهزته الأمنية وعصاباته في الضفة لتنفيذ هذا البند بعد أن قررت الإدارة الأمريكية استثناء غزة من خريطة الطريق الأمريكية إلى حين قمع الشعب الفلسطيني في غزة وتجويعه والتنكيل به وحرمانه من كافة حقوقه الإنسانية بهدف كسر إرادته. وها هو عباس يعد غزة الفقر ويأمر بالفحشاء في الضفة، فهل ينجح في الضفة فيما فشل فيه في غزة؟!
وللإجابة على هذا السؤال، لا بد من معرفة ما بقي في جعبة عباس ليخوض به هذه الجولة من حرب الإرادة ضد الشعب الفلسطيني، فهو في الحقيقة لا يملك سوى المال السياسي الأمريكي ليشتري به الذمم ويغري به شعبنا في الضفة، وحتى يتمكن من تحقيق هذه المهمة سيستجدي الاحتلال مده بالسلاح وتحويل مستحقات الشعب من الضرائب المحتجزة لدى الاحتلال إلى سلطته وحكومة الطارئين الباطلة التي أمر بتشكيلها.
وإضافة إلى ذلك، سيعتمد عباس على ما تنشره وسائل إعلامه الفئوية من أكاذيب ملفقة وقصص مفبركة وإشاعات مغرضة لتضليل الشعب، كما سيعتمد عباس وزمرته على ممارسة الدعاية السوداء في سياق الهجمة الإعلامية الشرسة ضد حركة حماس، ظناً من عباس وجماعته وأسياده أن ذلك سيؤدي إلى الحد من تعاظم شعبية حماس أو النيل من إرادة شعبنا المجاهد.
كما أن عباس سيبذل كل ما في وسعه لتنسيق جهوده التآمرية مع حكومة الاحتلال والنظاميين الرسميين المصري والأردني لخنق قطاع غزة وتجويع مواطنيه…
ولكن من المؤكد أن عباس يساهم بذلك في تدمير سلطته ذاتياً من حيث لا يدري، فبعد إصدار مراسيمه للانقلاب على الحكومة الشرعية التي تقودها حماس، مستعيناً بمنظمة التحرير الفلسطينية ومجالسها ولجانها ودوائرها، وإصداره لقرارات تهدف إلى القضاء على المقاومة في الضفة والقضاء على البنية التحتية لحماس، نقل عباس الصراع إلى آخر قلاعه.
ومن حين لآخر سيتم عقد لقاءات وقمم بين عابس وقادة الاحتلال المجرمين، برعاية أمريكية وأوروبية، وبمشاركة عربية، لدعم سلطة عباس ومدها بكل ما تحتاجه من دعم وتأييد لإنجاز مهمة عباس وجماعته. وتأتي قمة شرم الشيخ الأخيرة في هذا السياق، حيث تم وضع برنامج لمساعدة عباس على تنفيذ خريطة الطريق الأمريكية في الضفة المحتلة والبدء في مسلسل جديد من التفاوض مع الاحتلال بهدف إخضاع حياة الشعب الفلسطيني لسلطة الاحتلال.
لقد فشل عباس في النيل من إرادة شعبنا في الجولة الماضية من الصراع، وأصبح الآن في وضع لا يحسد عليه، ولجأ إلى استخدام آخر ما تبقى في جعبته، ولا يوجد أدنى مجال للشك في أنه سيفشل في هذه الجولة الجديدة، وسيندم الاحتلال على كل دعم مالي وعسكري يقدمه لعباس، أما الإدارة الأمريكية، فستظل تخطئ إلى الأبد، فهي لم تعد تملك ما تفعله سوى تكرار أخطائها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...