الحسم في غزة… أثلج صدور القادة العرب

فقط من الناحية السياسية فإنه يمكن القول بأن ما حدث في غزة أثلج صدور القادة العرب أو على الأقل قادة الرباعية العربية ، وليس صحيحا بتاتاً القول بأن ما حدث لربما أزعجهم أو حتى جاء في غير مصلحتهم ، وقد يعود ذلك إلى جملة من الأسباب أولها : يتمثل في أن القادة العرب باتوا يشعرون بضيق في التنفس السياسي لوجود حماس برأس السلطة من جراء تمسكها بما تسميه الثواب الوطنية الفلسطينية ،لذلك فان ما حدث في غزة أزاح عن صدورهم هذا الغم وأتاح لهم فرصة ذهبية للانقضاض على شرعية حماس ، ليس إيماناً بأن ما قامت به حماس هو انقلاب على الشرعية بقدر ما هو هروب من واقع سياسي مرير أدخلتهم حماس فيه بعد فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية ، الواقع السياسي الجديد الذي جاءت به حماس إلى السلطة ليس هو الواقع السياسي الذي يتمناه القادة العرب وليست المواقف السياسية التي يبني عليها القادة العرب مستقبلهم بالمنطقة، وبالتالي فان تعنت حماس السياسي جعلهم بين أمرين غاية في الأهمية وهم بالمناسبة غير قادرين على إعلان موقفهم الصريح في واحد من هذين الأمرين الأول :
العلاقة المميزة التي يتمتع بها قادة الرباعية العربية مع كل من أمريكا وإسرائيل سيما الالتزامات السياسية والاقتصادية والأمنية التي قطعها القادة على أنفسهم لأجل حماية مصالح أمريكا بالمنطقة وحماية أمن إسرائيل مقابل الأموال والدعم السياسي لهم ، والثاني : واجبهم الأخلاقي والسياسي والاقتصادي تجاه الشعب الفلسطيني مع وجود حماس في السلطة بات المشهد السياسي الجديد بالمنطقة يمثل عقدة سياسية لهم فلا وجود حماس في السلطة فيه مصلحة لأمريكا ولا هو حماية لأمن إسرائيل ولا هم قادرون على التعامل مع الملف الفلسطيني بصفته الحمساوية فكيف يمكن للقادة العرب أن يتعاملوا مع ذلك فالأمر أصبح واقعا، وخضوعهم لأمريكا واقع أيضاً فإما أن يضحوا بمصالحهم مع أمريكا وإسرائيل وإما أن يضحوا بالشعب الفلسطيني وبقراره الديمقراطي التي جاءت على أساسه حركة حماس الأمر الذي دعا إلى اختيارهم القرار الثاني وهو التضحية بالشعب الفلسطيني وحكومته الشرعية المنتخبة والجنوح للقرار الأمريكي والإسرائيلي الذي أصبح دولياً بعد تبني الرباعية الدولية لهذا القرار والذي على أساسه تم محاصرة الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس الأمر الذي يفسر عدم اكتراث دول الرباعية العربية بقرار وزراء خارجية الدول العربية مجتمعة والذي تبنى قراراً ينص بصراحة على كسر الحصار الدولي المفروض على الفلسطينيين .
اليوم باتت الصورة أكثر وضوحاً فيما يتعلق فعلاً بعلاقة الدول العربية سيما المؤثرة فيها بالحكومة الفلسطينية تلك العلاقة غير الإستراتيجية والتي لا تعدو كونها علاقات عامة مع الحكومتين المتتابعتين التي ترأستهما حماس، وبالتالي فإن ما حدث في غزة والذي قلنا بأنه قد أثلج قلوب القادة العرب فعلاً لأنه بلا شك أزاح عن عاتقهم هم التعامل مع حكومة تبغضها أمريكا وتستعديها إسرائيل فكان قرار الرئيس الفلسطيني المتمثل بحل حكومة الوحدة المحاصرة وتشكيل حكومة طوارئ إنما يمثل طوق النجاة وأنبوب الأكسجين الذي استنشقه على الفور القادة العرب وهذا يفسر المواقف العربية المؤيدة للرئيس الفلسطيني وللمراسيم غير الشرعية التي اتخذها ليس حباً بشرعية عباس ولا بمراسيمه بقدر ما أشعرهم ذلك بفك الحرج الشديد عنهم لاشتراكهم الواضح في الحصار الدولي المفروض على الفلسطينيين، ولا شك في أن ما أقدمت عليه حماس في غزة كان اشتراكاً منها بدون قصد لربما في رفع الحرج عن القادة العرب هذا الحرج الذي يتمثل في عدم تواصلهم الواضح مع الحكومات التي شكلتها حماس وعدم دعمها الدعم السياسي المطلوب ولا سيما الدعم المالي الخجول .
كل ما سبق كان استثمر من قبل الرئيس الفلسطيني استثماراً سياسياً سليماً يمكنه من استقطاب الدعم الدولي والعربي المطلوب لمحاولة شطب حماس من المشهد السياسي الفلسطيني ، لكن ثمة أمراً لربما لم ينتبه إليه الجميع والذي يتمثل في القدرات العسكرية الكبيرة التي تتمتع بها حماس إذا ما قلنا أن حماس لديها شبه جيش كامل يتعدى 20 ألف مقاتل في غزة فقط و4 ألاف مسلح في الضفة كما أشارت تقارير صحفية وإذا انتبها إلى مخزون السلاح الذي استحوذت عليه في حسمها العسكري الأخير غير متجاهلين أيضا كنز المعلومات الذي يشكل الورقة الرابحة والتي بدون شك ستستخدمها حماس للمقايضة على ملفات إقليمية وعربية ساخنة مع رجالات السلطة وصناع القرار في حركة فتح كل ذلك يؤسس للقول بأن حماس قوة لا يمكن تجاهلها اليوم بتاتاً على ما يبدو ولا يمكن انجاز أي شيء فعلي على المسار السياسي الفلسطيني بدون الختم الحمساوي الرسمي لان الرجوع إليها في البرلمان قادم والحوار بدون شروط معها بلا شك حتمي.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...