مزيداً من الحزم باتجاه إنهاء أوسلو!!

ارتكب الراحل عرفات خطيئة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني حينما وصل المفهوم البراغماتي لديه حدا نسي فيه كل الفلسفة والأساس الذي يقوم عليه الصراع مع العدو الإسرائيلي ، وعول كثيرا جدا على هذه البراغماتية من اجل الوصول إلى الحلم بإقامة الدولة المستقلة على كامل ارضي ال67 ، ولقد أشرت في مقال لي عنونته ب ” حين تشخصن الحركات التحررية ما الذي يحدث ” بأن مرد الحالة التي جاءت بأوسلو وتبعاته تعود إلى الحالة الشخصانية والفردية التي كانت تحكم فتح ومنظمة التحرير ، ولذلك نفهم جليا السر في إقدام الراحل عرفات على هكذا خطأ استراتيجي تمثل بقبول أوسلو وملحقاته ، قبل أبو عمار كثيرا من الالتزامات بموجب اتفاقات السلام مع إسرائيل ومن بينها الاعتراف بها وقبول الفرض الأمريكي والإسرائيلي لقيادات أمنية وسياسية مشبوهة وطنيا بل إن الاحتلال قام على رعايتها من أمثال محمد دحلان وعريقات والرجوب وغيرهم ، كل ذلك كان على أمل الوصول إلى الدولة المستقلة ، حتى إن الراحل أبو عمار قال يوما بان هؤلاء ” المداسات أو الجزم الذين (سأعدي) بهم الوحل الصهيوني” . لكن هؤلاء ولأن ابا عمار لم يحسب خطواته جيدا استطاعوا أن ينقلبوا عليه في نهاية المطاف ليقتلوه مسموما بالتشارك مع آخرين حين رفض الزعيم الراحل عرض كلينتون وباراك في كامب ديفيد الثانية ، “الجزم “التي أراد الرئيس عرفات أن يجتاز بها الوحل للوصول إلى حلم الدولة أصبحت بعد وفاته هي المسيطرة على كل شيء؛ على فتح ، على المنظمة وعلى السلطة كذلك وبالتحديد على الأجهزة الأمنية منها . هؤلاء المفروضون فرضا على الأطر التي سبق الإشارة إليها ، ونظرا لارتباطهم بأمريكا وإسرائيل هم يقبلون فقط بالذي تجود به الأخيرتان على الشعب الفلسطيني ، ولذلك لا غرابة في الموضوع حين يؤكد الرئيس عباس ليل نهار بأن السلام خيار تاريخي واستراتيجي لا حيدة عنه وما يستتبع ذلك من تحقيره وتجريمه لمقاومة الشعب الفلسطيني ، ليس هذا وحسب بل إن هذا الفريق الذي سيطر وتمكن بالمال والدعم الأمريكي يعلن هذا القبول صراحة من خلال إقراره بخارطة الطريق كمرجعية للتفاوض ، والكل يعرف ما هي خارطة الطريق التي تعني الدولة المؤقتة والمقطعة الأوصال جغرافيا وبشريا .
وإذ ذاك ما سبق ، دخلت حماس العملية السياسية لمنع هذه الفئة من المضي قدما في تنفيذ المشروع الأمريكي والإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية ، سمحت أمريكا وإسرائيل وفريق السلام الفلسطيني لحماس بالدخول متفائلين بأن حماس ستكون أقلية في النظام السياسي الفلسطيني، بما يمنح هؤلاء مجتمعين الفرصة الكبيرة لتمرير مشروع الحل المتمثل بما جاء في خارطة الطريق منقوصا منها بالطبع كل التحفظات الإسرائيلية عليها ، لكن فوز حماس بالنسبة التي جاءت بها الانتخابات قلبت الطاولة على ما كانوا له يخططون ،ولذلك جاء الحصار على الشعب الفلسطيني وبذل كل جهد سياسي وأمني وعسكري من اجل إفشال حماس وإخراجها من المشهد السياسي من خلال الوصول إلى آلية معينة ولو بالقوة وبحكم الأمر الواقع سواء بانتخابات أو استفتاء أو غيرهما ، المهم أن يعود ” جزم أبو عمار ” إلى الواجهة السياسية من اجل تمرير مشروعهم الأمريكي والإسرائيلي القائم على دولة المعازل والجدران والحدود المؤقتة بلانهاية ، حاولت حماس وبذلت كل جهد من اجل الوصول إلى برنامج سياسي وامني مشترك يحقق الغرض والهدف الوطني الفلسطيني من إقامة دولة على كامل أراضي ال67 مع ضمان حق العودة بالاستناد إلى القرار 194 ، إلا أن كل ذلك فشل ابتداء من وثيقة الوفاق الوطني وليس انتهاء باتفاق مكة ، والسبب في ذلك أن هؤلاء كما يبدو لا يحيدون عن خارطة الطريق ورؤية بوش للحل التي أكد عليها الرئيس عباس حتى في ذروة الأحداث التي جرت في قطاع غزة مؤخرا.
إذاً ، المسألة أصبحت قضية فسطاطيه كما يبدو ، فئة تريد العمل من اجل مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته ولو في سياق الحد الأدنى ” حماس وفتح العريضة الشريفة ومعظم فصائل العمل الوطني ، وفئة أخرى فرضها الاحتلال فرضا لا دور لها إلا إقرار وتنفيذ ما يريده المحتل وراعيته الأولى أمريكا ” التيار المسيطر على حركة فتح وجميع الزوائد ذات الألوان المختلفة والمتنوعة حزبيا وتنظيميا “، ما العمل والحالة هذه ؟؟
بعد ثبوت حقيقة أن السلطة ليست مشروعا وطنيا لا على صعيد احتمالية تطورها إلى حلم الدولة المستقلة الحقيقي ولا على صعيد صلاحيتها وقابليتها لان تقود مشروع مقاومة ، وفي ظل حالة العجز الذي يعاني منها الوسط العريض والكبير من فتح بالتخلص من القيادة الطارئة عليها بعد رحيل عرفات ، ليس أمام حماس وبعد أن حسمت الموضوع مع الجزء الأساسي ممن كانوا يتحكمون بحركة فتح في قطاع غزة لصالح أجندة غير وطنية ، إلا أن تتجه بكل حزم وحسم من اجل مواجهة الفئة المتبقية في الضفة الغربية ، ليس من خلال المواجهة العسكرية الحاسمة من اجل السيطرة على المواقع والأجهزة التي يتسترون بها ، فهذا صعب بل ومستحيل في ظل المعطيات السائدة في الضفة الغربية ، بل إن المطلوب من حماس اليوم وبالتحالف مع قواعد حركة فتح العريضة والشريفة هو البدء بإشعال فتيلة المقاومة في القطاع والضفة ، لأن الغرض الاستراتيجي المهم للشعب الفلسطيني ولمصالحه العليا هو الوصول إلى الحالة الطبيعية للشعوب المحتلة في تعاملها مع القوى التي تحتلها ، وهو أن الشعب الفلسطيني مطلوب منه أن يقاوم الاحتلال وليس أن يتدبر أموره المالية والخدماتية والمدنية التي يجب أن يتحملها الاحتلال ، وحتى يتحقق هذا الوضع يجب إتباع إستراتيجية المقاومة هنا في الضفة الغربية وفي اقرب وقت ممكن من اجل العمل على التخلص من السلطة وهياكلها التي كلفت الشعب الفلسطيني ومقاومته أثمانا غالية سواء مع بدايتها في التسعينيات من القرن الماضي أو منذ دخول حماس إليها في سبيل مكافحة الفساد السياسي والمالي الذي اتصفت به هذه السلطة .
العودة للحديث مع أقطاب الأجندة الأمريكية والإسرائيلية ومحاولة الاتفاق معهم بات ضربا من العبث، والعودة للمراوحة في المكان بالحديث عن رفع الحصار وتخفيف القيود سيما أنهم الآن معنيون بتحويل قطاع غزة إلى سجن محكم الإغلاق من اجل تثوير فلسطينيي القطاع على حماس ، هذه الأمور كلها ستضر بالقضية الفلسطينية وبمسيرة التحرير الوطني ، ولذلك لابد من الاتجاه بحسم الأمر لصالح خيار المقاومة ببناء جبهة تحالفية عريضة من كل أبناء شعبنا الفلسطيني .
* كاتب وباحث فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...