حمى المراسيم

يتصرف محمود عباس كما لو أنه حصل على ختم الرئاسة فقط منذ نجاح حملة تطهير قطاع غزة؛ فسارع في الأيام القليلة التي انقضت إلى إصدار عدد كبير من المراسيم غير القانونية وغير الدستورية. من بين ما أصدره كان هناك قرار طريف بالأمس بخصوص حظر كل الميليشات المسلحة وكل الأنشطة السرية والعلنية لها؛ هكذا قولا واحدا! دخل على خط هذه المراسيم بالأمس أيضا إعلان زكريا الزبيدي عن حل كتائب شهداء الأقصى؛ وتصفية الدكانة وانفضاض السامر تحت رعاية الشرعية العباسية؛ وبداعي وحدة الكلمة والصف والبندقية!
هل سمعتم بمثل هذا الهذر من قبل؟ هل سمعتم عن حركة مقاومة تحل نفسها قبل انجاز مهمة التحرير؟ جبهة التحرير في الجزائر ظلت تحمل ذلك الاسم بعد تحرير الجزائر بعقود؛ وبعد انجاز المهمة بأعوام طويلة؛ وزكريا ومحمود يتصرفان وكأننا وصلنا لنهاية التاريخ؟
اعلان زكريا الزبيدي يعزز دون شك قناعتي وقناعة الكثيرين ان كتائب شهداء الأقصى قد استولى عليها اللصوص والزعران من زمان؛ وأن هذا الرجل الذي يتصرف معها ومع المقاومة كأنه وكيل حصري ووحيد لتوزيع بضاعة الوطنية – هذا الرجل هو ليس إلا واحدا من الصغار الذين لم يظهروا إلا حين استشهد المقاتلون الحقيقيون؛ وضاع اسم الكتائب؛ وصار نهبا للزعران والأكاذيب. وصار بوسع كل مغمور من مناضلي الدرجة العاشرة أن يصنع ختما وينتج نسخته الخاصة من دكاكين كتائب الأقصى التي لها اسم لم تحمه قوانين حماية الملكية ولا ضمائر قطاع الطرق.
وبلغ من هزال الموقف ان صار المجرم القاتل العميل وأجير دحلان الهالك سميح المدهون قائد هذه الكتائب في غزة! وصار الظريف زكريا وصديق اليهودية “تالي فحيمة” قائد الكتائب في جنين؛ والأزعر “الحرامي” أبو جبل قائدها في نابلس! هذا من جانب تعدد المرجعيات وامتهان اسم الكتائب واهانة اسم الأقصى؛ أما على صعيد الكذب فحدث ولا حرج؛ فهذه الكتائب المتاجرة بالوطنيات تتبنى أي عملية تقع مبدئيا ومطلقا دون انتظار أي توضيح؛ وتوسعت كتائب الأقصى المزعومة بعد ذلك فصارت تنسج حول حوادث الطرق والإجرام الجنائي داخل الكيان – صارت تنسج قصص عمليات وهمية؛ وتتسقط أسماء الضحايا من الصحف العبرية لتقول أنها قتلتهم! وكم من بيان لها تبنى خطف من يعلن عن اختفائهم في الكيان؛ ليتبين لاحقا أن المعنيين كانوا على سفر أو كانوا مختبئين عن أفراد الأسرة لأسباب خاصة! هذا ناهيك عن التلويح عشرات المرات بنقل الصراع للخارج؛ والتهديد باستخدام السلاح الكيميائي؛ والحديث عن كتائب استشهاديات “ام العبد” المائة؛ واللاتي لم يخرجن جميعا خارج دائرة البيانات والورق و”الفشر اللي ما عليه رباط”
فهل توقف مثل هؤلاء عن المقاومة – التي لم يشاركوا بها أصلا – ينهي المقاومة؟! وهل رجل مثل عباس لا يملك السيطرة إلا على مبان محددة في الضفة؛ وتدخل قوات الاحتلال مناطق نفوذه المزعومة صباح مساء – هل رجل مثل هذا قادر على تحدي إرادة الله وكسر كلمة محمد صلى الله عليه وسلم عن الطائفة المنصورة التي لا تزال في أكناف بيت المقدس على الحق ظاهرة؟
لكن لنحفظ الفضل لأهل الفضل؛ وإن كانت مراسيم عباس تتحدى قوانين السماء وقوانين الأرض فهي لا تخلو من طرافة؛ وهي تذكرنا بمراسيم الحاكم بأمر الله الفاطمي في حظر لحم العجل ومكافحة الملوخية؛ ولا نستبعد على عباس إن استمر في قضاء معظم وقته مع نبيل عمرو وصائب عريقات أن يصدر مرسوما بمكافحة الزيتون لأنه حماسي أخضر؛ وفرمانا بتغيير لون علم فتح من الأصفر لأنه يذكر بلون راية الإرهابي صلاح الدين محرر القدس!
وعلى سيرة القدس؛ لا شك أن حل المقاومة وبيع النضال سيلهب خيال بعض تجار القضية؛ وقد يذهب هؤلاء على عجل لإسرائيل ويطلب بيع حصته في المسجد الأقصى – أليس هو مسجدنا كلنا؟ – وقبض الثمن عاجلا؛ لكن اسرائيل دون شك سترد مثل هذا الطلب من أحمد قريع؛ بحجة أن نصيبه بالذات قد بيع عدة مرات. أما ياسر عبدربه فلعلهم سيقولون له إننا نعرف جيدا أن المسجد “ما بيفرق” معك؛ وبالتالي لا نستطيع ان نقبل توقيعك على الحرم لأنه لن يفيد ولن يؤخذ بمصداقية؛ لكنك يمكن ان تخدمنا في دوار المنارة وسط رام الله! وليس هذا بالمناسبة مزاحا؛ فمحمود عباس نقل عنه قياديون فلسطينيون انه مرة نهرهم حين تحدثوا أمامه عن العودة لفلسطين المحتلة عام 1948؛ وأكد أنه متنازل عن صفد لليهود – مسقط رأسه – وأنه ما “بتفرق معه”.
تهريج من الرئيس وتهريج من رجل المقاومة المزعوم يؤذنان للوهلة الأولى بمستقبل كالح؛ لكننا لا نلبث أن نستعيد ثقتنا بإيمان شعبنا وإخلاصه؛ فمن طهر قطاع غزة في أيام وغلب جبروت الخيانة هناك سيستطيع يوما ان يطوي صفحة الخيانة المرتجلة والمضطربة والمتخبطة في الضفة؛ والتي لا تمتلك أسباب قوة ودعائم الخيانة البائدة في غزة. كذلك فإن بيانات الشرفاء الحقيقيين في حركة فتح من الذين انضووا تحت لواء الأخ خالد أبو هلال في حركة فتح الياسر- هذه البيانات تذكر عباس وحزب عباس وكل من يريد أن يسرق حقنا في المقاومة والصمود بكل خفة أن فلسطين ليست ألعوبة أو ملهاة في أيدي العابثين؛ وأن العهد الذي كان قرار فلسطين فيه نهبا للمخبرين أو المسقطين أو الجبناء قد ولى؛ وأن من قدر بإذن الله على قلب مخططات المنتدى والسرايا وتل الهوى في غزة؛ فلن يعجزه غلب تلاهي أعجاز النخل الخاوية في مقاطعة رام الله؛ وفض “ولدنات” الزعران في حواري نابلس وجنين!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...