الخاسرون.. (2)!!

استكمال الحديث عن الخاسرين ورصد نتائج الحرب المعلنة والخفية على حماس والتي لم تبدأ قط بعد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التشريعي المنصرمة كما يتوهم البعض ، ولن تنتهي بمجرد إسدال الستار على بقايا تداعيات ما جرى في غزة مؤخرا، يحتاج إلى الكثير من التمحيص وإعمال الفكر والتدقيق في ثنايا المشهد ، ذلك لأن ألوانا من الحجب تغطي حقيقة ما جرى ويجري على ساحتنا الفلسطينية ، تستهدف بالأساس قدرة الشعوب على رؤية الأحداث على حقيقتها، عبر اختزال حقائق الكيد الدولي والإقليمي والمحلي والذي يستهدف شعبنا وقضاياه العادلة .. وتقزيمها وتصويرها على أنها مجرد صراع مصلحي بين فتح وحماس ولا علاقة له البتة بجوهر الصراع مع العدو الصهيوني !!
هذا التضليل المنهجي والتعمية المقصودة على حقيقة ما يجري هو جزء من الأدوات القذرة التي يتم تسخيرها في هذه المعركة دون أن يتنبه الكثيرون لذلك،وغني عن القول أن التقزيم المقصود والتضليل المدروس يأتي لتحقيق هدفين الاول: إخراج القوى التي تؤجج هذا التنازع – عبر الطرف الذي رضي لنفسه ان يكون قيماً لتنفيذ ألأجندة المعادية لشعبنا – من دائرة المسؤولية وإعفائها من تبعات ما يجري ،
الثاني: تحييد الكثير من القوى المحلية والإقليمية ومنعها من الانحياز لحماس في المعركة المصيرية المفروضة بعنف على شعبنا وقضيته العادلة .!!
وبناءً على ما تقدم فإن محاولة القوى الدولية والاقليمية إخفاء دورها العدواني السافر تجاه حماس (المصرة على التمسك بالحقوق) تحت يافطة فتح أو رئاسة السلطة ، لا يمكن بحال إخراجها من دائرة الخاسرين الذين أفرزتهم نتائج المقابلات الميدانية في قطاع غزة مؤخرا ، فالنظام الرسمي العربي المنخرط طائعا أو مكرها في السياسات الأمريكية ومخططاتها في المنطقة العربية ، والذي لم ُيخفِ انحيازه لذلك التيار الفلسطيني الذي عمل جاهدا لتقويض حماس وتجربتها بالقوة المسلحة ،، هذا النظام له حظ وافر من الخسارة ، كيف لا وقد خسر النموذج المُستنسخ عن هذا النظام والذي تم زرعه في الضفة وغزة ليستكمل المهمة القذرة التي أنيطت بهذا النظام منذ ما قبل الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني !!
بل إن خسارته كانت مزدوجة ، مرة عندما انحسر نفوذ التيار الانقلابي الذي نال رعاية ودعم هذا النظام على الأرض ، ومرة أخرى عندما انكشف عواره وعجزه عن القيام بمسؤولياته المفترضة تجاه فلسطين وأهلها عندما قدمت المقاومة الفلسطينية بإمكاناتها المتواضعة وما تزال نماذج متكررة للصمود وإجبار العدو على التراجع والتقهقر !!!
فالبرنامج السياسي الذي يتبناه النظام الرسمي العربي والقائم على فكرة التعايش والقبول بالكيان الصهيوني ، ومحاولة إقناع شعوب المنطقة بضرورة استيعاب هذا الكيان والتطبيع معه عبر كسر حواجز الممانعة والعداء المتأصلة تجاهه ، أصبح يواجه أكثر من أي وقت مضى صعوبة في تسويق هذه الرؤيا ، بعد النجاحات التي حققتها حماس بصمودها وصبرها على برنامجها السياسي المعلن والقائم على قاعدة المواجهة والممانعة ورفض القبول بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين رغم مرارة الحصار وقسوة المؤامرات التي استهدفتها بشكل مركز على مدى عام ونصف مضت !! فضلا عن أن البرنامج السياسي للنظام الرسمي العربي لم يحقق أي مصلحة تُذكر لشعبنا من خلال النهج الذي ارتضاه ويرفض بشدة أية بدائل عنه!!
ولكن ماذا عن القوى الفلسطينية الأخرى التي اتخذت من الحياد السلبي موقفا في مواجهة ما يجري ، وهل كانت تلك القوى موفقة في حيادها الغريب بخصوص محنة خطيرة ألمت وما تزال بشعبنا المصابر ؟؟ وهل الحياد يعبر حقيقة عن موقف رشيد وناضج تجاه معركة تتعدد عناوين أحد طرفيها ما بين دولية وإقليمية ومحلية وعُرف عن أكثرها عداءها لشعبنا وحقوقه تاريخيا وبالتواتر ، في مقابل طرف فلسطيني لم يُعرف عنه سوى طهارة الأيادي ووضوح المنهج والإخلاص في القول والعمل ..! وهل الحياد في مثل حالة كهذه يُعتبر وجهة نظر يمكن تفهمها وتسويغ المبررات لأصحابها ، ؟ أم أنها الانتهازية غير الموفقة في اقتناص المواقف ؟!!
وإذا كان الصهاينة والقوى الدولية لا يخفون وقوفهم المعلن تجاه أحد طرفي الصراع ودعمه بالمال والسلاح والتدريب ، وإذا كانت بعض القوى الإقليمية تحاول إخفاء دورها المشبوه المساند لذات الطرف عبر الادعاء بأن ما يجري هو صراع على السلطة ، فلماذا تبرر بعض قوانا المحلية التزام الحياد بذات العنوان المعلن ( الصراع على السلطة) ، وأليس بالإمكان النظر لهذا التبرير من باب التغطية على التخاذل والنكوص،،؟ أم أنه بالإمكان مرة أخرى اعتبار هذا التبرير عذراً أقبح من ذنب القعود عن نصرة الحق !!
فقعود البعض عن الإسهام في مواجهة المخططات الخطيرة المرصودة لتكريس العدوان على شعبنا يعتبر خسارة كبيرة تلحق بهم ، ودليلا على التيه وضبابية الرؤية التي تغشى عيون متخذي قرار الحياد ، أو تغليب مصلحة الفصيل الضيقة على حساب مصلحة الوطن ككل !! لأن الحياد في ساحة تغلي بكل مراجل المكر و العدوان وتتضح فيها معالم المعركة بكل وضوح لا يعني سوى منح المعتدي الفرصة الكافية لإنفاذ ما يصبو إليه ،، وإذا لم تتدارك هذه القوى وخصوصا الإسلامية منها القصور الذي يجلل مواقفها تجاه ما يجري فإن خسارتها في المستقبل ستتعدى القيم المعنوية إلى الأشكال المادية عبر انسلاخ مجموعات من المنتمين إليها والتحاقهم بحماس ..!!
ذلك لأن الحيرة أمام المنعطفات الكبيرة .. والتلعثم في المواطن التي تتطلب الوضوح والقدرة على الاختيار .. والحياد في معركة تتكالب فيها أمم الأرض على حربنا .. كتعبير عن العجز عن تحديد الوجهة .. سيضع أصحاب هذا السلوك أمام تساؤلات مشروعة يوجهها لهم شعبنا لتفسير سلوكهم ومواقفهم .. فيما يخفقون عن إعطائه إجابة مقنعة !!!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...