السبت 10/مايو/2025

إن الحكم إلا لله؛ وليس للمخبرين يا طيراوي!

رشيد ثابت

توفيق الطيراوي يعتقد أن الشعب الفلسطيني مصاب بمتلازمة بلاهة عقلية عامة تجتاح كل أفراده في الداخل والخارج؛ وفي الضفة وفي غزة؛ شيبا وشبانا؛ رجالا ونساءً! فالقائد الفذ يعتقد أنه وصل أخيرا لحجر الفلاسفة واكتشف أكسير خلود العملاء؛ وانعقد في نفسه أنه وصل للوصفة الناجحة والحجة الدامغة على المقاومة و”اللي بقاوموها”؛ فوضع بين يدي الشعب الفلسطيني معادلة تقول: ان جمع السلاح في غزة كان للانقلاب على نظامه؛ ولذلك سيتم منع جمع السلاح في الضفة وسيتم احباط حشد القوة والطاقة للمقاومة؛ لأننا – أي الطيراوي وزبانيته – ندرك أن المقاومة ليست إلا غطاء للانقلابيين؛ وهدفهم الحقيقي هو السلطة لا المقاومة والتحرير.

هذا المنطق النفعي قد ينفع في صفوف مدرسة التربح بالمقاومة والمتاجرة الانتهازية الرقيعة بها. هذا الفهم للمقاومة على أنها سلم للصعود يناسبك أنت يا طيراوي؛ ويناسب كل مخموري الثورة الذين تطفلوا على دماء الشهداء من جرش إلى بيروت فتونس فرام الله! هذا الاستهبال للشعب الفلسطيني واعتبار أنه مجرد خليط من “السكناج” الذين لا جذور لهم ولا قومية ولا وطنية ولا دين؛ وأنهم لا يقاومون عن أصالة وإرادة – هذا الاستهبال يناسب المنبتين من أصلهم؛ المنقطعين من أرضهم؛ المجتثين من قرارهم؛ المارقين من سفاح السياسة من لقطاء دايتون!

يمكن لأخرق مثل النمرود يا “عديم التوفيق” الطيراوي – يمكن له أن يظن في لحظة تجلي الخبال والسفال على عقله انه اله يستحق أن يعبد؛ ويمكن لفرعون الطاغية أن يعتقد أن بوسع “الفواعلية” في مملكته بناء برج من الطين يصعد عليه ليطَّلع إلى اله موسى؛ ويمكن لكسرى أن يضرب العرش بيده ويصرخ في مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم ويصيح بكل فجور: عبدي يكتب لي! لكن مقادير الله تنفذ رغم أنف النمرود؛ وفرعون يهلك ويغرق عاجزا ميتا؛ وكسرى ينكسر ملكه ويضيع بإذن الله على يدي حفنة من الأعراب المؤمنين بالله…فهل ستتوقف حركة التاريخ الآن على يدي مارق لا يحمل عظمة الأكاسر والقياصر؟! هل ستأتي حركة الكون وسنن الله في كونه لعند عبد عبد السيد الصهيوني؛ وأجير أجير أولمرت وتتوقف؟!

لمعلوماتك يا طيراوي فإن الشعب الفلسطيني ليس لقيطا على نوع من تنشط في أوساطهم؛ وهو عريق في المقاومة قبلك وقبل سلطتك وأجهزتك؛ وماض بها رغم تقنين دولة الخيانة؛ ورغم أن العمالة صار لها حكومة وسلطة وأجهزة أمنية! الشعب الفلسطيني يقاوم قبل أن تنال ايران الحرية؛ وقدم آلاف الشهداء قبل أن تأخذ الدولة الايرانية شكلها الحالي؛ وكان قد نفذ عدة ثورات وخاض عدة حروب قبل أن تقوم للثورة في ايران دولة. فهل يأتي مخبر مزور مثلك الآن ليختصر المقاومة في الانقلاب على ذراع واحدة عميلة من أذرع الاحتلال؟ ويختزل هذه المقاومة في ايران ودعم ايران؛ وكأن الشعب الفلسطيني لم يكن ليقاوم لولا ايران؟

لقد سارعت فتح عن طريق رؤوسها الكالحة في الضفة إلى الكشف عن وجه قبيح للغاية؛ وجه تغولت فيه الخيانة على الحركة وسيطرت عليها؛ فألقت هذه القيادة كل أوراقها في سلة الصهاينة؛ ظنا منها أن في الصهاينة مأمنا وغناءً عن شرعية التجذر في الأرض؛ والاخلاص لطموحات الشعب الوطنية وأشواقه الروحية…لكن بعد ما توعدون يا فتح؛ وخاب ما تأملون؛ وهيهات أن تمضي تدابير الخونة؛ فالله سبحانه وتعالى لا يلهم أولمرت إلا الزيادة في اهانتكم وخذلان كل مبادراتكم نحوه؛ فتركضون نحوه وهو بالكاد يومئ لكم؛ وتركعون بين قدميه فلا يكاد وجهه ينشق عن ابتسامة فاترة! وان كانت فتح والطيراوي يظنون أن التاريخ يوشك على الانتهاء بالعز الأبدي والمجد السرمدي لدولة الحقراء وسلطة العملاء فهم واهمون!

الشعب الفلسطيني فيه مورِّثات للمقاومة والجهاد والصمود؛ وهو قد يقف الآن متعبا بعض الشيء في الضفة من زحمة الأحداث؛ وتغول الزعران من قرامطة التنظيم على مؤسساته وأملاكه الخاصة والعامة؛ وعلى الحركة الإسلامية؛ لكنه شعب حر أبي؛ سوف ينفجر مجددا صلية رشاش على طريق المقاومة وعبيئة ناسفة عما قريب! وهو لا ينتظر إلا اشارة تفعيل قد تأتي من عملية استشهادية؛ أو ضربة قسامية مزلزلة؛ أو جولة حق اقليمية تندلع في لبنان أو العراق أو غيرها من بؤر التوتر في المنطقة؛ والمرشحة للانفجار حربا بين أمريكا وأذنابها من جهة؛ وأعداء المشروع الأمريكي من جهة أخرى!

وحين يحدث هذا يا طيراوي ستغرق أنت وقادتك الخونة مع أنكم أقل قدرا من فرعون؛ وستضرب المطارق رؤوسكم مع أنكم أخس من النمرود؛ وستنطفئ النيران ويرتكس في المقاطعة الإيوان – مع الاحترام لأنقاض المدائن – مع التأكيد على أن سكانه الأراذل لا يعدِلون ولا شِسعَ نعل حرسيٍّ من أحراس كسرى!

وحين يحدث هذا ستوقن وأنت تغرغر أن قدر الله نافذ؛ وأن حكم الله نافذ؛ وأن أمر الله في استمرار الجهاد في هذه الأرض؛ وبقاء فعاليات وأنشطة الطائفة المنصورة فيها هو أنفذ وأمضى من خطط المرجفين وأمانيِّ المخبرين!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات