دُفِعنا إلى مربع الحسم دفعاً بعد أن أصبحت الحياة في القطاع جحيماً لا يطاق

لم يكن هناك قرارٌ سياسي بشأن “الحسم العسكري” في قطاع غزة، وإنما دفعت حركة “حماس” دفعاً إلى مربع الحسم العسكري بعد أن تحولت حياة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى جحيم بفعل الأعمال الإجرامية التي كان ينفذها “التيار الإنقلابي” بوتائر متصاعدة.
هذا ما يؤكده عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، سامي خاطر، في حوار مطوّل مع “المركز الفلسطيني للإعلام”.
وحسب ما يوضح القيادي الفلسطيني، فإنّ حركة “حماس” منذ أن بدأ “التيار الإنقلابي” باستهدافها في أعقاب فوزها بالانتخابات التشريعية قبل عامٍ ونصف العام؛ عضت على الجراح وكظمت غظيها، على الرغم من أنّ عمليات الاستهداف طالت كوادرها ونوابها في المجلس التشريعي ومقارها وأنصارها، حتى دعاة المساجد وحفظة القرآن الكريم والمنقّبات لم يسلموا من الأعمال الإجرامية لهذا التيار، الذي يرى بأن وجوده يتناقض موضوعياً مع وجود حركة حماس في الحكومة.
ويضيف على الرغم من كل ذلك، كانت حركة “حماس” ولا تزال وستبقى تنظر إلى الحوار الوطني الشامل على اعتبار أنه السبيل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني؛ لإعادة ترتيب البيت الداخلي على أسس تكفل حماية المشروع الوطني الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية ودعم صمود الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وفيما يلي النص الكامل للحوار مع عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، سامي خاطر:
التيار الإنقلابي يرى أن وجوده يتناقض موضوعياً مع وجود “حماس” في الحكومة
ـ بينما كانت الفصائل الفلسطينية تجري مع المسؤولين المصريين حوارات ثنائية في القاهرة، من أجل إطلاق قاطرة حوار وطني شامل من شأنه وقف التدهور الأمني في قطاع غزة، قامت حركة “حماس” بعملية عسكرية سيطرت من خلالها على مقار الأجهزة الأمنية في القطاع. هل نفهم من ذلك أنّ “حماس” لم تكن تثق بجدوى الحوار، لذا اتخذت قراراً بحسم الأوضاع عسكرياً على الأرض وفرض وقائع جديدة؟
سامي خاطر: نحن في حركة حماس، كنّا ولا نزال وسنبقى ننظر إلى الحوار الوطني الشامل، باعتباره السبيل الوحيد لصياغة موقف فلسطيني قادر على حمل هموم شعبنا وتعزيز صموده وتجسيد طموحاته وآماله عبر استعادة كافة حقوقه الوطنية؛ فنحن منذ قرّرنا الدخول في الحياة السياسية عبر المشاركة في الانتخابات التشريعية، كان همّنا هو أن نؤسِّس لشراكة سياسية حقيقية قادرة على النهوض بالأوضاع الفلسطينية على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد المواجهة مع العدو الصهيوني.
والشراكة السياسة الحقيقة، بطبيعة الحال، لا يمكن لها أن تتم إلا من خلال الحوار الجاد والمسؤول، وهو ما كنّا ندعو إليه على الدوام، وهذا الأمر تجلى في الجهود الحثيثة التي أبديناها من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع، وذلك بعيد فوز الحركة بغالبية المقاعد في المجلس التشريعي وتكليف الأستاذ إسماعيل هنية بتشكيلها، ولكن عندما امتنعت الفصائل عن المشاركة في حكومة الأستاذ هنية تحت عناوين وذرائع واهية؛ قرّرنا تشكيل الحكومة بلون واحد، على اعتبار أنّ عدم قيامنا بتشكيل الحكومة حينها، كان ضرباً من التنصّل من المسؤولية التي أوكلنا إياها شعبنا عبر الانتخابات، وبالفعل شكّل الأستاذ هنية الحكومة العاشرة، ولكنّنا أبقينا الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام جميع الفصائل للمشاركة في تلك الحكومة بما فيها حركة فتح، التي سارعت إلى الإعلان عن عدم مشاركتها في حكومة تقودها حماس!.
ومن المعروف أنّ حكومة هنية قد فُرض عليها فور تشكيلها حصارٌ سياسي واقتصادي ومالي، غير أنّ حركة “حماس” تمكنت عبر بذل الجهود المكثّفة، من التخفيف من وطأة وقسوة هذا الحصار؛ ولم تسقط تلك الحكومة بعد عدة شهور من تشكيلها، كما كان يراهن البعض، وذلك بسبب الالتفاف الشعبي الواسع حول حكومة هنية، حينها عملت الدوائر الصهيو ـ أمريكية على تنفيذ مخطط يقضي بإشعال الحرب الأهلية، وبالتالي إدخال الشعب الفلسطيني داخل المربّع المحدد بالأضلاع التالية: عدوان صهيوني متصاعد، حصار اقتصادي ومالي خانق، انسداد الأفق السياسي، بالإضافة إلى نشر الفتنة الداخلية وإشعال فتيل الاقتتال الداخلي.
وبالفعل قام التيار الانقلابي بتنفيذ عمليات قتل واختطاف استهدفت نواب وكوادر وأنصار حركة “حماس” في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقام هذا التيار بحرق مقار كتلة التغيير والإصلاح والجمعيات الخيرية والإنسانية المحسوبة على حركة “حماس”، وأدخل هذا التيارُ الساحةَ الفلسطينية في آتون فتنة داخلية، سقط خلالها العشرات من أبناء شعبنا شهداء وجرحى.
في تلك الأثناء انكبّت جهودنا على تطويق الأحداث، والسعي لعدم انتقالها من مكان إلى آخر، وكنّا نحثّ الدول العربية والإسلامية على التدخل عند رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لكبح جماح هذا التيار الانقلابي ووضع حدٍ له.
وكنّا ما أن تلوح في الأفق ثمة مبادرة لحوار وطني حتى نسارع إلى الاستجابة لها والإعراب عن استعدادنا لتقديم كافة الأسباب من أجل إنجاحها، وهذا ما كان جلياً وواضحاً عندما وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز دعوة للحوار بيننا وبين الإخوة في حركة فتح، هذا الحوار الذي تمخض عن اتفاق مكّة المكرمة، وليس خافياً على أحد أننا في حركة حماس قدّمنا الكثير من أجل إنجاح الاتفاق وإطلاقه إلى النور، وهو ما أقرّ به الجميع.
لكنّ “اتفاق مكّة” لم يكن بالنسبة للتيار الإنقلابي سوى محطة يلتقط من خلالها الأنفاس ويحشد قواه استعداداً لموجة إجرامية جديدة ضد حركة “حماس”.
فالتيار الإنقلابي يرى أن وجوده يتناقض موضوعياً مع وجود حركة “حماس” في الحكومة، وبالتالي فإنّ أية حكومة تشارك فيها الحركة، هي ضمن دائرة استهدافه، لذا ما أن شكّل الأستاذ هنية حكومة الوحدة الوطنية في أعقاب اتفاق مكّة؛ حتى سارع التيار الإنقلابي بقيادة محمد دحلان إلى تفجير الأوضاع في قطاع غزة، وقام بسلسلة من العمليات البشعة التي استهدفت كوادر حركة “حماس” وأنصارها ومؤيديها، ولم يسلم من تلك العمليات أئمة المساجد والدعاة وحفظة القرآن والأخوات المنقّبات، كما لم يسلم من رصاص التيار الإنقلابي طاقم الوفد الأمني المصري الذي أصيب أحد أعضائه. وفي هذه الأثناء عُقدت خمس جولات من الحوار برعاية الوفد الأمني المصري الموجود في قطاع غزة بهدف تطويق تلك الأحداث، ولكنّ، ما أن تنتهي جولة من تلك الحوارات، حتى يستأنف هذا التيار أعماله الإجرامية بحق حركة “حماس” وبحق أبناء شعبنا، وكنّا نحن على الدوام نعض على آلامنا ونكظم غيظنا ونعطي الحوار الأولوية لتطويق تلك الحالة، وندفع من جديد باتجاه إطلاق حوار جديد، وهذا الأمر يدركه تماماً الوفد الأمني المصري الموجود في قطاع غزة، وكذلك جميع الفصائل والقوى الفلسطينية بما فيها الغالبية العظمى من إخوتنا في حركة فتح.
دُفعنا إلى مربع الحسم العسكري بعد أن أصبحت الحياة في القطاع جحيماً
ـ نعم، ولكن عندما قامت حركة “حماس” بعملية حسم عسكري في قطاع غزة، كانت هناك مساعٍ تجري في القاهرة من أجل عقد حوار وطني شامل، لماذا لم تتريّثوا حتى تتبلور تلك المساعي المصرية؟
خاطر: لسنا نحن من قام بتفجير الأوضاع في قطاع غزة، وإنما التيار الإنقلابي هو الذي أطلق موجة من عمليات القتل والتدمير والتنكيل في قطاع غزة، نفّذ خلالها أبشع الأعمال الإجرامية بحق أبناء شعبنا والتي سقط خلالها العشرات شهداء وجرحى، وكأنّ هدف تلك العمليات ضرب المساعي المصرية لعقد الحوار الوطني.
وأقول بكل شفافية؛ إننا دفعنا دفعاً إلى مربع الحسم العسكري، بعد أن أصبحت حياة أهلنا في قطاع غزة بفعل تلك العمليات الإجرامية جحيماً لا يطاق، خاصة بعد استهداف المساجد والدعاة وحفظة القرآن الكريم كالشيخ محمد الرفاتي إمام مسجد العباس في غزة (10/6)، وإلقاء الشاب حسام أبو قينص من على برج سكني عال في منطقة تل الهوى (11/6)، إضافة إلى استهداف كل ما يمت لحركة حماس بصلة.
وأشير هنا إلى سببٍ ربما جعل رموز التيار الانقلابي يسارعون في تنفيذ هذا المخطط، وهو أنّ الحوارات التي جرت في غزة بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية وبين حركتي “حماس” و”فتح” قبل موجة التوترات الأخيرة؛ أبدى الرئيس عباس نوعاً من الموافقة المبدئية على إقالة رشيد أبو شباك (أحد رموز التيار الإنقلابي)، وطلب مهلة شهر قبل أن ينفذ هذا الأمر، وذلك من أجل أن يستشير محمد دحلان الذي كان حينها في برلين للعلاج، قبل انتقاله إلى القاهرة لمتابعة العلاج.
وأقول بوضوح إنّ الوثائق التي تم وضع اليد عليها، بعضها يؤكد أنّ هناك أوامر واضحة وجلية من قادة الأجهزة الأمنية إلى عناصرهم بعدم الاستجابة بتاتاً لأي طلب بوقف حالة الفوضى والفلتان الأمني.
بدأ التيار الإنقلابي والذي يسيطر على الأجهزة الأمنية، يشعر أنّ التوافق الوطني أو إنفاذ حكومة الوحدة الوطنية ربما يكون على حساب مصالحه الخاصة، لذلك استشاط أبو شباك غضباً، وأقسم على عدم إنفاذ هذا الموضوع، وبدلاً من تطبيق الخطة الأمنية التي أقرّتها الحكومة الفلسطينية، استبق أبو شباك الأحداث وأصدر أوامره لعناصر الأمن الوطني بالانتشار في غزة ووضع المفارز، وذلك دون التنسيق مع وزير الداخلية أو مع رئيس الحكومة، ولا حتى مع رئيس السلطة، وبدأ عناصر أبو شباك بعمليات استهداف لمجاهدي المقاومة وإشاعة أجواء من الفوضى والفلتان الأمني.
وأود أن ألفت الانتباه إلى أنّ رئيس الحكومة إسماعيل هنية كان وجّه كتاباً لرئيس السلطة “أبو مازن” في وقت مبكر من هذا العام يتضمّن معلومات عن المخطط الذي يعتزم التيار الانقلابي تنفيذه في قطاع غزة، ولكن للأسف لم يلق هذا التحذير من “أبي مازن” الاهتمام الكافي.
ولا ندّعي اكتشافاً إن قلنا: إنّ مخطط التيار الإنقلابي مرتبط بما بات يُعرف بمشروع “الفوضى الخلاقة” الذي تحاول الإدارة الأمريكية نشره وتعميمه في المنطقة، هذا المشروع الذي نشاهد آثاره الكارثية في العراق ولبنان.
مؤامرة لإزاحة حركة “حماس” من الحكومة
ـ هل هناك أطراف خارجية متورطة في هذا المخطط؟
خاطر: .. طبعاً هذا المخطط مرتبط بمؤامرة صهيو ـ أمريكية، تستهدف
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...