يا أبو جبل ما يهزك ريح!

حركة فتح تصر على أخذ لقب البطولة المطلقة في فلتان الشوارع وفلتان المكاتب وفلتان العمل الرسمي في آن معا. لا يكفي أننا في عهد سلطة فتح حللنا في مقياس الشفافية والفساد العالمي خلف دول مثل السودان وليبيا القذافي؛ لكن هناك إصراراً من منفلتي العمل الرسمي ومنفلتي الشارع على جلب العار والسبة لهذا الشعب المنكوب حتى الرمق الأخير!
أحد زعران مدينة نابلس وكبار المستقوين بالسلاح على العزل والجمعيات الخيرية ومنازل الآمنين قرر أخيرا أن يحصل على الثانوية العامة؛ إعداداً ربما لمستقبل نضالي يتبلور بعد عدة أعوام ويحوله إلى دحلان الضفة. ولأن الرجل مناضل ومشغول بالخطف والتخريب والحرق والنهب والسرقة فهو لا وقت لديه للدراسة؛ ولذلك فقد قرر ببراغماتية وفكر عملاني بحت أن “يأخذها من قصيرها” ويسرق الأسئلة حتى يتسنى له أن يجد من يحلها؛ ويعطيه الحل ليقوم هو بنسخه على ورقة الامتحان كربونيا – على اعتبار أن قدرات المناضل التعليمية متواضعة كثيرا جدا – فيتخرج أبو جبل ويتحول من مجرد أزعر إلى فارس للسيف والقلم!
حكومة الطارئين حاولت التخفيف من فداحة كارثة تسريب امتحانات الثانوية العامة في فلسطين للعام 2007؛ وعزت ما جرى من تسرب للأسئلة إلى سرقة السيارة التي تحمل أوراق الامتحانات على يد “مجهولين”! تخيلوا يا جماعة؛ حكومة طارئين لم تدع هي وميليشياتها بيتا أو ملكية خاصة أو عامة تمت لحماس بصلة إلا وآذتها بالاعتداء أو الحرق أو السرقة؛ وآذت البشر المتصلين بها بالضرب أو الاعتداء والخطف؛ ومع ذلك هي غير معنية بحماية امتحان الثانوية العامة وحماية جيل فلسطيني بأكمله!
يجب أن نتذكر أن ما حدث اليوم لم يحدث مثيل له منذ سبعة عشر عاما؛ أو منذ كان الاحتلال المباشر يحكم الضفة الغربية وقبل أن يستعيض بسقط المتاع من شعبنا ليكون أجيره فيها وكفيله! ما حدث كارثة ستذهب بعواطف وأعصاب الطلاب وأهاليهم؛ خصوصا وهم الآن يتابعون ما قد توسم به شهادات الثانوية العامة في فلسطين من نقص في الموثوقية؛ وما قد يتبع ذلك من طعن في اعتماد شهادات كليات وجامعات فلسطين؛ وكل ذلك فقط حتى تسيطر أجهزة أمن القرامطة على الأحساء ويفجر الزنج في البصرة!
في الماضي قام القرامطة لعنهم الله بسرقة البيت الحرام واختطفوا الحجر الأسود من الكعبة؛ وحج الناس عشرات الأعوام دون حجر أسود! والآن يأتي قرامطة فلسطين من كتائب تدنيس اسم المسجد الأقصى ويبيعون سمعة الفلسطيني كطالب مجد مجتهد تضرب به الأمثال؛ مقابل قروش يقبضونها من نقاط البيع في مخيم عين بين الماء في نابلس وغيرها من مراكز التوزيع!
الطريف في الأمر – إن كان هناك من شيء طريف فيه – أن ما حدث ينطوي على جانب إنساني ما؛ فأبو جبل قام منذ نحو أسبوع بتعيين أخيه مديرا لتربية نابلس؛ هكذا في الميدان بلا قانون أو بطيخ “احم” أو “دستور” – دستور العامية أو القانونية؛ لا يهم – وكذلك جرى طرد كل المدراء العامين الذين عينوا في عهد الحكومة المنتخبة وكل أعضاء المجالس البلدية المنتخبين الذين هم من حماس؛ وقرر بلطجية مثل أبو جبل تعيين محاسيب وأقارب لهم في تلك المواقع. فهل نستكثر على الأخ أن يجازي بالجميل جميلا ويمرر لأخيه تلك الأسئلة اللعينة التي تحول بينه وبين مستقبل زاهر؟ هل نلومه وهو يريد لأخيه أن يتخرج سريعا؛ لأن السباق على شغل موقع دحلان الضفة مستعر؟ لا بد أنه يعرف أن المنافسة على ذلك الموقع شديدة؛ ولا بد أنه يعرف أنه حين تتساوى السير الذاتية للمتقدمين بين ما أحرقوا وقتلوا وخطفوا – لا بد لهيئة التحكيم أن تنظر في معايير أخرى للتقييم؛ ولا شك حينها أن التخرج من الثانوية العامة سيكون فيصلا في الحسم بين أبو جبل ومنافسيه من المناضلين الآخرين!
فهنيئا لك يا سلام فياض بالعصرنة وقيم الدولة التي تبيعها علينا! “روح يا شيخ”…فالذي يراك وأنت ترسم لنفسك صورة رجل الدولة المهني الموضوعي يوشك أن يصدق أنك إنسان مسؤول؛ وأنك أكثر من “برطوشة” علاوية أو مالكية جيء بها لإنفاذ رغبات أمريكا والصهاينة لا في تكريس حقيقة احتلالنا وحسب؛ بل في سحق كياننا وشخوصنا وسرقة أهم ما ميز ويميز النوع الفلسطيني عربيا وعالميا!
مرت أيام كان فيها طلاب فلسطينيون يدرسون في كل جامعات العالم؛ وكان يصعب على طالب أو مدرس أو مبتعث من أي جنسية في الكون أن يكون لم يدرس مع فلسطينيين أو لم يدرسه فلسطيني…لكن في عهد فتح سنفقد حتى هذه الملكة وهذه الميزة؛ وسنصير على يد حكومة الطارئين – طارئي المكاتب أو الشوارع لا فرق – مثل باقي سقط الشعوب المترفة الذين يشترون الأسئلة؛ وينجح طلابهم تلقائيا؛ أو يحصلون على شهادات الدكتوراة فقط لأنهم من أبناء النظام؛ ومع أنهم لا يكادون يفكون الخط!
هناك ممثل كوميدي كويتي اسمه طارق العلي؛ وفي أحد مسرحياته يمثل دور أب يحض ابنه على الدراسة؛ فكان يلح على أن يحصل ابنه على المركز الأول في صفه؛ لأنه يدعمه ويوفر له كل أسباب النجاح والتفوق؛ ويسرد أسبابا كثيرة أخرى؛ لكن الذي فجر ضحكات الجمهور كان ما قاله العلي عن حتمية تفوق ابنه بعد تحسن ظروف المنافسة في مدارس الكويت؛ بسبب سفر “أولئك” الذين كانوا يحصلون على المركز الأول في كل الصفوف هناك دون منازع؛ وهو هنا يقصد الفلسطينيين الذين عادوا لبلادهم أو رحلوا عن الكويت بعد العام 1990.
للأسف يا طارق العلي؛ بفضل فتح وحكومة الطارئين وزعران النضال سيتحول أبناؤنا إلى طريق الجهل والفشل والاتكالية والضياع وقلة الاجتهاد؛ لكن دون أن يمتلكوا ترف ممارسة هذه الجاهلية ودون أن يكون لهم مسوغ من متاع الدنيا لتبرير هذا الانحراف. فقط حتى ينجح أبو جبل لتضِع فلسطين ولتسقط المدرسة والجامعة ولتحيا أجهزة الأمن والعصابة وحكومة الطارئين؛ ويا أبو جبل ما يهزك ريح!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...

السفير الأمريكي في إسرائيل يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد السفير الأمريكي لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مايك هاكابي، دعم واشنطن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم...

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...