الأحد 11/مايو/2025

الإعلام الفتحوي: أنا أكذب أنا موجود!

رشيد ثابت

هل تذكرون شخصية “أبو لمعة”؟

حسنا؛ أنا نفسي لا أذكره؛ بمعنى أنني لم أعرفه قديما لأتذكره حديثا؛ ولم أعرف عنه إلا حين صار تراثا؛ فهو شخصية فكاهية من سينما الأسود والأبيض؛ تميزت بطرافة إطلاق الأكاذيب “المحببة” – محببة طبعا بين قوسين – مما كان ينجح في استدرار الضحك المجاني من النظَّارة. صحيح أنه ضحك مجاني رخيص؛ الا أنه يمكن الجزم وفق نسبية الأمور أن أحدا لم يكن يقتل أو يجرح نتيجة تلك النكات؛ ولم يتم التستر بواسطتها على أبشع الجرائم.

هناك بالمقابل كذاب آخر اشتهر عالميا في التاريخ المعاصر من عهد ما قبيل حقبة “أبي لمعة”؛ وهو النازي الألماني المحنك “غوبلز”. غوبلز كان كذابا كبيرا ودمويا؛ وهو صاحب استراتيجية الدعاية الحربية أو البروباغندا القائمة على الكذب؛ فهو صاحب المقولة المشهورة: ” انك إن قلت كذبة كبيرة وواظبت على إعادتها؛ فإن الناس لا بد في النهاية ستصدقها”!

ورغم ما يبدو على “غوبلز” من قبح إلا أنه انسان حكيم وطني؛ وأيضا قاسي القلب! ما عليك إلا أن تدقق في بعض ما ينسب له من أقوال لتشهد له بذلك؛ فهو القائل: “إذا تعرضنا لاعتداء فسيمكننا الدفاع عن أنفسنا فقط بالبنادق؛ لا بالزبدة”! وهو القائل: “إذا جاء يوم وفرض فيه علينا نحن النازيين أن نرحل؛ فسوف ندفع الباب خلفنا ونصفقه صفقة ترتعد لها أطراف الكون؛ ويقف النوع الإنساني كله مشدوها يستشعر الغباء والحمق”!

إذا هناك كذابون ظرفاء؛ وهناك كذابون وطنيون جادون حكماء غلاظ قساة؛ فلأي من هذين النوعين ينتمي كذبة فتح؟

للنوع الثالث!

النوع الرديء الرقيع الذي منه مسيلمة الكذاب؛ وهو نوع يطلق أكاذيب قبيحة يبلغ من ركاكتها أنك تفكر في الضحك بها وبمطلقها؛ لكنك تتذكر قبح تلك الأكاذيب فتنحسر ملامح الابتسامة على وجهك إلى انقباضة تنبئ بالشعور بالقرف والإزدراء نحو الكذاب! الإزدراء سواء كان هذا الدجال هو مسيلمة أو حسين الشيخ أو نبيل عمرو؛ أو نائحة فتح المستأجرة لكل أخبار الشؤم والمواقف المنكودة: ياسر عبد ربه!

مسيلمة – نبي ربيعة الكذاب – قال لقومه أنه يتنزل الوحي عليه؛ وأنه مثل الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم جاءه كتاب؛ وفي ذلك الكتاب آيات شيطانية تقول: “يا ضفادع كم تنقين؛ أعلاك في الماء وأسفلك في الطين؛ لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين”!!!

ترى حتى لو نحينا النقل جانبا على سبيل الفرض؛ فهل يصح عقلا أن نصدق أن هذا الخبال والسفال وذلك الخرق هو من لدن منزِّل القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم؟! هل يجوز أن يوزن هذا الرغام بفصاحة آي الذكر الحكيم؟!

كذلك هو الحال مع كذبة الإعلام الفتحوي؛ فالجماعة فجروا في تحدي عقولنا وحواسنا على نحو فج للغاية؛ فهم وضعوا صورة الضفة التي أحرقت فيها مقار صحيفة فلسطين؛ واعتقل فيها مراسلو قناة الأقصى الفضائية؛ واختطف فيها مديرها؛ وأحرق فيها بيت مراسل الجزيرة في نابلس – وقيل له في اتصال هاتفي “خلي الجزيرة تنفعك”!!! – واسقطوا تلك الصورة كذبا على غزة؛ وقالوا أن حماس قمعت هناك الإعلام وصادرت الرأي؛ وحطمت مؤسسات المجتمع المدني!

ويبدو أنهم نظروا في صور الأنباء القادمة من نابلس وجنين وقلقيلية ورام الله والخليل ومختلف قرى الضفة الغربية حيث استقوى السلاح الجبان في اليد التي فيها السلاح يجرح – كما يقول المثل الشعبي المعروف! – وقرروا استثمار بشاعة القتل والاختطاف والاعتداء على المساجد والأملاك الخاصة والبيوت والأملاك العامة وكل ما يمت لحماس بصلة؛ وصوروا لأنفسهم أن كل ما يحدث في الضفة لم يحدث قط؛ وأن كل هذا الإجرام يحدث فعلا لكن في مكان آخر هو غزة القسام!

وبدل الحديث عن احراق منازل الأبرياء في الضفة – ومن ضمنها بيت أسير الشرعية ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز الدويك – فإنهم اخترعوا قصة نهب بيت ياسر عرفات في غزة!

وبدل الشعور بالعار والخجل؛ وبدل أن يجف ماء وجوههم من الاعتداء بالضرب على زوج الأسير الكبير جمال الطويل؛ وأم الاستشهادي عزالدين المصري؛ فإنهم توهموا كذبا قصة قيام حماس ببقر بطون الحوامل في غزة!

وسميح المدهون الذي قال قبل بعض يوم من هلاكه – وعلى أثير إذاعة الشباب الفتحوية! – أنه أحرق عشرين منزلا لأشخاص من حماس؛ وأنه سيقتل كل ما ينطق باسم حماس – سميح المدهون هذا غدا قائدا لكتائب شهداء الأقصى في القطاع؛ وصار بطلا مجاهدا سبق له الاستشهاد على يد العدو الصهيوني ثلاث مرات على الأقل حسب آخر عد في آخر جولة مزايدات!

فإن توقفت إذاعة “الشاباك” هذه المحرضة على القتل؛ وفر كوادرها المرجفون لعلمهم بسوء ما صنعوا – ان حدث هذا أتتهم حماس بقمع الحريات؟! هذا مع العلم أن إذاعات عدة لفتح والجهاد الإسلامي وأحزاب أخرى لا تزال تبث في القطاع المحرر من دنس مسيلمة بكل أجنحته العسكرية والسياسية؛ ودون أي قمع؟!

وهل يصح اعتبار توقف إذاعة مثل إذاعة الحرية المحرضة على الجريمة؛ وموقع الانترنت لوكالة “فلسطين برس”؛ والتي بلغ من حريتها وموضوعيتها أن موقعها كان محملا على جهاز خادم “سيرفر” في مبنى الوقائي في تل الهوى – هل يصح اعتبار ذلك عدوانا على الإعلام والحريات الصحافية؟!

ثم فيم الزعل على “بال برس” وقد أبدل الله فتحا بوكالة معا؟ معا التي صارت تنشر الرأي الفتحوي على أنه خبر؛ فجعلت من عفو كتائب القسام عن كل الخارجين على القانون في القطاع نتيجة وتبعا لتهديد رويبضات كتائب عملاء الهيكل لقادة حماس في الضفة بالقتل! مع أن العفو ورد في خطاب السيد إسماعيل هنية لليلة سبقت؛ وقبل أن يطلق جبناء السلاح تهديدهم الأرعن الجبان!

الكل على خطى مسيلمة إذا: من مسؤولي فتح؛ إلى النائحات المستأجرات؛ إلى معا؛ إلى فضائية فتح؛ والكل يكذب! لكن مسيلمة تفوق بأنه كان له أتباع حمقى مشوا معه إلى آخر الطريق؛ وقالوا بكل استعلاء أهل الحمق: “كذاب ربيعة خير من صادق مضر” – صلى الله على النبي العربي المضري وسلم تسليما كثيرا؛ وخسئ الأفاك المبير مسيلمة!

أما ورثة مسيلمة من الفئة الباغية في فلسطين فلن يجدوا أحدا من “ربيعة” يصدق ما تبثه أبواقهم؛ اللهم إلا أن يكون مخبرا معتقا أو مستجدا في سلك المخابرات؛ أو مخبولا ذهبت الخمر بعقله!

وسيبقى سواد فلسطين مع مضر؛ ومع النبي العربي من مضر؛ ومع حملة لواء الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ من الشباب الوضيئين والغر المحجلين؛ شباب الحركة الإسلامية؛ رضي ورثة شيطان اليمامة أم سخطوا!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات