الأحد 11/مايو/2025

فتح التي لا تتعلم من أخطائها..!!

لمى خاطر

كما هو حالها منذ أن فقدت بوصلتها الأصيلة وأسلمت زمام أمورها لتيار مغيب للأجندة الوطنية فإن فتح ما انفكت تقارف الخطأ وتصر عليه ولا تتحول عنه حتى بعد أن يتبين لها حجم آثاره الكارثية عليها!

فتح التي تحرك الآن عصابات تمارس القتل والتخريب والخطف والحرق والسلب في وضح النهار وعلى مرأى من جنود الاحتلال في الضفة لم تدرك بعد مدى الأثر السلبي الذي سيخلفه هذا السلوك المشين عليها كتنظيم وعلى شعبيتها ومستقبلها، وفي المقابل حجم الأثر الإيجابي على خصمها المستهدف (حماس) على المدى القريب والبعيد.

تظن فتح – لجهلها بحماس – أن ما تقوم به هو الرد الأمثل على صنيع القسام في غزة الذي خلص القطاع من هاجس الفلتان وشبح الإجرام ورائحة الموت اليومية، وتظن تلك العصابات فاقدة الهوية والهدف التي تجوب شوارع الضفة مستقوية بالاحتلال أنها في طريقها لكسر شوكة حماس الضفة وإضعافها والخلاص منها ليستتب بعدها الأمر لإمبراطورية فتح وسلطتها الجديدة المستمدة شرعيتها من اعتراف صهيوأمريكي بحكومتها!

ويبدو أن فتح لم تتعلم بعد – لجهلها بحماس أيضا – ما الذي تصنعه المحن بحماس، وكيف أنها على مدار السنين كانت محطات هامة لتمحيص صفوف الحركة وتصليب عودها الذي تصقله التحديات والصعاب ليعود منتصباً راسخ الجذور وليكون لتجاربه الصعبة ما بعدها من انفراجات كبيرة ونقلات نوعية.

هل دار في خلد فتح يا ترى ما هو شعور المواطن العادي وهو يشاهد أفرادها يفردون عضلاتهم ويشهرون سلاحهم الجبان في وجه العزل من أبناء حماس ويصبون نقمتهم الهمجية وغير المبررة أبدا على مؤسسات وجمعيات مدنية واجتماعية وثقافية وإعلامية وعلى دور القرآن ورياض الأطفال وعلى الممتلكات الخاصة لأبناء الحركة والمقربين منها؟!

هل سألت نفسها عما سيقوله الناس وعن الفكرة التي ستنطبع في أذهانهم وهم يرون (مغاويرها) يستفيدون من وضع صنعه الاحتلال في الضفة بإضعافه حضور حماس وتغييب قادتها ومعظم كوادرها خلف القضبان؟

هل سألت نفسها عن مغزى استهدافها الشخوص نفسهم والمؤسسات نفسها التي طالما استهدفها الاحتلال؟! وهل فكرت في معنى تلك الرسائل الرعناء التي يطلقها زعران الضفة بكل صفاقة وجهل وابتذال؟! وهل وقفت قليلاً على حجم المفارقة الشاسعة بين موقف قسام غزة الذي عفا عن خصومه رغم قدرته على النيل منه وبين موقف شراذم التشكيلات المسلحة التي تسير على غير هدى في الضفة وهي تستهدف من لم يكونوا أبداً طرفاً في مواجهة معها وتتفنن في الانتقام منهم مستغلة طول يدها وصبر خصمها؟!

مؤكد أن فتح الآن ومؤكد أنها غداً وبعد غد لن يعنيها شيء مثلما سيعنيها أن تشفي صدرها من خصمها السياسي وأن تفرغ كل أحقادها القديمة والجديدة في جسده المخضب بالجراح حتى لو وصل الأمر بها إلى أن تسلم رقبتها مجدداً للقادة أنفسهم الذين كانوا سبب بلائها في غزة والذين تسببت أجندتهم وولاءاتهم المشبوهة في انحراف الحركة حتى وصلت إلى الهاوية، وإلى أن تنصب في واجهة حراكها النوعية ذاتها من أفراد العصابات التي ارتكبت باسمها أبشع الجرائم في غزة وتاجرت بالمقاومة والوطنية بعد أن خلعت على نفسها ما شاءت وطاب لنفسها من مسميات وألقاب ما عادت تنطلي على أحد أو تفلح في تضليله عن حقيقة وجوهر من يتقنع بها!!

وليت الأمر وقف عند هذا فقط.. بل إن فتح آثرت أن تبدأ عهدها الجديد في الضفة بعربدة قانونية واضحة ستكرسها كنظام قمعي دكتاتوري، وآثرت ألا تجهد نفسها هذه المرة في إخفاء حقيقة اشتراكها في حصار غزة وتحريضها على ذلك والدفع علناً باتجاه حدوث تمرد أمني فيه وقطع كل الصلات معه والتعامل معه كقطعة من الأرض منبوذة ومكروهة، وكأنها نسيت أن لها جمهوراً في غزة سيتأثر بأي شكل من أشكال الحصار السياسي والاقتصادي.. وسينقم عليها بالتالي قبل أن ينقم على حماس أو يحملها المسؤولية.

وفتح اليوم إذ تحرق كل سفنها وتجد نفسها أمام استحقاق الشرعية التي ستمنحها أمريكا وإسرائيل والمجتمع الدولي لها تكون قد حيدت من برنامجها كل الاعتبارات الوطنية ورهنت نفسها مجدداً للاشتراطات والإملاءات الخارجية، بل ولعل فاتورة الحساب التي سيتعين عليها دفعها هذه المرة ستكون مضاعفة وستصرف كلها من رصيد المقاومة وحقوق شعبنا وثوابته!

أما حماس فستنحاز أكثر نحو هموم شعبها وثوابته وستلتصق بشكل أعمق بنبض الجماهير وصوتها، وستخوض مجدداً معركة صمود طويلة في غزة وامتحان صبر وعض على الجراح في الضفة أثبتت التجارب أنها لا تخرج بعده إلا أقوى شكيمة وأصلب عوداً وأحصن صفاً لتحقق على الأرض مزيداً من الإنجازات وتتبوأ مكانة في المشهد الفلسطيني وكل معادلاته ثابتة وراسخة ويصعب إزاحتها عنها!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات