الأحد 11/مايو/2025

خيار الحسم العسكري وحده غير كافٍ يا حماس !!

وائل كريم

ثمة تساؤل يطرح نفسه الآن و نحن في هذه الظروف العصيبة منطلقين في تساؤلنا هذا من حرصنا الشديد على خيارنا و على من ارتضينا أن يقوموا على أمرنا بعد تلك المعارك الشرسة التي تدور الآن في شوارع و أزقة قطاع غزة نتساءل هل خيار الحسم العسكري يكفي الآن ؟

حتى نجيب على هذا السؤال يجب أن نعي جيداً الأبعاد الحقيقية لما يجري الآن فتآمر الأعراب من تيار الاعتدال العربي ووسائل إعلامهم القذرة و المشبوهة يدفعنا لنقف الآن مع أنفسنا وقفة جادة نقيم فيها ما يجري و نحلل السناريوهات القادمة التي باتت تلوح في الأفق بعد تصريحات برهان حماد اليوم و بعد ما تردد في بعض الصحف العربية من مقالات مرجفي هذه الأمة من نخب الخزي و العار !!

جميعنا يدرك حقيقية ما يجري الآن و جميعنا يدرك أن ما يجري ليس سوى صراع وجود خضناه قبل ذلك ألف مرة و سنخوضه بعد ذلك ألف مرة فالذاكرة الفلسطينية ما زالت حتى الآن قادرة أن تسترجع كل تلك المراحل القاسية التي خضناها و نحن ندافع عن القرار الفلسطيني المستقل و عن حقوقنا و ثوابتنا و ما زلنا و سنبقى أبد الدهر أوفياء  لتلك الدماء الذكية التي سقطت و نحن نخط ملامح الفجر الذي لطالما انتظرناه .. كل تلك التضحيات و كل تلك الدماء الطاهرة يُراد لها أن تذهب هدراً بفعل فئة قذرة عميلة ارتضت أن تكون مجرد أذرع للشيطان و أن تسلمه فلسطين على طبق من فضة ..

كل هذا نعلمه و ندركه جيداً لكن سيناريو آخر يُراد له أنه يروي تفاصيل ما يجري الآن ليصبح هذا الصراع الذي نخوضه دفاعاً على أرضنا و كرامتنا و حقوقنا في وجه أذناب الاحتلال مجرد صراع كراسٍ و مناصب بين فئتين متساويتين في الإسفاف و الطهارة ! فنغدو مجرد شعب بائس سلط الله عز و جل عليهم من يهدر دمائهم و يهتك أعراضهم تحقيقاً لمصالحه الخاصة و من ثم يأتي دور الخيارات البديلة !!!

لا يخفى على أحد طبيعة هذه الخيارات البديلة فأقطاب الاعتدال العربي من أذناب و سوءات الأمريكان و الصهاينة لن يرضيهم مطلقاً أن تصبح غزة ” منطقة حمساوية مغلقة ” فالظروف الإقليمية و الصيف القادم الملتهب يلزم أعراب الاعتدال العربي أن يحاربوا وبكل ضراوة حتى لا يتحقق هذا الوضع المخيف لهم و لأسيادهم ..

سيطرة حماس على غزة تعني و بكل بساطة أن معادلات الصراع كلها قد اختلفت الآن بكل ما تحمله الكلمة من معنى إن كان ذلك على صعيد صراعنا مع الصهاينة أو على صعيد المعادلة الإقليمية و الدولية !

و في سبيل منع هذا الكابوس من أن يصبح حقيقة سيلجأ أقطاب الاعتدال لتنفيذ ما رددته نخب الخزي و العار في الفترة الأخيرة و ستكون القوات العربية أحد تلك الخيارات المطروحة تحقيقاً للأمن و الأمان للمواطن الفلسطيني البائس ولجماً لتلك القيادات المراهقة التي لا تعي هموم مواطنيها و شعبها و تتقاتل على لا شيء أو على فتات !!

حتى لا نستغرق كثيراً في التفاصيل كثيراً أعتقد أن جميعنا يدرك بجلاء خطورة تحقق هذا السيناريو إن كان على حساب الصراع مع الصهاينة أو كان على حساب صورة حماس في قلب ووجدان المواطن العربي بوصفها التجربة الأولى للإسلام حين يحكم إلى غير ذلك من الأجندات و المؤامرات التي يُراد تنفيذها من خلال تلك القوات العربية .. كل ذلك يدفعنا لنتساءل هل خيار الحسم العسكري يكفي يا حماس ؟

يجب أن ننظر اليوم إلى أن قوة حماس لا تنحصر في شقها العسكري فقط بل إن لحماس اليوم قوتها السياسية المخيفة .. فبعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية و تشكيلها للحكومة العاشرة و حكومة الوحدة باتت حماس صاحبة مكانة و ثقل في المشهد السياسي الفلسطيني بما يحمله هذا الموقع من حقوق و واجبات من هنا يجب على الإخوة في القيادة السياسية لحركة حماس أن يعوا جيداً حقيقية و حجم موقعهم في هذا المشهد السياسي و أن يكونوا على يقين أن هناك من القوانين ما يمكنهم إعمالها بوصفهم جهة شرعية تنفيذاً لسيادة القانون و حفاظاً على حقوق و مكتسبات هذا الشعب ..

من هنا أعتقد و بيقين تام أنه من واجب الإخوة في المجلس التشريعي و الأخ رئيس الوزراء أن يضطلعوا جيداً بواجباتهم و أن يقوموا بها على أكمل وجه فالقانون الأساسي و القوانين الأخرى بها من المواد الصريحة و الضمنية ما يمكن استغلاله لتحقيق الشرعية و سيادة القانون و نحن في ذلك لا نغتصب سلطة أحد ولا نعتدي على حقوق أحد بل نسعى لإعمال القانون و تنفيذ الشرعية و تحقيق مصالح هذا الشعب ..

و في سبيل ذلك يجب على المجلس التشريعي الفلسطيني أن يتخذ ما يرتئيه من قرارات تضمنها له القوانين كمثل تشكيل لجنة تقصي حقائق و من ثم تُرفع توصيات تلك اللجنة للمجلس لاتخاذ القرار المناسب إعمالاً للمادة (45) من القانون الأساسي الفلسطيني و هناك العديد من الصلاحيات سواء أكانت للسلطة التشريعية أو للسلطة للتنفيذية مما يضمن تحقيق الشرعية فنحن نعيش في كنف نظام شرعي يملك من الصلاحيات و الوسائل ما يمكنه تطبيق سيادة القانون في وجه كل من يفكر بالعبث بمصير و مؤسسات هذا الشعب ..

هكذا فقط يمكن للسياسة أن تحصد ما زرعه السيف و هكذا يمكننا أن ندافع عن قرارنا و خياراتنا في وجه كل أعراب الخنى و الاعتدال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات