الأحد 11/مايو/2025

حماس… وما بعد سديروت ؟!

خالد معالي

هل حركة حماس ستدخل مرحلة جديدة بعد ما أثبتت قدرتها الفائقة وتميزها في ضرب مغتصبة سديروت بصواريخ القسام، والتي جعلت  أحد الصهاينة مثل “زئيف شيف” يعتبر أن حماس انتصرت في أحلك صولات وجولات المعركة الطويلة مع الاحتلال، وذهب إلى أبعد من ذلك بقوله “ لقد وقع لإسرائيل في هذه البلدة سديروت ما لم يقع للدولة العبرية منذ حرب 1948، حيث يتمكن العدو من استنزاف مدينة كاملة وان تتوقف الحياة فيها ويدفع رئيس بلديتها لليأٍس وان منظر العجائز وهم ينزلون من الحافلات يعودون بيأس إلى سديروت ولا تتوقف الصواريخ إنما يدفعنا للاعتراف بان ما يحدث هو محنة قومية شديدة ” فهل بقي هناك كلام لصغار القوم وقصار النفس الذين يعتبرون المقاومة غير مجدية وأن صواريخها عبثية  بعدما شهد شاهد من أهله.

 ويضيف المحلل العسكري الصهيوني الشهير زئيف شيف”  إن حماس خلقت ردعا موازيا للردع الإسرائيلي وعلقت إسرائيل في هذا الردع العسكري مع غزة التي تحكمها حماس .وهي هزيمة وطنية صعبة لإسرائيل ومن وجهة نظري أقسى من هزيمة إسرائيل في حرب لبنان الثانية” . هكذا يتضح إلى أي مدى استطاعت حركة حماس أن تربك الاحتلال وتجبره على الاعتراف بقوة وقدرات المقاومة على زعزعة نظرياته الأمنية واستقرار كيانه المزعوم الماضي إلى زاول ولو بعد حين.

المؤشرات السابقة تعتبر ضربة في صميم القلة القليلة من المزاودين الذين لا يرون في حركة حماس غير حركة تتصارع مع حركة فتح على الكراسي والمغانم، فلو كانت حماس تبغي الكراسي لحصلت عليها بدخولها اوسلو منذ زمن بعيد، ولما قدمت خيرة قادتها ومؤسسيها ثمنا لحرية وعزة وطهارة أرض الإسراء والمعراج، ومن الخطأ القول إن الذي يجري هو صراع فئة باغية مع حركة حماس ، لأن الفئة الباغية هي فئة مؤمنة التبست عليها الأمور وهذا لا ينطبق هنا، وما يجري في قطاع غزة من الخطأ نسبته أيضا كصراع بين حركة فتح وحركة حماس، فالصراع واضح وجلي وهو بين حركة حماس وما بين فئة متنفذة مدعومة لها أجندتها الخارجية، وتدور في المنظومة الدولية التي تقود دفتها السيدة رايس، ولا تتورع عن فعل أي شيء من المحرمات  لضرب حركة المقاومة الإسلامية الشوكة المشاكة في حلق المتأمركين والمتصهينين، فلا هم عادوا يقدرون على نزعها ولا هم عادوا يقدرون على بلعها.

حركة فتح التي قدمت آلاف الشهداء والأسرى على مذبح الحرية يدها أطهر وأنقى من أن تطلق النار على الشرفاء المناضلين والمجاهدين الأبطال من حركة حماس، ونسبة القلة القليلة من الفئة المرتزقة والمنتفعة إلى حركة فتح فيه تجنٍ على حركة عملاقه تاريخها يشهد لها، وما هي إلا غفوة وسهوة بسيطة تمر فيها حركة فتح سرعان ما ستستفيق منها وتزول وبعدها ستلفظ كل من أساء إلى بندقيتها وسمعتها ونضالاتها الشريفة، وهذه ما تؤكده حقيقة الوقائع الجارية على الأرض ومسبباتها والتي ما عادت تخفى على أحد. عندها سنرى المقاومة المكونة من حركتي فتح وحماس تتقدم درجات متسارعة في دحر الاحتلال عن الضفة كما تم دحره عن غزة هاشم بعدما أصبحت كلفة مواصلة احتلاله لغزة مكلفة وغير مجدية على يد المقاومة الباسلة.

أذكر تصريحا لأحد قيادات السلطة في عهد اوسلو بأنه سيقتلع حماس من جذورها فهل اقتلعها…؟! على ما يبدو أن العكس قد حصل، فقد بقيت حركة حماس قطوفها دانية يأكل منها ويستظل بها كل مظلوم وحيران وغيور على شرف وعزة وطنه، وبقيت حركة حماس أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن بها، فمن الحجارة إلى حرب السكاكين على يد عامر أبو سرحان إلى الكمائن إلى العمليات الاستشهادية إلى صواريخ القسام التي تدق دولة الاحتلال صباح مساء وتمرغ أنفه في الطين والتراب، إلى عملية الوهم المتبدد التي بددت أسطورة الاحتلال الذي ثبت أنه أوهن من بيت العنكبوت، إلى كسر نظرية الأمن الصهيوني بإفراغ مدينة كاملة مغتصبة “سديروت” من سكانها.

الاحتلال جرب في شعبنا كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا وعالميا، وما سيفعله في المستقبل من ابتداع واستحداث طرق إجرامية جديدة لن تخرج عن إطار معرفة شعبنا بها، هو لا يريد أن يفهم أن وجوده هو أصل المشكلة وأنه بخروجه وبزواله ستزول معه أسباب العمليات والمقاومة، صحيح أن الاحتلال لديه القوة والقدرة على الانتقام والإجرام، وهذا ما يمارسه عادة وليس بالجديد على الفلسطينيين، وقد مارس الكثير منه ضد حماس، وكل مرة كانت تخرج حماس أقوى وأكثر عافية، ومهما أجرم الاحتلال في غزة فإنه لن يستطيع التخلص من عقدة القسام باعتراف قادة جيشه، صحيح أنه لا مجال لموازين القوى المادية ومقارنتها هنا، مع أنه مثلا في فيتنام كان يسقط جندي أمريكي قتيل مقابل 200فيتنامي، وشعبنا يقدم سبعة شهداء مقابل قتيل صهيوني، ووصلت أحيانا إلى شهيد مقابل قتيلين صهيونيين مع نهاية عام 1992 وبداية عام 1993، ولكن هناك قوى تملكها فصائل المقاومة، من إرادة وعزيمة وإيمان وإصرار على رفع الراية وإن سقط القادة، وما حققته وما ستحققه كتائب القسام  كما عودت شعبها من نقلات نوعية في تطوير وتحسين أداء المقاومة لا يمحى من الذاكرة وسيسجل لها بحروف من ذهب على مر التاريخ .

المشهد الفلسطيني بات الآن أكثر وضوحا، هناك حركة مقاومة إسلامية مصنفه كحركة إرهابية عند الغرب، تقود بكل فخر واعتزاز سفينة شعبها نحو الحرية والكرامة، هذا المقطع من المشهد لا يروق لأمريكا والاحتلال وصنائعهم، حاولوا قطع المشهد بالخنق والحصار والقتل والتدمير لكنهم خرجوا خائبين، الآن استخدموا وما زالوا يستخدمون آخر ورقه لديهم ويحرقونها وهي فضح عملائهم وأتباعهم وكشفهم عرايا أمام شعبهم بتوجيه الأوامر إليهم لافتعال حرب أهلية، ولكن كتائب القسام وكما عودت شعبها قلبت السحر على الساحر بضرب مغتصبة سديروت، فما عاد الزمن يلعب لصالح الاحتلال، وما عاد ما بعد مغتصبة سديروت بعيدا عن الفعل القسامي الباهر، فالأيدي المتوضئة ذات العقول المتنورة وبتوفيق من رب الألباب قادرة على دك ما بعد مغتصبة “سديروت “… ويسألونك متى هوقل عسى أن يكون قريبا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات